وحوش وقت النوم

تحت عنوان قصص وحكايات لإنقاذ الأرض يذكر أحد الكًتاب أن كتب الأطفال وسيلة للاستعداد لكوارث كوكب مهدد بالفناء ولعل كتاب ليام هينيجان ” وحوش وقت النوم: الكشف عن الحكمة البيئية في أدب الطفل ” ، خير دليل على أن كتب الأدب لها القدرة على مساعدة الأطفال للتعامل مع السيناريوهات التشاؤمية للمشكلات البيئية وأزمات الكوكب.
وتُعتبر وجهة النظر التي تبناها هينيجان استجابة لحركة ” لن نترك أي طفل بالداخل “والتي أطلقها الصحفي ريتشارد لوف في كتابه “آخِر طفل في الغابة”، المنشور في عام 2005 .
أن دعوة الكاتب هينيجان و الصحفي لوف دعوة من دعوات العديد الذين اخذوا على عاتقهم استعادة أطفال اليوم من عالم التكنولوجيا الرقمية والواقع الافتراضي وربطهم بالطبيعة .
إن سرد القصص والحكايات غذاء العقل عند الأطفال والكبار على حد سواء وهى تتيح لهم الطيران على أجنحة الخيال في شتى أنحاء العالم وتخطى حدود الزمان والمكان والتنوع العرقي واللغوي وتلاشى الحدود بين الماضى والحاضر. وسيظل السرد القصصى والحكايات من أكثر ألوان الأدب تأثيرًا على الطفل حيث يُقبل على قراءة القصص و الاستماع إليها منذ سنٍ مبكرة من حياته ويميل إلى الاتحاد بشخصيات تلك القصص ومحاكاتها، وتقمُص مواقفها، ومن ثم يبدأ بإدراك معايير السلوك الاجتماعي القائمة على العلاقات المتبادلة بين تلك الشخصيات فيكتسب بهذا القدرة على تنظيم سلوكه تنظيماً واعياً وفقاً لتلك المعايير المرغوب فيها ، لذلك يُعد السرد القصصى قلب وروح التربية وحجر الأساس فى التدريس للحد الذى أشار اليه أحد العلماء بأننا جميعا بحاجة إلى القصص لعقولنا بقدر ما نحن بحاجة إلى الطعام لأجسادنا . ولولا القصة لكان من الممكن أن يفنى الجنس البشري كما كان من الممكن أن يفنى لو نضب الماء وتوقف عن الجريان
وفى دراسة حول أدب الأطفال والقضايا البيئية: القلب فوق العقل ، ركزت على أهمية دمج الطرق العاطفية والمعرفية للمعرفة من خلال الأدب . حيث أشارت الدراسة إلى استخدام مشروع تم إجراؤه بفصل دراسي بالصف السادس لفحص آثار أدب الأطفال على اتجاهات ومعتقدات الأطفال تجاه القضايا البيئية ، و تم استخدام قصة “هناك بومة في الحمام” للمؤلف جان كرايجيد جورج .وتم تشجيع الأطفال على إصدار أحكام حول الأنواع المهددة بالانقراض على أساس المبادئ البيئية وقيمهم الشخصية . وتناولت تلك القصة مشكلة الأنواع المهددة بالانقراض و قضية حقوق الحيوان مقابل حقوق البشر .
تُعد إعادة سرد قصة الأرض من خلال الخيال البيئي إحدى الطرق المهمة لإنشاء مستقبل أكثر إنسانية وتصحيح العلاقة بين البشر والطبيعة ويجب عند تشكيل مثل هذه القصص أن يتصور الفرد حالة مستقبلية مرغوبة لكى يضع أهداف فرعية للوصول لتلك الحالة و تحديد ما هو ضروري للوصول إلى تلك الحالة المستقبلية من خلال توجيه الفرد نحو العمل للوصول إلى فضل حال للبيئة في ظل تفاقم المشكلات البيئية .
انها رسالة إلى عالم الكبار لاستعادة عادة تعرضت للإبادة في ظل هيمنة التكنولوجيا الرقمية لاستعادة قيم المجتمع التي غابت منذ أصبح الواقع الافتراضي بديل للواقع الحقيقي .
إن ممارسة الأطفال للقراءة، وقراءة الكتب لهم، سوف تساعدهم على اكتساب الثقافة البيئية، الأمر الذي يُمَكِّنهم من الانخراط في الطبيعة، والتفاعل معها بشكل أكثر عمقًا.


أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي
[email protected]