د.على عبد النبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق .. ل ” العالم اليوم ” : خطر وقوع حوادث فى المنشآت النووية منخفض جدا ومتراجع

فى اول حوار يجيب على تساؤلات الشارع المصرى

توفر كهرباء كثيفة نظيفة و طاقة ثابتة مستمرة يعادل تشغيلها 92% من ساعات العام

في يوم 16 يونيو، 2021 | بتوقيت 7:58 ص

حوار: شيرين سامى

– تدريب أطقم التشغيل والصيانة من الكوادر المصرية فى روسيا لمدة لا تقل عن سنة ونصف
– محطة الضبعة النووية أمن تكنولوجى قومى لمصر
-متوقع ارتفاع نسبة العمالة ل ١٠ آلاف فرد مع بداية إنشاء أول وحدة نووية
– مشروع استثمارى بالدرجة الأولى يغطى تكاليفه فى أقل من ١٥ عام .
– معدلات السرطان ومخاطره بشكل عام أقل حول محطات الطاقة النووية
– لا وجود للخطأ البشرى لأطقم تشغيل المفاعلات النووية
– تتطلب محطات الطاقة النووية بروتوكولات صيانة شاملة ومحفوظة جيدا
– اتباع تعليمات ومعايير الأمان النووى لتفادى الأخطاء البشرية فى الصيانة
– المحطات النووية تشارك بأكثر من 16% من الكهرباء فى العالم
– تحتاج مساحة من الأرض صغيرة و تعطى قدرات عالية بالمقارنة بمحطات الطاقة المتجددة الأخرى
– 443 مفاعلا نوويا قيد التشغيل فى 31 دولة، و52 مفاعلا تحت الإنشاء.

_______________________________
مع إقتراب الخطة الزمنية لتنفيذ محطة الضبعة النووية ، و تزامنا مع إعلان هيئة المحطات النووية فتح باب التعيينات بالوظائف الشاغرة بالهيئة و بموقع الضبعة ، تزداد تساؤلات الشارع المصرى حول ماهية المحطة النووية ، و تمثل التساؤلات فى الشارع المصرى شبكة متشعبة تبحث عن إجابات وافية ، و ربما مطمئنة تبعث الأمان و التقبل المجتمعى لنوع جديد من الطاقة على الشارع المصرى ، ينافس بقوة جميع مصادر الطاقة المتجددة … يسمى ” الطاقة النووية “..
” العالم اليوم ” تفتح الملف الشائك و تحاور خبير الطاقة النووية الدكتور على عبد النبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق ، فى اول حوار مصرى شامل يرصد نبض الشارع المصرى و ينقل تساؤلاته و ربما مخاوفه نحو تدشين محطة طاقة نووية مصرية بقلب مصر و بمشاركة سواعد آبنائها ، نطرح تساؤلات الشارع المصرى و يجيب الدكتور على عبد النبى .

… إلى نص الحوار…

كيف يمكن لخبير نووى توصيل فكرة دعم الطاقة النووية شعبيا؟

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يموت كل عام حوالى 7.1 مليون شخص بسبب تلوث الهواء، وأكثر من 90٪ من هذه الوفيات ناتجة عن الاحتراق المرتبط بمصادر الطاقة الاحفورية “بترول وغاز وفحم” ،
إذاً مصادر الطاقة النظيفة التى أمامنا والمتاحة، والتى يعول عليها، هى الطاقة المتجددة “طاقة شمسية وطاقة رياح” والطاقة النووية ، التوسع فى الطاقة المتجددة له حدود، تحدده التكنولوجيا والأماكن والمساحات المتاحة ، وطبقا للتكنولوجيات المتاحة، فالدراسات أكدت أن مصر تستطيع الحصول على ما مقداره 95 جيجاوات من الطاقة المتجددة (شمسية ورياح).
لقد أمكن ترويض الطاقة النووية، وأصبحت تستخدم فى جميع المجالات التطبيقية، ومنها مجال توليد الكهرباء ، كما ان الخبرات المكتسبة فى مجال الطاقة النووية لتوليد الكهرباء و التى تخطت 60 عاما، بالإضافة إلى الخبرات المكتسبة من الحوادث النووية، وآخرها حادثة محطة فوكوشيما اليابانية عام 2011 ، ادت إلى تطوير معايير الأمان النووى لمحطات الطاقة النووية من الجيل الثالث والجيل الثالث مطور “مثل محطة الضبعة النووية”، والأجيال القادمة ، و هذا التطوير سوف يمنع حدوث حادثة نووية، وفى حالة حدوث حادثة، سيقلل من ضررها، ولن يحدث ضرر من المواد المشعة للبيئة، ولا للعاملين بالمحطة، ولا للناس التى تسكن بجوار المحطة.
كما ان التنمية المستدامة فى مصر تحتاج مصادر طاقة كهربائية مستدامة، ولما كانت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح طاقة متقطعة، وفى حالة تخزين الطاقة الكهربائية المولدة منهما يرتفع سعر الكيلوات ساعة، ومع تناقص إمدادات الوقود الأحفورى، تصبح الطاقة النووية هى البديل المستدام الأنسب والأرخص لتغذية الحمل الأساسى للشبكة الكهربائية، وهى البديل الوحيد لمصادر الطاقة التقليدية “الوقود الأحفورى”.
و نجد ان العالم الآن متجه للطاقة النووية، فهناك 443 مفاعلا نوويا قيد التشغيل فى 31 دولة، و52 مفاعلا تحت الإنشاء، حاليا المحطات النووية تشارك بأكثر من 16% من الكهرباء فى العالم ، و مصر تتبع التكنولوجيات العالمية المتطورة فى إنتاج الطاقة الكهربائية، واستراتيجية الطاقة العالمية تتجه تدريجيا نحو الطاقة النظيفة ، حيث ان إزالة الكربون أصبح التحدى الأكبر، وبحلول عام 2050، ستكون مصادر الطاقة الكهربائية “صفر كربون”، أى لا ينتج عنها ولا ينبعث منها غازات دفيئة (أكاسيد “الكربون والكبريت والنيتروجين”)، والتى ينتج عنها مشاكل تغير المناخ، والتى تعتبر من صنع الإنسان.

• ما هى أهمية الطاقة النووية للمواطن المصرى ؟

يعتبر استقرار الطاقة الكهربائية وتوفيرها على مدار اليوم والأسبوع والشهر والسنة دون مشاكل ودون انقطاع من أهم مقومات الحياة، وهذه الغاية لا تتحقق عادة إلا من خلال الطاقة النووية، ذلك باعتبار أن محطات الطاقة النووية ذات موثوقية عالية توفر كهرباء كثيفة ونظيفة، حيث تبلغ ساعات تشغيلها 92% من عدد ساعات السنة، فهى طاقة ثابتة مستمرة بدون انقطاع ، و من المميزات الهامة للطاقة النووية الحفاظ على نقاء الهواء الذى نستنشقه، حيث لا ينبعث منها غازات ملوثة للهواء مثل ثانى أوكسيد الكربون، ولا ينتج عنها انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وتنتج نفايات أقل بكثير من الطاقة التقليدية، هذا بخلاف أن سعر الكيلووات ساعة من الطاقة النووية مقاربا لسعر الكيلووات ساعة المنتجة من مصادر الطاقة الأخرى، وهو ما يؤثر إيجابا على نفقات المواطن ، فحينما توفر المحطات النووية طاقة كهربائية ذات موثوقية عالية، فهى تلبى متطلبات التنمية المستدامة، والذى بدوره يؤدى إلى نهضة صناعية، ويزداد التوسع فى فتح مصانع جديدة، وخاصة فى مجال الصناعات الثقيلة والتكنولوجيات المتطورة، ويزداد نمو البلد اقتصاديا، ويعتبر مشروع المحطة النووية هام جدا فى إصلاح اقتصاد مصر، وازدهار سوق العمل وازدياد فرص العمل ، هذا بالإضافة إلى أن هناك فرص توظيف أثناء تنفيذ المحطة النووية، عمالة ووظائف مؤقتة من مختلف التخصصات خلال فترة إنشاء الوحدات الأربعة، من 2021 وحتى 2029، ونسبة العمالة سوف تزداد مع بداية إنشاء أول وحدة نووية من الأربع وحدات، والتى من المتوقع أن تصل إلى 10 آلاف فرد ، كما ستشارك الكوادر المصرية من خلال عملها فى المصانع المصرية والمكاتب الهندسية المصرية، فى توفير احتياجات المحطة النووية من الصناعات المغذية وخدمات الصيانة طوال فترة تشغيلها، وهى 60 سنة ، و هذه الأعمال سوف تحتاج إلى الآلاف من فرص العمل فى قطاعات الأعمال المرتبطة بـالمحطة ، هذا بالإضافة إلى أن تشغيل وصيانة المحطة النووية يتولاها الكوادر المصرية الحاصلة على شهادات صلاحية لتشغيل المحطة أو صيانتها كل فى تخصصة وكل فى مركزه الوظيفى ، و ستقوم شركة “روساتوم” بتدريب أطقم التشغيل والصيانة من الكوادر المصرية فى روسيا لمدة لا تقل عن سنة ونصف، عددهم فى حدود 2000 فرد، بالإضافة إلى أن موقع المحطة النووية، سوف يحتاج إلى وظائف أمن وحراسة، وهى وظائف دائمة.
و هنا يجب التأكيد على أن العمالة المصرية المباشرة والغير مباشرة وكذلك الصناعات المصرية سوف تشارك فى مشروع المحطة النووية العملاق ، فهناك مجالات كثيرة للمشاركة، سواء كان تصنيع معدات، أو أعمال هندسية، أو تشييدات وإنشاءات مدنية سواء كانت برية أو بحرية، أو أعمال توريدات لخامات، وغيرها.

فى ظل إقرارنا بخطورة الصناعة النووية كيف يمكن اقناع الشعوب بأهميتها؟

كافحت الصناعة النووية كثيرا من أجل إقناع المتشككين، والمتخوفين من الحوادث والمخاطر طويلة الأجل للنفايات المشعة. تشمل التحديات الرئيسية التى تواجه الصناعة النووية، ضمان سلامة المنشآت النووية، وحمايتها من الكوارث الطبيعية والعدوان الخارجى، وإيجاد حلول فعالة لإدارة النفايات على المدى الطويل.
القضايا الهامة التى يجب أن نركز عليها، هى المقارنة بين فوائد ومخاطر الطاقة النووية، وأثر الحوادث النووية، وأنظمة الأمان. هذه القضايا لها تأثير كبير على الصحة العالمية.
تظهر الأدلة على مدى أكثر من ستة عقود، أن فوائد استخدام الطاقة النووية أكثر بكثير جدا من مخاطرها، ففى مجالات الطب والهندسة والزراعة والكيمياء، والهندسة الوراثية وباقى أفرع العلوم التطبيقية تستخدم الطاقة النووية، وهى وسيلة آمنة جدا ولا ضرر من جراء استخدامها ، ففى مجال الطب تستخدم على نطاق واسع فى مجال التشخيص وفى مجال العلاج وفى تعقيم المعدات الطبية، وفى المجال الزراعى، تستخدم فى زيادة الإنتاجية الحيوانية والنباتية وتعقيم المحاصيل الزراعية وحفظ الأغذية، وفى باقى العلوم هناك مكاسب كبيرة من استخدامها.
كما ان خطر وقوع حوادث فى المنشآت النووية ومن بينها محطات الطاقة النووية، منخفض جدا ومتراجع، وعواقب وقوع حادث أو هجوم إرهابى ضئيلة جدا ، وبالمقارنة نجد أن أكبر كارثة نووية، كانت فى أوكرانيا عام 1986، فى محطة تشرنوبل، ونتج عنها وفاة 54 فردا، معظمهم من قوات مكافحة الحريق ، لكن فى الصناعات الأخرى، نجد أن أعداد الوفيات بالألوف، ففى عام 1984، وقع حادث فى مصنع يونيون كاربيد فى مدينة بوبال الهندية، وأدى إلى وفاة أكثر من 15000 شخص على الفور.
هذا بالإضافة إلى ان الخبراء يشيرون إلى أن تنوع الطاقة المتجددة، يجعل من الصعب للغاية على الدول المتقدمة الكبيرة على وجه الخصوص الاعتماد عليها، وذلك لأن طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية من المصادر النباتية، ستحتاج إلى تغطية مساحات شاسعة من الأراضى، وتكلفتها ستكون باهظة لتوفير جميع موارد الطاقة الكهربائية ، لكن محطات الطاقة النووية، هى ذات موثوقية عالية، وتوفر كهرباء كثيفة ونظيفة، وتحتاج مساحة من الأرض صغيرة ، وبالمقارنة نجد أن محطة الطاقة الشمسية فى “بنبان” فى أسوان قدرتها 1465 ميجاوات، وتشغل مساحة 37 كيلومتر مربع، فى حين أن محطة الضبعة النووية، قدرتها 4800 ميجاوات، وتشغل مساحة 4 كيلومتر مربع.

