قفزة في الصادرات الزراعية المصرية… قراءة في واقع القطاع وفرصه المستقبلية

في يوم 25 نوفمبر، 2025 | بتوقيت 2:29 م

كتب: فتحى السايح

 

كتب فتحي السايح

كشف الدكتور ابراهيم درويش استاذ المحاصيل بزراعة المنوفية أن الصادرات الزراعية المصرية تواصل خلال عام 2025 تحقيق أداء استثنائي يؤكد قوة القطاع وقدرته على المنافسة العالمية. فحتى 22 نوفمبر 2025 سجلت الصادرات نحو 8.2 ملايين طن من المنتجات الزراعية الطازجة والمصنّعة، بإجمالي قيمة تجاوزت 10 مليارات دولار وفق بيانات وزارة الزراعة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والوارادات. وهو مستوى غير مسبوق مقارنة بعام 2024 الذي بلغت فيه الصادرات 7.5 ملايين طن بقيمة اقتربت من 8.8 مليارات دولار، بما يعكس معدل نمو سنوي يقارب 9% كميًا و 14% نقديًا.

واضاف د. درويش فى تصريح ل ( العالم اليوم ) ان تحليل بنية الصادرات يُظهر استمرار تفوق خمس مجموعات رئيسية هي: الحمضيات، البطاطس، البصل، الفراولة، الرمان، إضافة إلى الارتفاع الملحوظ في صادرات التمور، والأعشاب الطبية، والزيوت العطرية، والمنتجات المصنعة. فقد حافظت الحمضيات المصرية على موقعها المتقدم عالميًا بصادرات قاربت 2.2 مليون طن مقابل 2.1 مليون طن في 2024. كما سجلت البطاطس نحو 930 ألف طن مقارنة بـ 910 آلاف طن العام الماضي، في حين ارتفعت صادرات البصل إلى 650 ألف طن بعد زيادة الطلب الأوروبي والخليجي عليه.

مشيرا الى ان أما المنتجات ذات القيمة المضافة، فقد حققت نموًا أكبر من حيث العائد الدولاري. فصادرات التمور تجاوزت 70 ألف طن بقيمة قاربت 120 مليون دولار، بينما ارتفعت صادرات الأعشاب الطبية والزيوت العطرية إلى نحو 48 ألف طن بعائد يناهز 210 ملايين دولار، بزيادة سنوية تفوق 20%.

وارجع درويش أسباب النمو… يرجع الى عوامل إنتاجية وتصديرية ولوجستية…
يرجع هذا الأداء إلى جملة من العوامل، أبرزها:

اتساع الرقعة الزراعية المستصلحة ضمن مشروعات “مستقبل مصر” و”الدلتا الجديدة” و”توشكى”، التي أضافت أكثر من 1.5 مليون فدان للإنتاج بجودة عالية ومواصفات قابلة للتصدير.
وتطبيق نظم الري الحديث والزراعة الدقيقة التي حسّنت جودة الثمار وخفضت الفاقد، خصوصًا في محاصيل الحمضيات والعنب والرمان.

والتوسع في استنباط أصناف وسلالات عالية الإنتاجية من خلال مراكز بحوث الزراعة ومحطات التجارب، مما رفع متوسط إنتاجية الفدان في العديد من المحاصيل بنسبة تتراوح بين 10 و18%.

وتشديد معايير الجودة والسلامة عبر دور فاعل للحجر الزراعي الذي نجح في فتح أكثر من 18 سوقًا جديدًا خلال عامي 2024–2025، من بينها أسواق في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
وتحسن البنية اللوجستية سواء في الموانئ أو سلاسل التبريد أو النقل المبرد، وهو ما خفّض زمن الشحن بنحو 20% ورفع القدرة التنافسية للمنتج المصري في الأسواق الأوروبية.
الأسواق الخارجية… تنويع يخفّض المخاطر..
واشار الى ان البيانات إلى أن مصر باتت تصدر إلى أكثر من 160 دولة، مع توسع بارز في أسواق آسيا وأفريقيا. فقد ارتفعت الصادرات إلى الهند، الصين، ماليزيا، فيتنام، جنوب أفريقيا وكينيا بنسبة تراوحت بين 12 و30%، بينما استقرت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي مع تحسن الطلب على البطاطس والبصل. هذا التنويع قلّل من الاعتماد على أسواق بعينها، وهو ما ظهر خلال اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية في 2024.

التحديات القائمة… وتوصيات لتعزيز القدرة التنافسية

وقال د. درويش برغم النمو اللافت، لا يزال القطاع يواجه تحديات تتطلب تدخلات سريعة، أبرزها ارتفاع تكاليف النقل الدولي، وتشدد بعض الدول في المعايير الفنية، إضافة إلى محدودية مصانع الفرز والتعبئة بالقرب من مناطق الإنتاج، وهو ما يرفع تكلفة التصدير داخل السوق المحلي.
وتقترح التحليلات الاقتصادية عدة مسارات لتعزيز تنافسية القطاع خلال الفترة المقبلة، أهمها:
زيادة الطاقة التخزينية والتبريدية داخل مناطق الإنتاج الرئيسية، بما يخفض الهدر ويحافظ على الجودة.

والتوسع في التصنيع الزراعي لرفع القيمة المضافة، خصوصًا في الرمان، البطاطس، الطماطم، الأعشاب الطبية، والفراولة.
وتعزيز برامج التدريب للمزارعين والمصدرين على تطبيق قواعد “الممارسات الزراعية الجيدة” و”التتبع الرقمي”.

وتشجيع الاستثمار في إنتاج الشتلات والمواد الخام التصديرية لضمان استدامة الجودة.

والتوسع في فتح الأسواق الجديدة من خلال اتفاقيات ثنائية مع دول شرق آسيا وأمريكا الجنوبية، وهي أسواق ذات نمو سريع ومستويات طلب مرتفعة.

وأفاد درويش ان المؤشرات الراهنة تؤكد أن مصر تسير بخطى ثابتة لتصبح مركزًا إقليميًا لصادرات المحاصيل الطازجة والمصنعة، مستندة إلى توسع زراعي كبير ومنظومة حديثة للجودة والتتبع، فضلاً عن تنعيم البنية اللوجستية التي تحسّن من كفاءة سلاسل التصدير. وإذا استمرت السياسات الحالية، فمن المتوقع أن تتجاوز الصادرات الزراعية المصرية بنهاية 2025 حاجز 10.5 مليارات دولار، وأن تحقق مزيدًا من النمو خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، مدفوعة بزيادة الإنتاج وتنوع الأسواق وتنامي الثقة الدولية في المنتج المصري.