الهيئة الشرعية للمصرف المتحد : الرؤية الإسلامية لتحقيق المقاصد في حفظ المال
في يوم 13 أبريل، 2022 | بتوقيت 12:35 ص
كتبت: شيرين محمد
اكد الهيئة الشرعية للمصرف المتحد أنه قد جاءت الشريعة الإسلامية بالكليات التي تحفظ للناس والمجتمعات البقاء والنماء، ولقد قسم الفقهاء مقاصد الشريعة إلى خمسة مقاصد أساسية هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل والعرض، حفظ المال.
وحفظ المال ضرورة ومقصداً شرعياً هاماً ، وأحد الوسائل المعتبرة لتحقيق كافة المقاصد الشرعية السابقة عليه ، ذلك أن الدين والنفس والعقل والنسل يتطلب لحفظها المال الذي هو عصب الحياه وأداة لتقييم كفاءة العمل وتحقيق التنمية ، وبه تتم هذه النعم قال تعالي : وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ سورة الفرقان :الآية 20، قال القرطبي في تفسير هذه الآية إنها أصل في تناول الأسباب وطلب المعاش بالتجارة والصناعة ، وغيرها ، وحفظ المال يكون من وجهتين :
الوجه الاول من حيث الإيجاد وذلك بطلب تحصيله وإيجاد فرص وأسباب تصل إليه، ولقد تأثرت الأعمال المصرفية من هذه الوجهة فجعلت العقود ترتبط بالمال من حيث إيجاده سواء فى شكل نقدى أو سلعي، وتعددت في ذلك الصيغ مثل السلم والاستصناع وبعض عقود المشاركات، وكلها تهدف الى الحصول على المال ابتداءً عن طريق العمل والزراعة والصناعة، قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِسورة الملك : الآية 15
الوجه الثانى حفظ المال بصيانته من التلف وعدم الإفساد فيه، لذلك نجد أن الشريعة الإسلامية اتخذت خمسة ضمانات لصيانة المال وأثرت هذه الضمانات تأثيراً كبيراً وفاعلاً وضابطاً علي المعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ، ومن اهم الأحكام الشرعية التي رسخت لمقصد حفظ المال بصيانته هذه الأحكام الأربعة :
تحريم الاعتداء علي المال او إتلافه أو الإفساد فيه : جعل الله اكل أموال الناس واخذ المال دون نية السداد من المحرمات قال تعالي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْسورة النساء : الآية 29 ، لذا نشأ مبدأ العدالة في العقود وتحديد الحقوق والواجبات والالتزامات المالية وغيرها ، بل إن النبي توعد بالهلاك على الذى يتلف أموال الناس فقال : ” وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّه ” ( رواه البخاري ) .
التشجيع على عدم الإسراف : ويظهر ذلك في معالجة المصروفات المرتبطة بالعقود المالية والمصرفية ‘ حيث يكون ترشيد الأنفاق في الحد المسموح به لا تمام الصفقات والمعاملات ، قال تعالي وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ سورة الأعراف : الآية 31.
توثيق الديون والعقود : قال تعالي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُسورة البقرة : الآية 282 ، ونشأ عن وجوب التوثيق ، قبول الضمانات وحق الارتهان قال تعالي : فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌسورة البقرة : الآية 283 ، وكذلك الإشهاد في المعاملات.
الاستثمار الجيد : نهي الإسلام عن اكتناز المال ونهى عن الاحتفاظ به دون استثمار فعلي وحقيقي ، ولقد نبه النبي لذلك عندما أمر بالإتجار في أموال اليتامى معللاً هذا الحكم العظيم حتى لا يترك المال دون استثمار فتستحق عليه الزكاة دون أي نمو له فيتأكل ، لذا قال سيدنا رسول الله : ” أَلَا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ ” ( رواه الترمذي ) ، فما أجل هذه المقاصد وأعظمها ، وما أحكمها في إدارة العلاقات المالية بين الأفراد والمؤسسات ، وخاصة في المعاملات المصرفية المعاصرة .
واشارت الهيئة الشرعية للمصرف المتحد إن مبادئ العدالة وعدم الغرر وتعظيم قيمة العمل تسعى المجتمعات الناضجة دائماً لترسيخ دعائمها، وليس أقدر على تحقيق ذلك بين أفراد المجتمع من الوازع الديني الذي يخاطب العقل والروح معاً، وهو ما تُرغب فيه الشريعة الإسلامية الغراء لحفظ الموارد وتنميتها خاصة في المال والاقتصاد الذي تقوم عليه دعائم تقدم الأمم والشعوب.