كيف يمكن تغيير رأى الشارع المصرى عن المجال النووى؟

اولا من خلال التركيز على أن محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء هى “طاقة المستقبل” على المستوى العالمى ، بوصفها طاقة نظيفة وآمنة ، حيث تعتمد الخطة الاستراتيجية لأمن الطاقة فى مصر على “خليط الطاقة” النظيفة، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على المكاسب التى ستحصل عليها مصر من وراء إدخال الطاقة النووية فى مجال توليد الكهرباء و التى تفوق الخيال، من أهمها:
أولا، توليد طاقة كهربائية كثيفة وفى مساحة صغيرة ومستمرة طوال العام، حيث أنها تعمل 92% من عدد ساعات السنة.
ثانيا، هى مشروع استثمارى بالدرجة الأولى، فالمشروع سيغطى تكاليفه فى مدة تقل عن خمس عشرة سنة، ذلك أن العمر التشغيلى للمحطة النووية هو 60 سنة، وهذا يؤدى إلى رخص سعر للكيلووات ساعة. كما أن هناك فرقاً يتراوح ما بين 240 مليون دولار إلى 340 مليون دولار فى سعر الوقود السنوى، فسعر الوقود النووى السنوى لمحطة قدرتها 1200 ميجاوات هو 60 مليون دولار، فى حين أن سعر الغاز الطبيعى السنوى لنفس المحطة يتراوح ما بين 300 إلى 400 مليون دولار، وهذا يعتمد على سعر الغاز الطبيعى ، كما ان استخدام الوقود النووى فى محطات توليد الكهرباء، سوف يوفر الغاز الطبيعى المستخدم فى محطات توليد الكهرباء، حيث يمكن استخدامه فى صناعة البتروكيماويات والأسمدة، ومن هنا سيتضاعف المكسب تسع مرات.
ثالثا، أنها تمثل أمناً تكنولوجياً قومياً لمصر، وهو من حق الأجيال القادمة علينا، فمصر تتبنى فلسفة نقل وتوطين التكنولوجيا النووية فى المصانع المصرية، بهدف الارتقاء بالصناعات المصرية لتصل إلى رتبة الجودة العالمية، وذلك لزيادة فرص التصدير للخارج، وزيادة الدخل القومى من العملة الصعبة ، فالهدف الأسمى من محطة الضبعة النووية هو “أمن تكنولوجى قومى”.
و على المستوى الاجتماعى للدول، الصناعة النووية لها آثار اجتماعية كثيرة ، ومن بين فوائدها الاقتصادية الكبيرة نجدها فى مجال الصناعة، مثل التوظيف المباشر وغير المباشر، وبناء مهارات عالية القيمة، والمحطات النووية تخلق وظائف أكثر من غيرها من أشكال الطاقة.

