ولكنني اري السوق العقاري عاريا
في يوم 3 سبتمبر، 2025 | بتوقيت 11:38 ص

كتب: العالم اليوم
لازلت اري مشكلة السوق العقاري في مصر انها مشكلة إسكان وليست مشكلة عقار وان الموضوع ليس كما يبدو، مشكلة سلعه وأسعار ومطورين وأراضي، لقد بح صوتنا ان العقار خدمة وليس سلعه، وان السكن حق وليس سلعه.
وكأننا نناقش مشكلة ارتفاع أسعار ملابس السهرة والبدل التو كسيدووالشنط البرادا والجوتشي ونندب حظنا لان سعر البدل ال boss تعديبضعة الاف من الدولارات، نناقش تصنيع وتصدير الملابس والماركات العالمية الي انحاء العالم، ونناقش مشاكل هؤلاء المصنعين وازماتهم (وهذا حقهم) بينما لا يستخدم ٩٩٪ من الشعب هذه المنتجات، وبالكاد يجد الشعب ما يستر جسده هو وأولاده.
أتذكر الكحيت وهو يخاطب عزيز بيه الاليت “والله يا مونبيه انا مش هقدر اشتري كسوة الشتا من باريس السنة دي الأذواق بقت بلدي جدا“بينما تخرج نصف قدمه من الشراب المقطوع ويجري ابنه خلفه نصف عاريا، رحم الله رسام الكاريكاتير مصطفي حسين كم كان دقيقا وعابرا للزمان في رسوماته.
أشعر بشيء من الخجل والخبل عندما نتحدث عن السوق العقاري للساحل الشمالي او اسعار الفيلات والقصور التي تعدت المئة مليون جنيه مصري بينما الشعب لا يستطيع توفير اقساط شقه لا تتعدي الخمسة آلاف جنيه شهريا، الا يوجد من يعقل ان مشكلة الإسكان تتفاقم وان ما سوف ينفجر هو أزمة الإسكان وليست الفقاعة العقارية.
ما يجب ان نناقشه هو كيفية توفير شقق لما يزيد عن مليون اسرةسنويا، وكيف يستوعب السوق أكثر من نصف مليون خريج من الجامعات سنويا، كيف نحلل امكانياتهم المادية لنبحث كيفية توفير شقق لهم بأقساطتناسب دخلهم.
لقد امتنع الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء عن اصدار بحث الدخل والانفاق الذي كان يحلل فئات الدخل للمجتمع المصري ربما لأسباب سياسيةنتيجة ازدياد نسب الفقر، بينما كان هذا التقرير هو القاعدة الأساسيةلدراسة السوق، وتحديد الفئات المستهدفة وامكانياتها.
يجب ان نعرف متوسط الدخل الشهري لفئات الشعب المختلفة حتىنستطيع توفير وحدات سكنيه تناسبهم، هل تعلم انه إذا كان دخل الموظف ٢٠ ألف جنيها شهريا لا يستطيع دفع أكثر من ٥٠% من دخله قسطا، مما يعني ١٢٠ ألف جنيها سنويا يعني مليون ومئتين ألف على عشر سنوات، يا تري كم وحده في مصر ثمنها ١.٢ مليون شاملة الفوائد، علما بان من لا يتعدى دخلهم ٢٤٠ ألف جنيها سنويا قد لا يقلوا عن ٦٠% من الشعب ان لم يكن أكثر من ذلك (وهو أكثر).
اكاد لا اصدق نفسي وأصاب بالغثيان عندما اسمع لفظ تصدير العقار، بغض النظر المغالطة المنطقية للفظ، ولكني اضع نفسي مكان شاب تعلم وتخرج من إحدى كليات القمة في مصر وادي الخدمة العسكرية وتخرج ويعمل منذ عدة سنوات لتوفير قوت يومه ولا يوجد لديه ادني امل في توفيروحده سكنية بينما يتحدث الجميع عن تصدير العقار لتوفير الدولارات، ولا يكاد يفكر فيه أحد.
ان ازمة السوق القادمة هي ازمة تراكم الطلب على الوحدات السكنية لأغلب فئات المجتمع بينما يوجد ما يزيد على ١٤ مليون وحدة سكنية مغلقة مرشحة للزيادة سنويا، بينما يراكم المطورون العقاريون مخزونهم من الوحدات الفاخرة هم وزبائنهم ولا يجرؤ أحد منهم علي اقتحام سوق الإسكان المتوسط وفوق المتوسط نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي ومكونات التطوير العقاري وعدم وجود حوافز جاده من الدولة نابعه من ادراكهم للمشكلة الحالية، ان الازمة القادمة اشبه بأزمة المساكن في الثمانينات مع اختلاف المعطيات، واكاد اري فيلم “كراكون في الشارع” و”مدافن مفروشه للإيجار” في الأفق.
ان أي اقتصاد غير قائم على توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنين الدولة هو اقتصاد غير انساني وغير اجتماعي ويعبر عن مصالح فئات محدده من المجتمع بينما لا يضع في أولوياته احتياجات المجتمع ككل.
اننا نعترف بأهمية أسعار البدل التوكسيدو والساعات الرولكس وفيلات الساحل والجونة لصفوة المجتمع، ولكننا نرجوهم ان نناقش مشكلة الإسكان قبل مشكلة السوق العقار وذلك قبل الانفجار المحتوم لمشكلة الإسكان في وجههم.
السكن حق وليس سلعه







