خبراء الطاقة النووية يكشفون ل ” العالم اليوم” مخاطر قصف المنشآت النووية في ضوء التطورات الجارية في المنطقة

مصر تؤكد: شبكة الرصد الاشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر منتشرة في جميع محافظات الجمهورية..

في يوم 18 يونيو، 2025 | بتوقيت 4:37 م

كتبت: شيرين سامى

هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية :
لا يوجد تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل مصر

كريم الأدهم : حال تسريب المادة النووية “غاز سادس فلوريد اليورانيوم” ستكون داخل المنشأة نفسها أو في محيطها

يسرى أبو شادى :
أحذر من استهداف مفاعل بوشهر الإيرانى لحدوث إشعاعات ملوثة لمياه البحر المحلاه بدول الخليج العربي


عبد المسيح سمعان:
التسرب الإشعاعى يدمر النظم البيئية و يؤثر على الصحة و خصوبة التربة وجودة المياه و فقدان التنوع البيولوجي

==========

قصف الجيش الإسرائيلي فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025 مواقع عسكرية ونوويةفي إيران استهدفت العاصمة طهران ومدنا أخرى، بينها مدينتا نطنز وتبريز.
وقصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مفاعلات نووية ومقرات للحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى منشآت أخرى حيوية،و ذلك بهدف القضاء على البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، إذ استهدفت إسرائيل ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية هى ” نطنز وأصفهان وفوردو -“وعدد من كبار العلماء المشاركين في البحث والتطوير النووي.
و حول خطورة الحرب الدائرة بين إسرائيل و إيران خاصة ان هناك تخوف عالمى من نشوب” حرب نووية “و تأثيرات ذلك المدمرة للعالم و البشرية و النظام البيئى .

و للإجابة على هذه التساؤلات و تخوفات الشارع المصرى من تأثيرات قصف المنشآت النووية و مدى تأثر مصر بها.. كان ل ” العالم اليوم” هذا التحقيق ..

مصر آمنه

في البداية أكدت الهيئة الأم فى مصر المسئولة عن الرقابة النووية و الإشعاعية ، أنه ضوء التطورات الجارية في المنطقة تطمئن هيئة الرقابة النووية و الإشعاعية المصرية السادة المواطنون أنه لا يوجد مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل جمهورية مصر العربية؛ كما توضح أنها تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمي وفقا لتطورات الأحداث الجارية، وذلك من خلال:
– المتابعة المستمرة للتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتنسيق الدائم مع الجهات الوطنية المعنية.
– متابعة الخلفية الإشعاعية من خلال منظومة الرصد الإشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر بالهيئة، والتي تستخدم أحدث أجهزة الرصد الإشعاعي المنتشرة في كافة أنحاء الجمهورية.
وتهيب الهيئة بالسادة المواطنين الاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة كمصدر موثوق للمعلومات في هذا الشأن.
و أفادت هيئة الرقابة النووية و الاشعاعية ان الوضع الاشعاعي في منشأة نطنز بالجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يزال تحت السيطرة ولا توجد أي مؤشرات على حدوث اي تسرب حتى الان.
كما تؤكد الهيئة انها تتابع كافة التطورات المتعلقة بالوضع الاشعاعي من خلال شبكة الرصد الاشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية، ويتم متابعة قياسات الخلفية الإشعاعية بصورة مستمرة والتنسيق مع كافة الأطراف المعنية على مدار الساعة للتأكد من سلامة المواطنين والبيئة.

تخصيب اليورانيوم

وحول مدى خطورة وجود تسريب إشعاعي من المنشآت النووية الإيرانية التي تقصفها إسرائيل،قال الرئيس الأسبق للمركز القومي للأمان النووي والرقابة الإشعاعية الدكتور كريم الأدهم ل ” العالم اليوم” ، أنه في حال حدوث تسريب للمادة النووية المعروفة بغاز سادس فلوريد اليورانيوم من المنشآت النووية التي تعرّضت للقصف، فستترسب هذه المادة داخل المنشأة نفسها أو في محيطها، ولن تكون هناك أي فرصة لانطلاق تسريب هذه المادة في إيران نفسها أو في الدول المجاورة لها، وذلك لأن هذه المفاعلات النووية تقع في اعماق كبيرة تحت الأرض، وبالتالي لن ينتج عنها أضرار إذا ما تم تدميرها، ولا خطورة على مصر إطلاقا .
واوضح الدكتور كريم الأدهم ، أن إسرائيل تصب تركيزها في هجماتها العسكرية التي تشنها ضد إيران على منشآت تخصيب اليورانيوم تخوفا من انتاج سلاح نووى ، لأن هذه المنشآت من الممكن أن تدخل ضمن البرنامج النووي العسكري الإيراني.
وأشار إلى أن إيران تمتلك منشأتين نوويتين كبيرتين،وهما نطنز التي تقع أجزاء منها فوق الأرض وأخرى تحتها، بينما منشأة فوردو تقع تحت الأرض، كاشفا أن إسرائيل نجحت بالفعل في إحداث خسائر كبيرة في منشأة نطنز، وخصوصا في أجزائها الواقعة فوق الأرض.
وحول رؤيته اذا قامت إسرائيل بقصف مفاعل بوشهر النووي، استبعد د.كريم الأدهم، الرئيس الأسبق للمركز القومي للأمان النووي والرقابة الإشعاعية، إقدام الجانب الإسرائيلي على ضرب هذا المفاعل للعديد من الأسباب ،وأبرز هذه الأسباب:
عدم الأهمية الإستراتيجية منه بالنسبة لإسرائيل، فهو ليس منشأة أبحاث، ولا يحتوي على أنشطة تخصيب وأجهزة طرد مركزي، كما هو الحال في منشآت أخرى أكثر أهمية مثل نطنز وأصفهان وفوردو، حيث تحتوي هذه المنشآت النووية على أنشطة التخصيب والتطوير.