هل هناك اى مخاطر صحية تقع على المواطنين جراء انشاء مفاعل نووى بمصر؟

كلما زادت معرفة الناس بالطاقة النووية بشكل ملموس، على سبيل المثال من خلال العيش بالقرب من محطة نووية، زاد قبولهم لها، حيث يتم فهم فوائدها الاقتصادية وتشغيلها الآمن بشكل أفضل.
تطلق محطات الطاقة النووية أحيانا غازات وسوائل مشعة فى البيئة فى ظل ظروف خاضعة للرقابة والمراقبة، للتأكد من أنها لا تشكل أى خطر على الجمهور أو البيئة ، حيث تتلاشى هذه الإنبعاثات فى الغلاف الجوى أو فى مصدر ماء كبير، وبالتالى يتم تخفيفها إلى الحد الذى يصعب معه قياس أى نشاط إشعاعى.
أثناء تشغيل المحطة النووية تنتج كميات صغيرة جدا من الغازات والسوائل المشعة، فضلاً عن كميات صغيرة من الإشعاع المباشر، إذا كنت تعيش بجوار المحطة النووية، فستتلقى جرعة إشعاع متوسطة تبلغ حوالى 0.01 ملى ريم سنويا ، لوضع هذا فى المنظور الصحيح، نجد أن الشخص العادى يتلقى جرعة سنوية حوالى 350 ملى ريم من إشعاع الطبيعة المحيطة به “إشعاع الخلفية الطبيعية”، ويتعرض لجرعة إشعاعية سنوية من الأكل والشرب مقدارها 30 ملى ريم ، علماً بأن الجرعة الإشعاعية التى تسبب السرطان مقدارها 10 آلاف مللى ريم، وهو ما لم يحدث بسبب المحطات النووية، سوى مرة واحدة فى حادثة “تشرنوبيل” فى أوكرانيا عام 1986.
كما انه اثناء الحوادث النووية الشديدة، نجد أن “وعاء الاحتواء” الذى يتحمل اصطدام طائرة، ويتحمل زلزال بقوة 8 ريختر، ويتحمل الفيضانات والعواصف الشديدة والأعاصير المدمرة، قادر على منع خروج أى مواد مشعة للبيئة المحيطة بالمحطة النووية.
و مع مرور أكثر من 60 عاما على تشغيل المحطات نووية فى دول العالم المختلفة، لم يتقدم أحد من السكان المجاورين للمحطة النووية، بشكاوى أو قضايا بخصوص تعرضهم لمشاكل صحية من تأثير المحطة النووية ، فالعيش بالقرب من محطة الطاقة النووية آمن، والحقيقة هى أن معدلات السرطان ومخاطره بشكل عام أقل حول محطات الطاقة النووية ، والأقرب إلى الذهن، نجد إن ملايين العمال فى الصناعات النووية والمحطات النووية وقد تمت مراقبتهم عن كثب منذ أكثرمن 60 عاماً، لا يعانون من وفيات من السرطان أعلى من عامة الناس.
أؤكد أن العيش بالقرب من محطة طاقة نووية لا يختلف عن العيش فى مدينة كبيرة ، بل أن العيش بالقرب من محطة نووية أفضل من العيش فى مدينة مزدحمة، فالمحطة النووية هى مصدر طاقة نظيف وآمن، فلا توجد انبعاثات للغازات الدفيئة، مثل ثانى أوكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والكبريت، والتى تسبب أضرارا جسيمة للإنسان والبيئة، فهو مكان صحى للإعاشة، تقل فيه معدلات الإصابة بالأمراض، ومنها أمراض حساسية الصدر ، كما أن الكثافة السكانية فى محيط المفاعل تعتبر قليلة، وستقل الضوضاء، ويصبح الهدوء هو السائد فى هذه المناطق، وعدد السيارات فى محيط المفاعل سيكون قليلا، ويقل معه التلوث الناتج من عادم السيارات ، بمعنى أن هذه المناطق تعتبر بعيدة عن التلوث السمعى والتلوث البيئى.

