الموسيقى وثالوث إدارة الأزمات البيئية

في يوم 15 مايو، 2023 | بتوقيت 6:46 م

كتبت: بقلم /ا.د ريهام رفعت

إن الموسيقى كواحدة من الفنون يُمكن أن تأسر وتسلّم وتخلق شعورًا للمجتمع للاهتمام بالمشكلات البيئية والعمل على اتخاذ السلوكيات التي تحد من ظهور تلك المشكلات وفي إطار الحركة البيئية نجد أن الفنان يستهدف تنمية الوعي بقضايا البيئة من خلال الفن الموسيقي بجانب الهدف الأول وهو إمتاع الجمهور بالإيقاع والألحان ، فبعض الفنانين قد يختارون دمج المدافعة البيئية في أعمالهم الموسيقية لكن لا يمكنهم ضمان تحقيق ذلك؛ فقد يُفسر جمهورهم الموسيقى بطرق أخرى، من أجل ذلك يأمل بعض الفنانين أن تتمكن موسيقاهم من الوصول إلى جماهيرهم وإلهامهم بها من خلال الانفتاح على الطبيعة والاستدامة والقضايا البيئية مع الاعتراف بصعوبة تحقيق هذا وإنها أشبه بالمهمة المستحيلة حيث لا يرغب بعض الفنانين القيام بها لأنها تقع خارج عملهم الأساسي وفى إحدى الدراسات حول الموسيقى كأداة للتربية البيئية والمدافعة ووجهات نظر فنية للموسيقيين من أجل الكوكب ذكر الباحثون أن التربية البيئية تُعد أداة أساسية في الجهود الإنسانية لمعالجة القضايا البيئية، وأنه يُمكن أن تقوم الفنون في توفير بعض العناصر المؤثرة في التربية البيئية مثل تنمية العواطف والقيم والدوافع التي تدفع السلوك البيئي المسئول ويبقى السؤال مطروحًا كيف يمكن إدارة الازمات والكوارث من خلال الموسيقى البيئية.

لقد توصل العلماء إلى ثلاث نُهُج للموضوعات البيئية في المنتجات الثقافية بصفة عامة والموسيقى بصفة خاصة يمثل النهج الأول نهاية العالم وهو النهج المثير للانزعاج تجاه الموضوعات البيئية حيث يرسم صورة للأزمة البيئية المروعة؛ والتي أعرب عنها آل جور في فيلم الحقيقة المزعجة والتي حاول الفيلم من خلالها إثبات ثلاث نقاط أساسية وهى أن التغيرات المناخية حقيقة واقعة، وأن تأثيرات التغيرات المناخية سوف تكون مأساوية، وأن التعامل مع هذه المشكلة لابد أن تكون على رأس أولوياتنا وبعد أن عرض آل جور قضيته بشأن التأثيرات المأساوية المحتملة الناجمة عن تغير المناخ، ذهب إلى الكشف عن الحل والذي يتلخص في ضرورة تبني العالم أجمع لبروتوكول كيوتو، الذي يهدف إلى تخفيض انبعاث الكربون في الدول المتقدمة بنسبة 30% بحلول عام 2010 وفي ذروة هذا العمل يزعم آل جور أن أجيال المستقبل سوف تُحاسبنا لأننا لم نُلزم أنفسنا بالتقيد ببروتوكول كيوتو، أما النهج الثاني فهو الحنين والذي يُناشد الإحساس الرومانسي بالحنين إلى الماضي، والطريق إلي القيام بذلك هو جذب قوة الذاكرة، وهي منطقة معروفة يكون فيها للموسيقى دور فعال. لقد تفقد سيمون شاما مغزى الثقافة للمحيط الصوتي من خلال أساطير الماضي والحاضر، وفي رأيه أن المناظر الطبيعية هي جزء لا يتجزأ من هوياتنا الثقافية وحاضرنا، كما أنها مطبوعة في ذاكرة ثقافاتنا المشتركة وكذلك في ذاكرتنا الفردية، إنه لا يفصل الطبيعة عن الثقافة بل بالأحرى ينظر إليهم أنهما يُكملان بعضهما البعض فالمحيط الصوتي الحقيقي والمحيط الصوتي للعقل” الذاكرة ” يعطيان الفرد الشعور بالوطن. وأخيرا يتمثل النهج الثالث في النهج الجمالي حيث يُشجع علم الموسيقى البيئية الاستدامة من خلال فلسفة الجمال وهو النهج الجمالي للاستدامة، فيمكن أن يُطلب من الإنسان التفكير في نوع العالم الذي يريد أن يعيش فيه وما هي صفاته الجمالية، والهدف هو تشجيع الأفراد على التفكير في الجمال والصوت والموسيقى لتحقيق الاستدامة والحفاظ على المعالم الجميلة، وتعتمد فلسفة الجمال على رفض فكرة أن بقاء الإنسان يعتمد على الموارد الطبيعية، حيث أن الدافع وراء التقدير الجمالي المُتعة التي قد يستمدها الإنسان من عناصر الطبيعة وليس مجرد البقاء على قيد الحياة. وهكذا سيكون ثالوث إدارة الأزمات البيئية من خلال الموسيقى طريق النجاة لعالم أفضل.


أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي
[email protected]