أمن الطاقة في عالم مضطرب: كيف تحمي مصر مستقبلها؟

ما المقصود بـ”أمن الطاقة”؟ ولماذا أصبح هذا المفهوم أكثر أهمية اليوم؟
أمن الطاقة” يعني ضمان توافر مصادر الطاقة بشكل مستمر وآمن وبأسعار مستقرة، دون تأثر بالتقلبات السياسية أو الاقتصادية أو البيئية وتغير المناخ، أصبح العالم يُدرك أن أمن الطاقة هو جزء من الأمن القومي.
 
في عالم يتقلب بفعل التوترات الجيوسياسية وتغيرات المناخ والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، بات أمن الطاقة أحد أهم مرتكزات الاستقرار والتنمية. وبينما تعاني دول عديدة من اضطرابات في سلاسل الإمداد وتقلبات حادة في أسعار الوقود، تبرز مصر كنموذج لدولة تسعى بوعي استراتيجي لحماية أمنها الطاقي، من خلال التنويع والتكامل وتوطين التكنولوجيا.
منذ أكثر من عقد، أدركت مصر أن الاعتماد على مصدر واحد للطاقة ليس خيارًا مستدامًا. ومن هنا، بدأت خطة تنويع مزيج الطاقة، لتشمل الغاز الطبيعي، والطاقة المتجددة، والطاقة النووية، وحتى الهيدروجين الأخضر مستقبلًا. هذا التنوع يقلل من المخاطر المرتبطة بالتقلبات العالمية، ويوفر مرونة أكبر في التعامل مع التحديات الخارجية.
أحد أبرز عناصر هذه الرؤية هو التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة. فمن خلال خطوط الربط الكهربائي مع دول الجوار، ومنشآت إسالة الغاز في إدكو ودمياط، والبنية التحتية الحديثة في الموانئ، استطاعت مصر أن تعزز من موقعها الجيوطاقي، وتصبح لاعبًا مهمًا في معادلة الطاقة في شرق المتوسط.
كما أن التوسع في الطاقة المتجددة، من خلال مشروعات كبرى مثل مجمع “بنبان” للطاقة الشمسية ومزارع الرياح في خليج السويس، أضاف بعدًا بيئيًا واستراتيجيًا لأمن الطاقة. هذه المصادر المحلية لا تتأثر بالأزمات السياسية أو اضطرابات الشحن، وتمنح البلاد قدرة على الاستقلال التدريجي من تقلبات الأسواق العالمية.
ولأن أمن الطاقة لا يكتمل دون بنية تحتية قوية، فقد استثمرت الدولة مليارات الجنيهات في تطوير شبكات النقل والتوزيع، وتحسين كفاءة المحطات، والتوسع في العدادات الذكية، بما يضمن وصول الطاقة بموثوقية وكفاءة إلى المواطن والمصانع على حد سواء.
 
ما الرسالة التي يمكن توجيهها للمواطن حول أهمية أمن الطاقة؟
 أمن الطاقة ليس شأنًا حكوميًا فقط، بل يمس كل مواطن في استقراره المعيشي وفرص عمله وسعر الكهرباء والوقود. ومصر تسير بخطى واضحة نحو أن تكون نموذجًا في تأمين الطاقة والاستثمار في المستقبل الأخضر.
 
في النهاية، لا يمكن فصل أمن الطاقة عن أمن الدولة. ومصر تدرك أن مستقبلها الاقتصادي، واستقرارها الاجتماعي، ومكانتها الإقليمية، جميعها مرهونة بقدرتها على ضمان طاقة مستدامة، ومتنوعة، وآمنة. وفي عالم يزداد اضطرابًا، فإن من يملك الطاقة… يملك القرار.
 

م.مصطفى الشربينى
عضو المجلس العربي للطاقة المستدامة
[email protected]