خلال ندوة “تشجيع الاستثمار الصناعي والتصدير باستحداث سياسات ضريبية وجمركية مرنة”
في يوم 11 نوفمبر، 2025 | بتوقيت 10:04 ص

كتب: د.نجلاء الرفاعي
الكيلاني: لا اعتراف بأي تكاليف دون فاتورة إلكترونية.. واستطلاعات رأي لتقييم الأداء الضريبي
رئيس مصلحة الجمارك: حزمة تسهيلات لدعم الصناعة الوطنية وتقسيط الرسوم الجمركية على خطوط الإنتاج
أكد وزير المالية الدكتور أحمد كجوك أن الوزارة تمضي قدمًا في تنفيذ حزمة من السياسات المالية والإصلاحات الهيكلية الجديدة تستهدف تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، وتحسين بيئة الاستثمار والتصدير، والحفاظ على استقرار المؤشرات الاقتصادية رغم التحديات العالمية.
وقال كجوك خلال ندوة “تشجيع الاستثمار الصناعي والتصدير باستحداث سياسات ضريبية وجمركية مرنة” التي أدارها الإعلامي أسامة كمال ضمن فعاليات “معرض ومؤتمر الصناعة والنقل معًا لتحقيق التنمية المستدامة”، إن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الدولة تعمل على تهيئة بيئة مالية وتشريعية تُمكّنه من التوسع والإنتاج والمنافسة عالميًا.
وأضاف: “هدفنا خلق تنافسية حقيقية والاستعداد للتعامل مع العالم الخارجي بأدوات حديثة وسياسات أكثر مرونة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على استقرار الاقتصاد الكلي”.
أوضح وزير المالية أن الحكومة تولي اهتمامًا كبيرًا لبناء علاقة ثقة وشراكة متبادلة مع مجتمع الأعمال، مؤكدًا أن الإصلاحات الأخيرة أثمرت عن قفزة غير مسبوقة في معدلات الامتثال الطوعي خلال العام الماضي، حيث تم تسجيل نحو 650 ألف إقرار ضريبي جديد، ودفع الممولون طواعية أكثر من 80 مليار جنيه، مع الإفصاح عن نحو نصف تريليون جنيه كنشاط إضافي في الإقرارات.
وأضاف كجوك أن الوزارة أطلقت مبادرة التسوية الطوعية لملفات ما قبل عام 2020 بهدف إنهاء النزاعات القديمة وبدء صفحة جديدة بين الممولين ومصلحة الضرائب، موضحًا أن هذه المبادرة أسفرت عن إغلاق أكثر من 400 ألف ملف ضريبي قديم.
وأشار الوزير إلى أن تحديد سقف للغرامات كان من أهم الإصلاحات التشريعية في هذا السياق، حيث لم يعد بإمكان أي جهة فرض غرامات ضخمة على مبالغ صغيرة، قائلًا:
> “لم يعد مقبولًا فرض مليونَي جنيه غرامة على عشرة آلاف جنيه مستحقة، الآن هناك سقف قانوني عادل يحمي الممولين ويضمن استقرار المنظومة”.
وكشف كجوك عن قرب إطلاق حزمة إصلاحات إدارية شاملة داخل مصالح الضرائب والجمارك والمالية، تستهدف رفع كفاءة الكوادر الحكومية وتحسين جودة الخدمة، مشيرًا إلى أنه سيتم مضاعفة مخصصات التدريب للعاملين، مع تطبيق منظومة إثابة جديدة قائمة على الأداء والمخرجات الفعلية.
وأوضح الوزير أن نظام التحفيز الجديد سيرتبط بأهداف محددة مثل تسجيل ممولين جدد، وسرعة رد الضرائب، وتقليل الطعون، وتحقيق رضا الممولين عن الخدمة، مؤكدًا أن الحوافز ستُمنح وفقًا للنتائج لا المدد الوظيفية.
وقال كجوك إن هذا التغيير يشمل القيادات أيضًا:
> “نحن كقيادات نتغير ونتطور، ونعمل على تحويل الخدمة الضريبية إلى منظومة حديثة قائمة على الشفافية والعدالة والمساءلة”.
كما أشار أن الوزارة بصدد إنشاء إدارات متخصصة لخدمة الممولين ضمن الهيكل الجديد، بحيث لا يقتصر التواصل على اللقاءات الفردية، بل يصبح جزءًا من منظومة مؤسسية مستدامة للاستماع وحل المشكلات.
من جانبه، أكد شريف الكيلاني، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، أن الوزارة تسعى إلى تغيير المفهوم التقليدي الذي كان يرى الممول كمشتبه به حتى تثبت براءته، مشيرًا إلى أن هذا الفكر القديم يوشك على الانتهاء بفضل التحول نحو مبدأ “الالتزام الطوعي”.
وأوضح الكيلاني أن بناء المصداقية كان البداية لتحقيق هذا التحول، لذلك قررت الوزارة إيقاف حملات مكافحة التهرب الميدانية مؤقتًا لإعطاء الممولين فرصة للانضمام طواعية إلى المنظومة الإلكترونية الجديدة.
وأضاف أن قرار الوزير بعدم الاعتراف بأي تكاليف أو مصروفات للشركات ما لم تكن مغطاة بفاتورة إلكترونية أو إيصال إلكتروني يمثل خطوة جوهرية في دعم الشفافية ومحاربة الاقتصاد غير الرسمي، مشيرًا إلى أن النظام الإلكتروني يربط جميع المعاملات بشكل لحظي بمصلحة الضرائب.
وأكد الكيلاني أن هذا الربط يضمن دقة البيانات المالية ويحد من التلاعب، لافتًا إلى أن أي معاملة غير مسجلة إلكترونيًا “لن يُعترف بها ضريبيًا على الإطلاق”.
وأشار إلى أن استطلاعات الرأي التي تعمل الوزارة على إعدادها حاليًا ستُستخدم كأداة علمية لقياس رضا الممولين والمجتمع عن الأداء الضريبي، موضحًا أن الهدف منها ليس التقييم فقط، بل تحديد مكامن القصور بدقة وتصحيحها من الداخل.
وقال: “نريد أن نعرف من الناس مباشرة أين نُحسن وأين نقصر. نتائج هذه الاستطلاعات ستكون البوصلة التي تقود الإصلاح القادم”
وفي سياق متصل، أعلن أحمد أموي، رئيس مصلحة الجمارك، عن حزمة من التسهيلات الجمركية الجديدة الجاري إعدادها لدعم الصناعة الوطنية وتحفيز الاستثمار في التصنيع المحلي.
وأوضح أن التسهيلات تشمل تقسيط الرسوم الجمركية المفروضة على خطوط الإنتاج والمعدات والآلات، إلى جانب توسيع نظام السماح المؤقت الذي يتيح استيراد مستلزمات الإنتاج دون سداد الرسوم إلى حين الانتهاء من التصنيع.
أشار أموي أن التعديلات يتم إعدادها بالتنسيق بين وزارة المالية ووزارة الصناعة وهيئة التنمية الصناعية واتحاد الصناعات المصرية، بهدف مراجعة الرسوم الجمركية وتعديلها بما يزيل أي تشوهات أو أعباء غير ضرورية على المصنعين.
وأكد أن مصلحة الجمارك تواصل تحديث منظومة الميكنة والحوكمة عبر منصة “نافذة”، التي وحدت الإجراءات في جميع المنافذ الجمركية، وساهمت في تقليل زمن الإفراج عن السلع.
وأضاف أن العمل جارٍ على تطوير نظام إدارة المخاطر بالألوان (الأخضر، الأزرق، البرتقالي، الأحمر) لتصنيف الشحنات حسب درجة الخطورة، بحيث تمر السلع منخفضة المخاطر سريعًا عبر الممر الأخضر، بينما تخضع السلع عالية المخاطر لمراجعة أدق، مؤكدًا أن هذا النظام “يساهم في تسهيل حركة التجارة دون الإخلال بالأمن الاقتصادي”.
من جانبه اقترح وزير الماليه علي رئيس مصلحة الجمارك إنشاء مجالس استشارية متخصصة للصناعات المختلفة تضم المصنعين والمصدرين لتقديم الرأي والمشورة في ملفات التسعير والتقييم، بهدف تحقيق توازن عادل بين حماية السوق ودعم المنافسة.
قال أموي إن الحكومة تعمل حاليًا على مراجعة شاملة للسياسات الجمركية والضريبية لدعم الصناعات ذات الأولوية التصديرية، تنفيذًا لرؤية مصر 2030، مشيرًا إلى أن التنسيق بين الجمارك والضرائب والاستثمار أصبح اليوم في أعلى مستوياته.
واختتم وزير المالية الدكتور أحمد كجوك بالتأكيد على أن الحكومة ماضية في مسار الإصلاح المالي والضريبي المتكامل، وأن جميع الهيئات التابعة للوزارة تعمل اليوم وفق رؤية موحدة ولغة واحدة نحو هدف واحد: تحقيق نمو مستدام واقتصاد قوي ومتوازن.
وقال الوزير: “نحن نراهن على مجتمع الأعمال المصري، وقد أثبت أنه شريك جاد وفاعل. المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من التعاون والشفافية لبناء اقتصاد أكثر تنافسية وقدرة على الصمود أمام الأزمات”.
–







