التحديات التشغيلية والمالية في توزيع الكهرباء

يظهر تحليل البيانات الخاصة بالشرائح المختلفة من عملاء شركات توزيع الكهرباء تفاوتًا كبيرًا في نسبة كل شريحة من المشتركين، حيث ان الشرائح ذات الاستهلاك المنخفض، التي تمثل نسبة كبيرة من المشتركين، تساهم بشكل محدود في الإيرادات وتزيد من التحديات التشغيلية واعباء الدعم الحكومى، بالإضافة إلى ذلك، الشرائح التي لم تقم بشحن كارت الكهرباء أو التي لديها عدادات ومقرؤة بصفر او مؤجلة او المفصول عنهم التيار ، يمكن أن تؤثر سلبًا على كفاءة الشبكة وتفرض عبئًا إضافيًا على الشركات بسبب عدم تحقيق أي إيرادات منها، مما يسمح بزيادة نسبة الفاقد الكهربائي لاستخدام طرق غير قانونية.

والشرائح ذات الاستهلاك المتوسط والعالي، رغم أنها تساهم في تحسين الإيرادات، إلا أن نسبة مساهمتهم تحتاج الى مراجعة لتعظيم الايرادات .

ومن الجدير بالذكر انه خلال فترة خدمتي في قطاع الكهرباء، قدمت عدة مقترحات لحلول تهدف إلى تحسين كفاءة الأداء والتعامل مع التحديات التي تواجه شركات توزيع الكهرباء ومن بين هذه المحاولات، صدر قرار رقم 263 لسنة 2015 بتاريخ 29/6/2015 بتشكيل لجنة دائمة لمراجعة كشوف المشتركين وكانت هذه اللجنة برئاستي وعضوية القطاع التجاري لشركات التوزيع التسعة، وتم تحديد مهام واضحة لهذه اللجنة بهدف تحسين دقة البيانات وتحقيق عدالة في التعامل مع المشتركين.

وبعد عقد أول اجتماع للجنة، صدر قرار آخر برقم 311 لسنة 2015 بتاريخ 16/8/2015 بإلغاء القرار الأول، دون تقديم أي أسباب واضحة لهذا الإلغاء. ورغم ذلك، تستمر الحاجة إلى مناقشة التحديات القائمة واقتراح حلول فعالة لمواجهتها، خصوصًا في قطاع الاستخدام المنزلي للكهرباء ومع بوادر تغييرات مرتقبة.

وفى هذا المقال يتم التركيز على تحليل الشرائح المختلفة للاستهلاك المنزلي للكهرباء وتأثيرها على شركات التوزيع التسعة. ويُلاحظ أن نسبة الشرائح التي تشكل عبئًا ماليًا وتشغيليًا تتفاوت بين الشركات، حيث تصل هذه النسبة إلى 70% في بعض الشركات، بينما تكون أقل في شركات أخرى ، ويهدف هذا التحليل إلى تسليط الضوء على هذه الشرائح وتقديم توصيات للتعامل معها بفعالية.

تحليل الشرائح المختلفة:

• الشريحة الاولى  من 0 – 50 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين : 3,075,445

• النسبة : 8.7%

• التأثير:  هذه الشريحة  ذات الاستهلاك المنخفض تمثل تحديًا كبيرًا بسبب قلة الإيرادات الناتجة عنها مقارنة بالتكاليف وبالتالى زيادة الدعم المقدم لهذه الشريحة.

• الشريحة الثانية  من 51 – 100 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين : 2,917,404

• النسبة  : 8.3%

• التأثير:  مثل الشريحة  السابقة، تقدم هذه الشريحة  إيرادات محدودة، مما يزيد من العبء المالي على الشركات وكذلك زيادة الدعم المقدم لهذه الشريحة.

• الشريحة الثالثة  من 1 – 200 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين : 10,686,802

• النسبة : 30.3%

• التأثير: هذه الشريحة  تمثل أكبر شريحة من المشتركين، مما يعكس أن معظم العملاء يستهلكون كميات محدودة من الكهرباء، لكن حجم هذه الشريحة  يشكل عبئًا على الإيرادات حيث أن الإيرادات المحققة منها قد لا تغطي تكاليف الخدمة علما بان هذه الشريحة ايضا تقع فى حيز الدعم الحكومى.

• الشريحة الرابعة  من 201 – 350 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين : 6,905,677

• النسبة : 19.6%

• التأثير: هذه الشريحة  تأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد المشتركين، وتساهم بشكل ملحوظ في الإيرادات، لكن التكاليف المرتبطة بخدمتها تبقى تحديًا وتقع ايضا فى حيز الدعم الحكومى.

• الشريحة الخامسة من 351 – 650 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين  : 2,565,526

• النسبة : 7.3%

• التأثير : العملاء في هذه الشريحة  يستهلكون كميات كبيرة نسبيا بالمقارنة بالشرائح الادنى، ما يجعلهم مصدرًا مهمًا للإيرادات، لكنهم لا يمثلون سوى نسبة صغيرة من المشتركين وايضا تقع هذه الشريحة فى حيز الدعم الحكومى.

• الشريحة السادسة  من 1 – 1000 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين  : 584,040

• النسبة : 1.7%

• التأثير:  هذه الشريحة  تمثل استهلاكًا جيدا ، ومصدرا للايرادات الا انها قليلة العدد فى البيان مما يجعل تأثيرها محدودًا على الإيرادات الإجمالية ، وتحتاج الى مراجعة بالشركات والتحقق من الاستهلاك والتركيز علي هذه الشريحة وما بعدها بدلا من استنفاذ الجهود مع الشريحة الاولى والثانية.