ما هى نسبة الخطأ المحتملة اثناء إدارة و تشغيل المحطات النووية ، و ماهى الآثار المترتبة على الخطأ و كيفية تفاديه؟

هذا الموضوع هام جدا، والإجابة على السؤال تحتاج إلى العديد من الصفحات ، لكننى سوف أسلط الضوء على نوع واحد من الأخطاء الهامة، وهو “الخطأ البشرى”، لما سببه من حوادث شاهدناها ، فالخطأ البشرى هو الذى تسبب فى حادثة محطة الطاقة النووية “ثرى مايل آيلاند” فى أمريكا عام 1979، وكارثة محطة الطاقة النووية “تشرنوبل” فى أوكرانيا عام 1986، و أؤكد انه لا وجود للخطأ البشرى بالنسبة لأطقم تشغيل المفاعلات النووية، وهذا يرجع إلى أن المفاعلات النووية تدار بواسطة الكمبيوتر، وحتى أثناء الحوادث، فلا مجال لحدوث خطأ بشرى ، لكن بالنسبة لأطقم الصيانة وأطقم الدعم الفنى، فهناك احتمال لحدوث خطأ بشرى حتى ولو كان احتمال حدوثه ضعيفا جدا، و يعتبر الخطأ البشرى الذى يحدث فى مهام الصيانة محور العديد من الدراسات.

اذن .. ما هى آليات ضمانة صيانة محطات الطاقة النووية؟

صيانة محطة الطاقة النووية هو مصطلح شامل لا يشير فقط إلى صيانة الأصول والمعدات، ولكن أيضا إلى عمليات التفتيش والفحص الروتينية، وتركيب المعدات وإعداد التقارير المنتظمة وتكامل الأنظمة والمراجعات والصيانة الوقائية المجدولة – كل الأعمال المطلوبة لمساعدة المحطة يجب أن تظل تعمل بكفاءة وفى حالة جيدة من يوم إلى آخر.
كما تتطلب محطات الطاقة النووية بروتوكولات صيانة شاملة ومحفوظة جيدا، وتعد مواكبة الصيانة أمرا معقدا وصعبًا بشكل لا يصدق، ولكنه ضرورى أيضا للأمان النووى.
كما ان محطات الطاقة النووية تستخدم أنظمة الكمبيوتر لتتبع حالة أجهزتها فى الوقت الفعلى، وصولاً إلى التفاصيل الصغيرة، وللمساعدة على تتبع جداول الصيانة وإعداد التقارير وأرشفتها.

ماهى نسبة إحتمال الأخطاء البشرية فى إدارة المحطات النووية؟

الأخطاء البشرية فى المحطة النووية ، فهى عبارة عن مجموعة معقدة من الجوانب التنظيمية والتأهيلية والرقابة ، و يعد دور المشرفين والمديرين هام جدا، ويجب اتخاذ العديد من القرارات من قبل المديرين.
و نجد ان احتمال الخطأ البشرى فى الحدود من 10-3 x 1.1 إلى x10-15 ، ولكل خطوة من إجراءات الصيانة والإشراف على أعمال الصيانة لها إحتمال حدوث خطأ بشرى، على سبيل المثال : “المشرف فشل فى التحقق، احتمال حدوثها 0.1 … الإجراءات المكتوبة متاحة ولكنها غير مستخدمة، احتمال حدوثها 0.001 … المشرف فشل فى استخدام إجراءات الصيانة المكتوبة، احتمال حدوثها 0.3 … استخدام أحكام التحقق بشكل غير صحيح، احتمال حدوثها 0.001” .
فالخطأ البشرى يمكن أن يؤدى إلى حدوث أحداث غير مرغوبة، منها على سبيل المثال، توقف قسرى للمفاعل أو ضرورة إيقاف المفاعل قبل التوقف المعتاد والمخطط له … بالإضافة إلى انخفاض في قدرة المفاعل أو كفاءة المفاعل … و ايضا تجاوز حدود المواصفات الفنية … بالإضافة إلى إطلاق مواد مشعة داخل وعاء الاحتواء.

و كيف يمكن تفادى الأخطاء البشرية ؟

و هناك إجراءات تتخذ من قبل الفنيين والمشرفيين لتفادى الأخطاء البشرية أو تقليلها، من أهمها، اتباع تعليمات ومعايير الأمان النووى … تحليهم بروح ثقافة الأمان النووى … التدريب الدورى على أعمال الصيانة … مناقشة خطوات الصيانة والتدريب عليها والتعرف على المشكلة وحلها قبل إجراء الصيانة … التحقق من إجراءات الصيانة طبقا لإجراءات الصيانة المكتوبة.