مفاعل بوشهر النووى

بدوره حذر كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور يسري أبو شادي خلا حديثه ل ” العالم اليوم”، من استهداف إسرائيل لمفاعل “بوشهر” النووي، أول مفاعل روسي للقوي النووية في إيران، و الذى يعد أول محطة نووية لإنتاج الطاقة الكهربية في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن بوشهر هو مفاعل مدني لتوليد الطاقة الكهربائية، وليس منشأة نووية عسكرية، إلا أن كبير مفتشي الوكالة الدولية أبو شادي حذر من خطورة هذا المفاعل في حالة استهدافه من قبل إسرائيل، موضحا أنه يحتوي على وقود نووي عالي الإشعاع، وبالتالي إذا تعرض لأي نوع من القصف ستتسرب من خلاله مواد إشعاعية في الجو.
وحذر أبو شادي من أنه ستكون هناك تداعيات خطيرة جراء استهداف مفاعل بوشهر ، ليس فقط على دول المنطقة، ولكن سيصدر من هذا المفاعل إشعاعات تُلوّث مياه البحر التي تُحلّيها دول الخليج العربي للشرب، مشيرا إلى أن تأثيرات الإشعاعات النووية على الإنسان تتمثل في إصابته بأمراض وأورام سرطانية وأمراض الدم، بالإضافة إلى العيوب الخلقية والإصابات المزمنة الأخرى.
و اوضح د.أبو شادى ، إن إيران تملك بضعة منشآت نووية، وأهمها منشأة نطنز للتخصيب، وهو معمل لتخصيب اليورانيوم وليس مفاعلا نوويا، وهذا المعمل عبارة عن مصنعين ؛ أحدهما يقع تحت الأرض، وهو بمثابة معمل تجريبي بسيط، ويحتوي على بضعة مئات من وحدات التخصيب وكميات محدودة من اليورانيوم المخصب، وهذا الجزء تم استهدافه من قبل إسرائيل، وحدث بالفعل منه تسريب إشعاعي، لكنه محدود ولا يمثل أية خطورة.مشيرا إلى أن خطورة منشأة نطنز النووية تكمن في مصنعها الواقع تحت الأرض، والذي يصل إلى عمق أكثر من 80 مترا، ويوجد به أكثر من 11 ألف وحدة تخصيب، وقام الإيرانيون بتخصيب 500 كيلوغرام عالي التخصيب بداخله.
وأضاف أن إسرائيل لم تستطع حتى الآن استهداف هذا المصنع الواقع تحت الأرض، والذي يتمتع بتحصين عالي الدقة، كما أشار إلى أن منشأة فوردو النووية أيضا لها أهمية كبيرة في برنامج إيران النووي، وتحتوي على بضعة آلاف من وحدات التخصيب، لكنها موجودة في عمق كبير داخل الجبال، ولا تستطيع إسرائيل الوصول إليها.

التسرب الإشعاعى

وقال الدكتور عبد المسيح سمعان استاذ الدراسات البيئية جامعة عين شمس فى تصريحات خاصة ل ” العالم اليوم” ، انه حال حدوث اى تسرب اشعاعى ، يستمر التساقط الإشعاعي الناتج عن الانفجارات النووية في البيئة لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تلوث الهواء و التربة والمياه والنباتات و الكائنات الحية ، مما يؤدي إلى مخاطر صحية مستمرة على كل من النظم البيئية والسكان.
و يؤثر أيضا على صحة الفرد من خلال استنشاق ذرات الهواء بشكل مكثف مما قد يؤدى إلى الوفاة.
كما أكد أن المناطق الملوثة تصبح غير صالحة للسكن لأجيال عديدة، مما يستلزم بذل جهود إصلاحية مكثفة لاستعادة جودة البيئة وحماية الصحة العامة .
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الانفجارات النووية إلى تدمير الموائل، وفقدان التنوع البيولوجي، واختلال التوازن البيئي. بينما قد تشهد النظم البيئية اضطرابات في دورة المغذيات، وخصوبة التربة، وجودة المياه. و تؤثر على المحصول الزراعى ايضا مما ينعكس سلبا على صحة الفرد و يزيد من زعزعة استقرار النظم البيئية الهشة، ويضعف قدرتها على الصمود في وجه الضغوط البيئية .
و اضاف د.عبد المسيح أن التعرض الفوري و القوى لمستويات عالية من الإشعاع قد يؤدي إلى العديد من الأمراض مثل امراض الدم و السرطان والغده .بالإضافة إلى طفرات جينية، وتشوهات خلقية للأجنة، بالإضافة إلى الآثار طويلة المدى على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي .