نظرية التباع .. ولحظات ما قبل انهيار السوق العقاري

د. محمد مصطفي القاضي عضو لجنة التشييد والبناء جمعية رجال الأعمال المصريين

في يوم 4 أغسطس، 2025 | بتوقيت 12:21 م

كتب: العالم اليوم

عندما يشعر سائق المقطورة الضخمة ببعض التعب نتيجة القيادة المستمرة والمجهود الكبير قد يحتاج الي السماع الي الشخص الجالس بجانبه (التباع) الذي بمنتهي الإخلاص يحذره من الحفرة القادمة التي لا يراها او السيارات المتراكمة علي مسافه قريبه ولا يراها وقد تؤدي الي كارثه او في احسن الأحوال يحذره ان الطريق الذي يسيرون فيه قد لا يوصل الي هدفهم، علي السائق ان يلتفت الي ما يقوله التباع لسبب بسيط ان التباع يركب معه والكارثة ستكون ثمنها مستقبله معه، ما بالك اذا كان التباع اشخاص كثيرون لا يكفوا عن الصراخ، احذر الكارثة قادمة.

تلقيت مكالمه من احد الاصدقاء يشكوا لي تصرف شركة تطوير عقاري التي ألغت التعاقد معه بعد سنتين من انتظامه في تسديد الأقساط نتيجة تأخره في سداد احد شيكات الأقساط نتيجة مشاكل في حسابه البنكي، وذلك دون اخطاره قبل الالغاء، وانتظر المطور ستون يوما في الخفاء طبقا للعقد الذي طالبته بقراءته لي، وفي الحقيقة ولم اتفاجئ من صيغة هذا العقد الذي هو أقرب الي عقود الإذعان او اشبه بالعلاقة بين ملاك الاراضي الاقطاعيين وصغار الفلاحين مع ان الصورة معكوسة، فهذا المطور يبني بأموال المشتري وليس بأمواله، وفي الحقيقة ان المشتري في موقف ضعف علي عكس المفروض.

بينما على الجانب الاخر وبحكم عملي اري بعض المطورين يفتقروا الي ابسط قواعد لا أقول التطوير، ولكن قواعد البزنس والاعمال، لا توجد خطه او دراسة جدوى حقيقيه او حتى دراسة دقيقه للتدفقات النقدية او خطة تنفيذ واقعيه، ولكني اري فوضي وعدم خبره واستهتار بمقدرات المشترين.

واري مشترين لا يملكون الائتمان اللازم للتقسيط مجرد دفتر شيكات وقدرة كبيره على المجازفة والمقامرة.

مطورون يحصلون شيكات بدلا من البنوك وهم جهة لا تملك اليات التحصيل، واموال تصرف على الدعاية والاعلان بدون حساب.

بينما يتوارى خلف المشهد ملايين الشباب راغبي السكن املين في الحصول علي حق السكن بينما يلتفت قائد المقطورة الي لم الأجرة وعد الأموال بدون الالتفات الي مهمته الأصلية في قيادة المقطورة التي تسير بسرعه كبيره غير مهتم باحتياجات الركاب ولا صرخات التباع.

لقد فقد التباع والركاب الامل في ان تسمع الحكومة النداء، احترسوا فأننا على وشك الاصطدام، ولا يزال السائق يقول اننا بخير ونسير في الطريق السليم. نحن نعلم انه لن يسمعنا فلذلك نقول له إذا كنت لا تثق فينا فلتشكل هيئه او جهاز او مجموعه تسألهم رأيهم، هل نسير في الطريق السليم.

ان انشاء الجهاز القومي لتنظيم السوق العقاري قد يكون هو اخر امل لدينا في مساعدة القيادة على تجنب مخاطر السوق العقاري، لا يمكن لسوق بهذا الحجم ان لا يكون له جهاز ينظمه ويراقبه ويضع القوانين والقواعد اللازمة لتوجيه السوق، ويكون مستقلا عن الحكومة ولا يرتبط برؤية وزير او مسؤول ويكون له خبراته التراكمية وكفاءاته المستقلة من خارج الحكومة، اذا كننا يئسنا من اقناع الحكومة ان تكف عن لعب دور المطور العقاري وتاجر الأراضي فلتترك دور الرقابة والتنظيم الي جهة مستقله و محترفه تساعدها علي أداء أدوارها.

ان السكن حق وليس سلعه.