د. أسامة عبد القوي يستعرض التحولات العلمية والتنظيمية للتكنولوجيا الأحيائية وأثرها على تنفيذ بروتوكولي “قرطاجنة وناجويا”
في يوم 27 ديسمبر، 2025 | بتوقيت 1:29 ص

كتبت: شيرين سامى
اختُتمت أعمال الورشة التشاورية المعنية بإعداد التقرير الوطني الخامس لتنفيذ بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية، والتقرير الوطني الأول لتنفيذ بروتوكول ناجويا بشأن النفاذ إلى الموارد الجينية وتقاسم المنافع، بعد يومين من المناقشات الفنية والعلمية المكثفة التي ركّزت على توحيد المفاهيم، وفهم الالتزامات الدولية، واستشراف التحديات المستقبلية المرتبطة بالتطور السريع في مجال التكنولوجيا الأحيائية.
وشهد اليوم الأول من الورشة تركيزًا واضحًا على بناء فهم مشترك للمصطلحات والمفاهيم الأساسية ذات الصلة بالتكنولوجيا الأحيائية والموارد الجينية، من خلال محاضرات فنية قدّمها الأستاذ الدكتور أسامة عبد القوي، نقطة الاتصال الوطنية لبروتوكولي قرطاجنة وناجويا، وبمشاركة موسعة من ممثلي الجهات الوطنية المعنية. وتناول العرض التمهيدي مفهوم التكنولوجيا الأحيائية وفق التعريف المعتمد في اتفاقية التنوع البيولوجي، موضحًا اتساع نطاقها ليشمل تطبيقات متعددة تتجاوز التعديل الوراثي، مع إبراز العلاقة الجوهرية بينها وبين الموارد الجينية وأهمية هذا الربط في إعداد التقارير الوطنية.
كما ركّزت الجلسات على توحيد المصطلحات العلمية والتنظيمية الواردة في بروتوكول قرطاجنة، من خلال توضيح الفروق بين مفاهيم المادة الوراثية، والجين، والموارد الجينية، والتنوع البيولوجي، والكائنات الحية المحورة وراثيًا، والبيئة المتلقية، بما يضمن اتساق البيانات ودقة الإجابات في نموذج الإبلاغ الخاص بالتقرير الوطني الخامس. وتم استعراض المبادئ الأساسية لاتفاقية التنوع البيولوجي، وفي مقدمتها السيادة الوطنية على الموارد البيولوجية، والاستخدام المستدام، والتقاسم العادل والمنصف للمنافع، إلى جانب النهج التحوطي والمسؤولية عن الضرر العابر للحدود، باعتبارها الإطار المرجعي الذي نشأ في ظله بروتوكول قرطاجنة.
وتناول اليوم الأول كذلك عرضًا تفصيليًا لأهداف ونطاق بروتوكول قرطاجنة والالتزامات الوطنية المرتبطة به، بما في ذلك إجراءات الموافقة المسبقة عن علم، وتصنيف الكائنات الحية المحورة وراثيًا، ومتطلبات الإخطار وتبادل المعلومات، ومفاهيم تقييم وإدارة المخاطر، إضافة إلى قواعد المناولة والنقل والتعبئة وتحديد الهوية، ودور غرفة تبادل معلومات السلامة الأحيائية في تعزيز الشفافية. كما جرى استعراض الوضع الراهن لمنظومة السلامة الأحيائية في مصر، والتحديات المرتبطة بتعدد الجهات المعنية، وتنسيق الاختصاصات، وبناء القدرات الفنية.
وفي النصف الثاني من اليوم الأول، انتقلت الورشة إلى جلسات مجموعات العمل، حيث ناقش المشاركون الجوانب التشريعية والتنظيمية، وتقييم وإدارة المخاطر، والإمكانات البحثية والفنية، وآليات التنسيق، واحتياجات التدريب وبناء القدرات، بما أسهم في تقديم صورة واقعية ومتكاملة عن وضع السلامة الأحيائية في مصر، تمهيدًا لاستخدام مخرجات هذه المناقشات مباشرة في صياغة التقرير الوطني الخامس.
أما اليوم الثاني، فقد خُصص للتركيز على إعداد التقرير الوطني الأول لتنفيذ بروتوكول ناجويا، من خلال تحليل معمق للتطورات العلمية الحديثة في مجال التكنولوجيا الأحيائية وانعكاساتها على قضايا النفاذ إلى الموارد الجينية وتقاسم المنافع. وقدّم أ.د. أسامة عبد القوي عرضًا تحليليًا ربط فيه بين تطور عصور التكنولوجيا الأحيائية والتحولات الجارية في منظومة الحوكمة الدولية للموارد الجينية، مؤكدًا أن الأطر القانونية الحالية وُضعت في سياق علمي مختلف، ما يستدعي قراءة استباقية للتحديات المستجدة.
واستعرض العرض تطور التكنولوجيا الأحيائية بدءًا من مرحلة الأسس العلمية، مرورًا بعصر التكنولوجيا الأحيائية الحديثة وعلم الأحياء التركيبي، وصولًا إلى العصر الراهن لعلم الأحياء التوليدي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت البيانات والمعرفة، وليس العينات البيولوجية فقط، مصدرًا رئيسيًا للقيمة العلمية والاقتصادية. وفي هذا السياق، تم تسليط الضوء على مفهوم معلومات التسلسل الرقمي، ودورها المتنامي في البحث العلمي والصناعات الحيوية والزراعة وحفظ التنوع البيولوجي، وما يترتب على ذلك من تحديات تنظيمية وقانونية.
وأوضح العرض أن هذا التحول يطرح إشكاليات جوهرية أمام تنفيذ بروتوكول ناجويا، خاصة فيما يتعلق بتقاسم المنافع، وتتبع الاستخدام، وحماية الحقوق السيادية للدول على مواردها الجينية، وهي قضايا تحتل موقعًا متقدمًا في النقاشات الدولية الحالية. وشهدت الجلسات التفاعلية نقاشات موسعة حول مدى جاهزية الأطر التشريعية والمؤسسية الوطنية للتعامل مع هذه التطورات، واحتياجات بناء القدرات الفنية والقانونية، مع التأكيد على أهمية توثيق هذه التحديات بموضوعية ضمن التقرير الوطني الأول.
وبذلك، أرست الورشة في يوميها أساسًا معرفيًا وتحليليًا متكاملًا، جمع بين ضبط المفاهيم، وفهم الالتزامات الدولية، وتشخيص الواقع الوطني، واستشراف التحديات المستقبلية، بما يدعم إعداد تقارير وطنية تعكس بدقة واقع التنفيذ الوطني لبروتوكولي قرطاجنة وناجويا في ظل التحولات العلمية المتسارعة.