• الشريحة السابعة  أكثر من 1000 كيلو وات ساعة شهرياً:

• عدد المشتركين : 332,061

• النسبة : 0.9%

• التأثير: تمثل هذه الشريحة  العملاء ذوي الاستهلاك الاعلى بين الشرائح وتكاد تغطى التكلفة المعقولة، لكنها تشكل أقلية صغيرة من العملاء، وبالتالي تأثيرها محدود على الايرادات الاجمالية. ومن البديهى ان هذه النسبة يجب ان تراجع حيث من غير المعقول ان فى مصر نسبة 2.6% فقط تقع فى الشريحة السادسة والسابعة مع حالات الترف التى نراها .

 

تحليل الشرائح الخاصة والتى تحتاج الى تحقق ومراجعة ميدانية:

• المقرؤ بصفر:

• عدد المشتركين : 2,049,004

• النسبة : 5.8%

• التأثير:  تشير هذه الشريحة  إلى المشتركين الذين لم يتم تسجيل أي استهلاك لهم، مما يشكل تحديًا في تحصيل الإيرادات ويزيد من نسبة الفاقد وتحتاج الى المراجعة الميدانية.

• المغلق:

• عدد المشتركين : 1,504,700

• النسبة : 4.3%

• التأثير: يشير إلى توقف الإيرادات من هؤلاء العملاء بسبب إغلاق اماكنهم وعدم الوصول اليهم .

• المؤجل:

• عدد المشتركين : 320,406

• النسبة : 0.9%

• التأثير:  يؤثر على التدفقات النقدية للشركة بسبب تأجيل تحصيل الإيرادات.

• فصل التيار:

• عدد المشتركين : 176,745

• النسبة : 0.5%

• التأثير: يمثل هؤلاء العملاء عبئًا إضافيًا بسبب انقطاع الإيرادات وحاجة الشركة لمتابعة تحصيل الديون.

• لم يقوموا بالشحن للعدادات مسبقة الشحن:

• عدد المشتركين : 4,137,058

• النسبة : 11.7%

• التأثير: يمثل هذا تحديًا كبيرًا في تحصيل الإيرادات حيث لم يقم هؤلاء العملاء بشحن كارت الكهرباء، مما يزيد من الفاقد المالي.

التحديات والإجراءات المقترحة:

وبالتالى عند اضافة الشرائح الخاصة الى الشريحة الاولى والثانية يتبين ان نسبة المشتركين تصل الى 40.2 % وهى نسبة ليست بالقليلة على مستوى جميع الشركات التسعة بينما تتراوح هذه النسبة لبعض الشركات لتصل الى 70 % وهو ما يعنى ان شركة التوزيع تقوم بتحصبل ايراداتها من 30 % من المشتركين .

ونظرا لان هذه المجموعة تمثل عبئًا ماليًا وتشغيليًا وتشكل تحديا كبيرا لشركات التوزيع للتحكم في نسبة الفقد ونسبة التحصيل وللعمل على زيادة الكفاءة، يجب اتخاذ حزمة من الاجراءات الصارمة مثل:

• تحسين نظم قراءة العدادات : لتقليل الفاقد الناجم عن قراءات غير دقيقة ولا يكتفى بشركة شعاع او فنى قراءة العداد وتطوير الحصول على القراءة بطرق تكنولوجية اكثر تقدما او طريقة حساب اخرى.

• استخدام العدادات الذكية التي يمكنها تقديم قراءات دقيقة وفعالة وخاصة عند المشتركين بالشرائح العليا

• زيادة كفاءة تحصيل الإيرادات: من خلال تعزيز عمليات المتابعة والتحصيل وابتكار طرق اكثر فاعلية.

• تطبيق حوافز وجزاءات:  لتحفيز العملاء على الالتزام بسداد الفواتير والالتزام بالوصلات القانونية .

• مكافحة التلاعب والسرقة :  لتقليل الفاقد غير الفني وضمان استقرار الإيرادات ومراقبة الاستهلاكات من خلال انظمة متطورة وحديثة.

• إعادة هيكلة التعريفة بحيث تكون أكثر جاذبية للشرائح منخفضة الاستهلاك وتغطى تكلفة الانتاج والنقل والتوزيع بسعر معقول وتنافسى.

لتحقيق التوازن بين تحسين الإيرادات وتقليل نسبة الفقد، تحتاج شركات توزيع الكهرباء إلى اتخاذ خطوات حاسمة في إدارة الشرائح المختلفة وتطبيق إجراءات لتحفيز العملاء على استخدام اجهزة عالية الكفاءة لترشيد الاستهلاك ، وإصلاح العدادات المعطلة، وتعزيز استخدام العدادات الذكية لضمان دقة القراءات، بالإضافة إلى مكافحة التلاعب وسرقة التيار والوصلات غير القانونية ومخالفة شروط التعاقد ، وزيادة وعي العملاء بأهمية السداد المنتظم والاستهلاك الرشيد للطاقة. من خلال هذه الإجراءات، يمكن لشركات التوزيع تحسين كفاءتها التشغيلية وتقليل الخسائر المالية، مما يؤدي إلى استدامة الخدمة وتحسين جودة الكهرباء المقدمة للمشتركين.

د.م. محمد سليم سالمان
استشارى الطاقة المتجددة-
رئيس قطاع المراقبة المركزية للاداء سابقا بكهرباء مصر
[email protected]