بين الفقر والفرص: كيف نصنع مستقبلًا اقتصاديًا جديدًا للصعيد؟”

بقلم: المهندس هيثم الهواري

في يوم 2 أغسطس، 2025 | بتوقيت 12:53 م

كتب: العالم اليوم

حين نتأمل خريطة التنمية في مصر، يظل الصعيد هو التحدي الأكبر والفرصة الكبرى في آن واحد.

محافظة سوهاج تحديدًا تمثل نموذجًا صارخًا للفجوة التنموية بين الريف والحضر؛ فهي تحمل على كتفيها عبء الفقر والبطالة، لكنها في الوقت نفسه تمتلك مقومات قادرة على تحويلها إلى محور اقتصادي واعد إذا أحسن استثمارها.

الأرقام تتحدث بوضوح:

• أكثر من 60% من سكان سوهاج يعيشون تحت خط الفقر، في واحدة من أعلى النسب على مستوى الجمهورية.

• معدل البطالة في المحافظة يتراوح حول 6–7%، لكنه يقفز بين فئة الشباب والنساء ليشكل تحديًا اجتماعيًا حقيقيًا.

• الأمية ما زالت تقترب من 30%، ما يعكس فجوة تعليمية تحدّ من قدرة السكان على الاندماج في سوق العمل العصري.

 

ورغم هذه الأرقام القاسية، فإن سوهاج تملك فرصًا استثنائية للنهوض:

• استثمارات الدولة عبر مبادرة “حياة كريمة” أعادت رسم خريطة البنية التحتية في القرى، وفتحت أبوابًا جديدة للتعليم والصحة والخدمات الأساسية.

• المناطق الصناعية مثل “سوهاج الجديدة” و”طهطا” توفر قاعدة لجذب استثمارات القطاع الخاص في الصناعات الغذائية والتحويلية والحرف اليدوية.

• الاقتصاد الريفي بما فيه من زراعة وحرف تقليدية يمكن أن يتحول إلى مصدر دخل مستدام إذا دُمج مع منظومة إنتاجية وتسويقية حديثة.

التحديات الأساسية واضحة:

• هيمنة العمل غير الرسمي والزراعة التقليدية، ما يعني انخفاض الإنتاجية والدخل.

• ضعف مشاركة المرأة اقتصاديًا، رغم أن تمكينها كفيل بإحداث نقلة حقيقية في دخل الأسرة الريفية.

• الزيادة السكانية السريعة التي تلتهم أي مكاسب تنموية إن لم تُواجه بوعي وتنظيم.

من وجهة نظر الخبراء الاقتصاديين، فإن الطريق إلى نهضة سوهاج يمر عبر أربعة محاور رئيسية:

1. دمج التعليم بمحو الأمية والتدريب المهني، خاصة للفتيات والشباب في القرى، لتحويل التعليم إلى قوة إنتاجية حقيقية.

2. تمكين المرأة اقتصاديًا عبر برامج التمويل الصغير والحرف المنزلية وربطها بسلاسل القيمة في الأسواق المحلية والوطنية.

3. تشجيع الاستثمار الخاص في الصناعات التحويلية والزراعة الحديثة والخدمات اللوجستية، مع منح حوافز لجذب المستثمرين المحليين.

4. استمرار الدولة في تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية لضمان بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة.

إن سوهاج ليست فقيرة بالمطلق؛ ما تملكه من أرض وموارد بشرية وإرث حضاري يجعلها أقرب إلى إقليم الفرص الضائعة.

فإذا نجحنا في ربط الجهود الحكومية بمبادرات القطاع الخاص واستثمار طاقات الشباب والمرأة، يمكن أن تتحول المحافظة من بؤرة للفقر إلى نمو