خبير: تثبيت الفائدة في كولومبيا يعكس حذرًا مزدوجًا بين ضغوط التضخم ومخاطر التوترات الاقليمية
في يوم 21 ديسمبر، 2025 | بتوقيت 6:29 م

كتبت: شيرين محمد
قال الدكتور عبد الرحمن طه خبير الاقتصاد الرقمي إن قرار البنك المركزي الكولومبي تثبيت سعر الفائدة عند مستوى 9.25٪ في نوفمبر 2025 يعكس مزيجًا دقيقًا من الاعتبارات الداخلية والخارجية، في مقدمتها استمرار التضخم فوق المستويات المستهدفة، وارتفاع توقعات الأسعار، إلى جانب تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الإقليم، وعلى رأسها التوتر المتواصل بين الولايات المتحدة وفنزويلا.
وأوضح طه أن التضخم في كولومبيا ما زال أعلى من مستويات نهاية 2024، في وقت حقق فيه الاقتصاد نموًا قويًا بلغ 3.4٪ على أساس سنوي في الربع الثالث من 2025 مدفوعًا بتوسع الاستهلاك بنسبة 5.6٪، وهو ما يقلل من الحاجة العاجلة للتيسير النقدي، ويمنح البنك المركزي مساحة للاستمرار في سياسة الانتظار والمراقبة.
وأشار طه إلى أن التوتر الأمريكي–الفنزويلي يشكل عامل ضغط غير مباشر على القرار النقدي، إذ يرفع علاوة المخاطر الجيوسياسية في شمال أمريكا الجنوبية، ويؤثر على حركة رؤوس الأموال وتوقعات المستثمرين تجاه المنطقة ككل، ما يدفع صانعي السياسة في كولومبيا إلى تجنب خفض الفائدة بسرعة قد تزيد من ضغوط العملة أو ترفع كلفة التمويل الخارجي، خاصة في ظل تسجيل عجز في الحساب الجاري عند مستوى 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث.
وأضاف أن أي تصعيد في الملف الفنزويلي قد ينعكس عبر قنوات متعددة تشمل أسعار الطاقة، والتجارة الحدودية غير الرسمية، وتدفقات الهجرة، فضلًا عن تقلبات الأسواق المالية، وهو ما يجعل السياسة النقدية الكولومبية أكثر حساسية للمخاطر الخارجية، حتى مع تحسن الظروف المالية العالمية عقب خفض الفائدة الأمريكية.
وأكد طه أن انقسام مجلس إدارة البنك المركزي بين التثبيت والخفض يعكس هذا التوازن الدقيق، حيث إن تثبيت الفائدة في هذه المرحلة لا يعني تجاهل تباطؤ التضخم مستقبلاً، بقدر ما يعكس إدراكًا بأن أي خطأ في التوقيت قد تكون كلفته أعلى في بيئة إقليمية مضطربة.
وختم طه تصريحه بأن كولومبيا اختارت المسار الأكثر تحفظًا، معتبرًا أن قرار التثبيت لا يستهدف كبح النمو، بل حماية الاستقرار النقدي والمالي في لحظة تتقاطع فيها ضغوط الأسعار مع مخاطر جيوسياسية متصاعدة في جوارها المباشر.







