السوق العقاري و لعنه تلبيس الطواقي و كره الثلج و الهروب للامام
في يوم 9 يناير، 2025 | بتوقيت 6:40 م
كتب: العالم اليوم
تبدأ القصه من تأسيس شركه تطوير عقاري برأسمال محدود علي عكس طبيعه الصناعه و التي تعتبر من نوعيه الصناعات الكثيفه رأس المال و يكون اول هدف لصاحب الشركه هو تأسيس مقر جذاب جدا و علي اعلي مستوي من التشطيب و ذلك لاعطاء انطباع عام لدي المشترين المحتملين بأن الشركه و بالرغم من حداثتها الا انها شركه عظيمه تسمتع بمقر راقي في مكان مميز و بأعلي مستوي من التشطيبات و كل ذلك لسهوله البيع عند اطلاق المشروع الاول.
ثم تأتي بعد ذلك ثاني ضروره ملحه و هي شراء ارض و بعد شراء الارض و وضع تصميم جذاب للمشروع تظهر الحاجه الملحه لتحقيق مبيعات سريعه و تأمين تدفقات نقديه تكفي لسداد اقساط الارض و الشروع في اعمال الانشاءات للمشروع فيسرع صاحب الشركه في تعيين فريق مبيعات محترف و استكمال الهيكل الاداري للشركه مع الاقتصاد في عمليه التعيينات ما امكن و تعيين الوظائف الضروريه فقط و ذلك لعدم كفايه رأس المال في المقام الاول و يكتفي بتعيين محاسب او اتنين و تسند معظم الاعمال لشركات خارجيه للتوفير و بدلا من تعيين طاقم ادراي كامل و الشركه لسه في اولي خطواتها و تسند اعداد دراسه الجدوي للمشروع لمكتب استشارات ماليه و التسويق ايضا يتم اسناده لشركات خارجيه و كذلك الاستشارات القانونيه و كتابه عقود البيع يتم ايضا اسنادها لمكتب خارجي.
و ياتي يوم اطلاق المشروع الاول بعد عناء و مراجعات مضنيه للتأكد من ان المشروع علي اعلي مستوي من التخطيط العمراني و يوفر كافه احتياجات الاسره المصريه بل و اكثر من حيث انه يتميز بطابع خاص يعطي احساس بالتفرد و يتم تنفيذ حمله دعايه واسعه جدا لاعطاء الدفعه الكافيه للمبيعات و تبدأ المكالمات التليفونيه و التعليقات علي وسائل التواصل و تبدأ الزيارات لمقر الشركه من العملاء المحتملين و تبدأ الحجوزات و التعاقدات و بيدأ فريق البيع بالضغط علي صاحب الشركه في اعطاء تخفيضات و خصومات للمشترين و يوافق صاحب الشركه تحت ضغط عدم كفايه رأس المال و اعتماده الكلي علي التمويل من المبيعات بل و اكثر من ذلك حيث يتم منح العميل فترات تقسيط اطول من ما جاءت به دراسه الجدوي و ذلك تحت ضط فريق المبيعات و بحجه التماشي مع السوق و التماشي مع العروض المطروحه من المطورين المنافسين.
و تبدأ عمليه اختيار مكتب استشاري لاعداد الرسومات و المواصفات الفنيه للمشروع و من ثم مقاول عام للمشروع و تجميع العروض السعريه – طبعا بالاعتماد علي مكاتب خارجيه و ليس موظفي الشركه- و عاده ما تستمر خطوه اختيار المكتب الاستشاري و المقاول العام و الترسيه و التعاقد و الانتهاء من الرسومات الفنيه لمده سته اشهر او سنه في بعض الاحيان.
و بعد تعيين الاستشاري العام و المقاول العام للمشروع تبدأ اعمال الجسات و التسويه و الحفر و التي لا تقل عن سنه اخري و خاصه ان كانت مساحه المشروع كبيره او ان كانت التربه بها بعض المناطق الصخريه و التي تستغرق وقت اطول للتكسير و نقل ناتج التكسير.
و هنا تحدث المفاجأه….سعر متر المباني اصبح اعلي بكتير من ما جاءت به دراسه الجدوي و المفاجاه الاكبر ان ما تم بيعه لا يكفي سداد اقساط الارض و تكلفه ايجار المقر الفاخر و سداد مستخلصات المقاول خاصه و انه مضي من سنه لسنتين في احسن تقدير من يوم ان بدأ البيع ليوم استلام اول مستخلص.
و هنا تبدأ رحله تلبيس الطواقي و الهروب للامام حيث تظهر الحاجه الملحه للتعاقد علي ارض جديده و بدأ البيع فيها بأسعار اعلي من سابقتها لتمويل المشروع القديم و الجديد علي حد سواء و هو ما لا يحدث مطلقا حيث انه اي مبيعات لاي مشروع مهما كانت مربحه لا تكفي ان تسدد تكاليف الانشاءات لمشروعين في وقت واحد ناهيك عن اقساط الارض الجديده فيكون الحل السحري -من وجهه نظر صاحب الشركه- هو الهروب للأمام و التعاقد علي ارض جديده املا منه في تمويل العجز.
و يستمر الهروب للأمام عندما يستمر العجز نظرا لعدم كفايه رأس المال في المقام الاول ثم عجز المشروع الجديد في تمويل المشروعين و عدم توافر التمويل البنكي للشركات الناشئه في التطوير العقاري نظرا لعدم اثبات اي ارباح ناتج عن تسليم الوحدات للمشتريين و بالتالي احجام البنوك بشكل عام عن التمويل عن طريق الاقراض و يصبح الامل الوحيد في اطلاق المشروع الجديد و تكبر كره الثلج مع اطلاق المزيد من المشاريع و يكبر معها حجم الانشاءات المتاخره و التي يرتفع سعرها كل يوم و يتأخر تسليم العميل في الموعد المتفق عليه و المذكور في العقد.
اخيرا ارجو النظر في اصدار قانون ينظم تاسيس شركات التطوير العقاري و يلزم بدفع رأس مال يكفي الالتزامات و يحترم طبيعه الصناعه و يحافظ علي الصناعه من التعرض لصعوبات و تحديات لا يعلم عاقبتها الا الله.