د. حسن الصادي الخبير الاقتصادي البارز ل ” العالم اليوم”: مصر انساقت وراء املاءات غير مناسبة لطبيعة الاقتصاد ..ونأمل مع انتهاء برنامج الصندوق استكمال الإصلاح بخطة قومية

لدينا ناتج قومي لم يزد منذ 2015 ..وعدم وضع خطة اقتصادية مبنية علي معطيات الاقتصاد القومي اهم اخطاء المجموعة الاقتصادية

لابد من منح الأراضي الصناعية " مجانا" بشرط تخصيصها بتوقيتات محددة لبدء الانتاج وفي حال الاخلال تفرض غرامات... بجب وقف الاستثمار العقاري لمدة 10 سنوات.. وفرض ضرائب علي الوحدات الشاغرة للسيطرة علي الاسعار

في يوم 9 سبتمبر، 2025 | بتوقيت 5:45 ص

كتب: مني البديوي

 

“برنامج صندوق النقد لم يكن سوي مجموعة من السياسات النقدية وتلك لا تبني اقتصاد وانما هي أدوات تستخدم في تحفير تنفيذ السياسات المالية التي تتعلق بالقطاعات الإنتاجية المختلفة في الدولة ومصادرها من العملة”…بتلك العبارات التي حملت نوع من التقييم لبرنامج صندوق النقد الدولي الذي طبقته مصر منذ عام 2016 ويقترب الان من إنتهاءه وكيف انه اعتمد علي سياسات نقدية لا يمكن أن تسهم في بناء الاقتصاد تحدث الخبير الاقتصادي البارز واستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة بجامعة القاهرة الدكتور حسن الصادي في حواره مع ” العالم اليوم” ،مشددا علي ان مستقبل الاقتصاد المصري ليس في السياسات النقدية والتي تمثل أداة لتحقيق مستهدفات السياسة المالية التي تؤدي لرفع الناتج القومي وزيادة الصادرات وخفض البطالة والتضخم وتنشيط القطاعات الاقتصادية المختلفة .

واضاف انه يامل ان تقوم الحكومة المصرية بوقف برنامج الصندوق والاكتفاء بما حصلت عليه من شرائح وخضوع لاملاءته من حيث خفض سعر الصرف أمام الدولار وبيع اصول الدولة بأسعار ” بخسة” ، قائلا: ” اراهن ان مصر اذا فعلت ذلك وابدت هذا الرأي فان الصندوق هو الذي سيخضع لنا ولن نتعرض لأية املاءات”.

وأكد أن مصر مع اقتراب انتهاء برنامج الصندوق عليها القيام بوضع خطة اقتصادية شاملة تركز علي معطيات الاقتصاد القومي ومدخلات الإنتاج المصرية وليس المدخلات المستوردة من الخارج والتي تمثل ضغوط علي الدولار بما يؤدي لارتفاع مستويات التضخم.

واردف : ان تحقيق ذلك ياتي من خلال الاعتماد علي مقومات الاقتصاد المصري التي تسمح له بزيادة نسبة المكون المحلي في المنتج ، مشددا علي ان اي اقتصاد لا يستطيع النهوض قي ظل نسبة مكون اجنبي يتجاوز 70% من تكلفة المنتج النهائي الذي ينتج بالدولة حيث أن ذلك يعد استنزاف لصالح الاقتصاديات الأجنبية.

واستطرد : ان أبرز القطاعات المرشحة للقيام بذلك هي القطاعات كثيفة العمالة كالصناعات التجميعية واليدوية والزراعات التي تعتمد علي العمالة الكثيفة مثل الغزل والنسيج والسياحة وتقديم الخدمات العلاجية والتعليم، مشيرا الي ان مصر لديها الكثير من الموارد التي تعتمد علي العنصر البشري.

وأوضح الصادي ان البرنامج الحالي للصندوق تم تنفيذه “نصفه” تقريبا حيث انه يرتبط بثماني مراجعات وقد تمت المراجعات الأولي والثانية والثالثة والرابعة وعندما أعلنت مصر انها لن تخفض سعر الصرف أو تبيع اصول تم تأجيل المراجعة الخامسة وضمها مع السادسة وهذا يعني امر خطير يتمثل في تطبيق مزدوج لمتطلباته في المراجعتين مرة واحدة !!.

وشدد علي ان رفع أسعار الكهرباء والغاز وخفض سعر الصرف وبيع الأصول المنتجة والمربحة بأسعار ” بخسة” كلها جاءت باملاءات من صندوق النقد الدولي في الوقت الذي يجب أن تنخفض فيه أسعار بيع الغاز والكهرباء في ظل انخفاض أسعار الدولار ومشتقات الطاقة.

وأكد الصادي انه علي مصر استكمال خطة إصلاح خاصة بها بعيدا عن الصندوق تبني علي السياسات المالية وليس النقدية، معتبرا أن ما حدث يمثل ” خطأ ” من مصر التي انساقت وراء املاءات غير مناسبة لطبيعة الاقتصاد ونجاح للصندوق في تطبيق وفرض سياساته.

وانتقل الصادي للحديث عن الاقتصاد المصري بوجه عام بعيدا عن الصندوق وبرنامجه، معتبرا أن مصر حتي الان تمثل اقتصاد بلا ” هوية” فلا يمكن أن نعرف هل هو اقتصاد صناعة ام سياحة ام زراعة ام خدمات علاجية ، وإذا كان صناعة هل هي صناعات تمويلية ام استخراجية ام علاجية ام تجميعية، وخفيفة ام متوسطة ام ثقيلة ، وتصديرية ام صناعة سوق محلي، وصناعة كثيفة رأس المال ام عمالة..!!

وأكد أن مصر بلد لابد ان تكون هويتها الاقتصادية قائمة علي تعددية القطاعات الاقتصادية وداخل كل قطاع يتم التركيز علي مجالات محددة ففي الصناعة بجب التركيز علي الصناعات كثيفة العمالة التصديرية ، والزراعة نفس الأمر…وفي قطاعات السياحة ..وغيرها يجب ايضا تحديد أولويات للتركيز والعمل .

وقال ان لدينا ناتج قومي لم يزد منذ عام 2015 وأننا نقوم ” بتمويت” أنفسنا بالجنيه المصري والتعويم الذي تم تطبيقه باملاءات من صندوق النقد الدولي ، مشيرا الي ان متوسط دخل الفرد يمثل 150 دولار في الشهر وانه اذا لم تقم الدولة بخطوة التعويم فان متوسط دخل الفرد بنفس معدلات النمو كان سيصبح 900 دولار في الشهر !!.

وشدد الصادي علي ان عدم وضع خطة اقتصادية مبنية علي معطيات الاقتصاد المصري وليس دول اخري وظروف اقتصادية اخري بمثل اهم اخطاء المجموعة الاقتصادية للحكومة ، معربا عن رفضه واستنكاره التام لفكرة تطبيق التجارب الناجحة والأقتداء بها من الدول الاخري .

واردف : ان كل بلد لها ” بصمتها ” التي تجعلها تختلف عن أي بلد اخر وان كل بلد تختلف حتي من وقت لآخر ، مشددا علي ان الظروف الاقتصادية في مصر تختلف عن أي دولة وداخل مصر نفسها هناك اختلاف من وقت لآخر وبالتالي لا يجب الاقتباس سواء من سنوات ماضية أو دول اخري .

وقال انه يؤمن تماما بالمثل الدارج:” ادي العيش لخبازه ..حتي لو هياكل نصه “.

وانتقد قيام الحكومة بتعليق المشكلة الاقتصادية دوما علي الصادرات وكيف انها لا تصدر بالمعدلات الكافية، مؤكدا ان المشكلة الحقيقية في الواردات وليس الصادرات لانه ببساطة لكي تحقق تصدير كافي لايد ان تستورد أكثر لجلب الخامات والمكونات لذلك لابد من العمل بصورة اكبر علي المكون المحلي لتقليل الواردات .

وتابع : ان الدول الآسيوية في تصديرها تعتمد علي مواد خام من الداخل فدولة مثل ماليزيا اقتصادها قائم غلي زيت النخيل وقي المقابل مصر لديها منتج مقدس سعره يبيع أضعاف زيت النخيل وهو زيت الزيتون ولازال لا يتم استغلاله بالصورة المثلي.

وبسؤاله حول رؤيته في قيام الحكومة مؤخرا برفع أسعار الأراضي الصناعية، أكد الصادي ان الأراضي الصناعية تمنح لإنشاء مشروعات وليس للمتاجرة فيها وانه مع منحها مجانا لتشجيع الصناعة وتقليل الواردات وزيادة الصادرات.

واستطرد : انه يرفض ان تتقاضي الدولة مقابل الأراضي الصناعية بشرط تخصيص الأرض بناء علي دراسة جدوي وتوقيتات محددة لدخول المنتجات للسوق المصري لاستبدال الواردات أو التصدير وفي حال الاخلال بذلك يتم فرض غرامات تأخير تعادل حصيلة الدولة من الضرائب المتوقعة بناء علي دراسة الجدوي التي تم تقديمها .

وفيما يتعلق بمبادرات التمويل المنخفض ، أكد انه يجب استبدالها بمنح حوافز تمنح للمنتجين تكون مربوطة بالانتاج .

وحول توقعاته بالنسبة للفائدة البنكية ومدي استمرار خفضها ، أكد ان معدل الفائدة سيقوم باستكمال انخفاضه والذي يمثل خطوة منطقية وطبيعية مع انخفاض سعر الصرف والتضخم ، متوقعا ان يشهد انخفاض اخر بنهاية العام بمعدل 2% .

ولفت الي القطاع العقاري وكيف انه لازال يحظي بأهمية علي حساب الصناعة وان احد اهم ادوار الدولة هو توجيه رجال الأعمال للقطاعات التي ترغب التوسع بها لتصحيح خلل الاقتصاد والنهوض به ، مؤكدا ان هناك حالة من ” التشيع” في القطاع العقاري وانه بجب وقف الاستثمار العقاري لمدة 10 سنوات مع استكمال المشروعات المتواجدة .

واردف : انه بجب وضع آلية للسيطرة علي أسعار العقارات تجبر الملاك علي فتح الوحدات العقارية التي تم شراءها وتركها مغلقة ، مقترحا ضرورة فرض ضرائب علي الوحدات الشاغرة بخلاف الضريبة العقارية لصالح الطبقات الفقيرة .