الموسيقى في قائمة العلاج
في يوم 8 مايو، 2023 | بتوقيت 2:42 م
كتب: بقلم /ا.د ريهام رفعت
زرع فيروس كوفيد-19 الهلع في نفوس الناس، ونفذ عملية اعتقال جماعية لسكان الكرة الأرضية وفي كل مرة ترتفع فيها أعداد الإصابات والوفيات يرتفع معها معدل القلق؛ لذا كان من الضروري إيجاد حلول لتحسين الحالة النفسية فجاءت الموسيقى إحدى أبرز الوسائل للتغلب على الخوف والهلع.
صحيح أن منظمة الصحة العالمية قد أعطت إرشاداتها لتقوية جهاز المناعة في المنزل كممارسة الرياضة والنوم جيدًا واعتماد نظام غذائي صحي، إلا أن الموسيقى تلعب دورًا لا يقل أهمية في هذا الصدد وأثبتت فاعليتها في معالجة الكثير من الأمراض منها السرطان والأمراض المُزمنة والإدمان، فهي ليست مجرد «تمضية وقت»، بل هي تقنية للعلاج النفسي خصوصًا في حالات الهلع والخوف.
كما أن الموسيقى تخلق شعورًا بالانتماء والمشاركة، إنها ترياق للقضاء على الإحساس المتزايد بالاغتراب والعزلة في المجتمع بشكل عام، وخاصة فى ظل الاجراءات الاحترازية من تقويض النشاط الاجتماعي والعزلة
وقد قررت منظمة الصحة العالمية ومنظمة المواطن العالمى – وهى منظمة دولية نشأت في ملبورن بأستراليا استهدفت التعليم والدعوة وتعمل على تحفيز الحركة لإنهاء الفقر المدقع وتعزيز العدالة الاجتماعية والإنصاف و التأثير على القادة والمواطنين للعمل إيمانا بأن الإجراءات الجماعية يمكن أن تحدث فرقًا – تنظيم حفل مباشر ضخم يعود ربحه لدعم الطاقم الطبي الذي يشكل خط الدفاع الأول لمواجهة »كوفيد-19« تحت عنوان “عالم واحد، معا في المنزل”.
وهكذا فإن الموسيقى لم تفقد بعد أهميتها للبشرية فقد تحولت المجتمعات في جميع أنحاء العالم إلى الموسيقى خلال أزمة »كوفيد-19« ؛ فالموسيقى لها تأثير إيجابي على النفس والروح فهي تنتقل إلى الدماغ عبر حاسة السمع، وتؤثر على كامل الأعضاء من خلال انتقالها عبر الخلايا العصبية من الدماغ إلى الجسد، وهي تُساعد في تخفيف الشعور بالإحباط وتقوية جهاز المناعة العصبي واضطرابات ما بعد الصدمة.
وقد عمدت بعض الدول إلى تخفيف الذُعر بين مواطنيها بالقليل من الموسيقى، ففي العالم العربي مثلاً انتشرت أغاني ومقاطع فيديو تحتوي على إرشادات للتعامل مع الفيروس.
وفي زمن أصبح فيه الفيروس البطل فمن الجيد أن نقوم بجلسات عائلية بسيطة من خلال اختيار المقاطع الموسيقية التي نحبها أو حتى عبر العزف الجماعي إذا كان الأمر متاحاً، أو عبر العزف الإيقاعي أو الارتجالي وهو غالبًا ما يحبه الأطفال، حيث يقوم الطفل بتقليد إيقاع معين مستخدمًا أي أداة فى المنزل وليس بالضرورة آلة موسيقية.
لقد تم اللجوء إلى الغناء الجماعي عبر تركيب كلمات على ألحان معروفة أو تلحين كلمات وجُمل تُعبر عن كورونا ، وهي نشاطات مُسلية ومضحكة ومفيدة للكبار والصغار على حد سواء.
فسواء كان العزف على إحدى الآلات الموسيقية أو تمتع الفرد بصوت جميل فإن الموسيقى كانت الترياق للتغلب على الخوف من كورونا والابتعاد عن الأخبار السيئة وأعداد الإصابات التي تتغير كل لحظة.
وقد صمم كل من الدكتور أحمد رشاد المُلقب بالدكتور بوب Dr. BOP والدكتور يوسف شودري المُلقب بالدكتور بوبDr. POP – وهما طبيبين مرحين تم تدريبهم في مجال الطب الطبيعي والتأهيل – أغاني وفيديوهات تعليمية متنوعة في مجالات عدة منها مجال الصحة والبيئة
وأشار دكتور أحمد رشاد إلى تأثير الموسيقى فى الشفاء وذلك أثناء دراسته للحصول على درجة الماجستير في علم وظائف الأعضاء من كلية الطب بفيرجينيا أثناء إقامته في جامعة جورج تاون للطب الطبيعي وإعادة التأهيل، وإنطلاقًا من أن الموسيقى لغة عالمية تتجاوز جميع الحواجز قام بنشر رسالته حول العالم بمساعدة دكتور يوسف شودرى، وإعطاء الآباء نصائح مفيدة واستراتيجيات إبداعية لتعزيز أسلوب حياة صحية لأطفالهم وكذلك لأنفسهم فدائمًا ما يؤكدان على أن ” الصحة هي الثروة ” ، فقد أعدّا مشروعًا قائمًا على استخدام الموسيقى فى تعليم الأبجدية والألوان والرياضيات الأساسية وممارسات النظافة الصحية والسلامة الشخصية والنظام الغذائي والنشاط البدني و البصمة البيئية.
فموسيقاهم لها نغمة رائعة للغاية ودمجها مع كلمات الأغاني ساهم في تعليم الأطفال وآبائهم التدابير الوقائية الأساسية وخيارات نمط الحياة الصحية، لقد بدأوا هذا المشروع في صيف 2019، وهم يستخدمون الرسوم المتحركة والموسيقى ومقاطع الفيديو والمحتوى الخاص بهم متاح على اليوتيوب والانستجرام .
وفى إطار انتشار جائحة كورونا قام الطبيبان بإعداد مجموعة من الأغاني لتعليم الأطفال عن كورونا والإجراءات الصحية للحد من العدوى حيث تم إعداد أغنية فيروس وإعداد أغنية فيروس كورونا باستخدام موسيقى الراب أو كما يًطلق عليها موسيقى الهيب هوب وهى أحد أنواع الموسيقى الشعبية في الولايات المتحدة الأمريكية طوّرها الأمريكيون الأفارقة و اللاتينيين، وأغنية ارتداء القناع والتباعد الاجتماعي بالإضافة إلى تقديم فيديو تعليمي بعنوان ماذا يكون فيروس كورونا ؟ قد يكون تزاوج العلم مع الفن والادب أكثر فاعلية للتأثير والتربية والتعليم ويبقى السؤال أي نوع من الفن يهذب الإحساس ويربى جيل على القيم والمبادئ والاخلاقيات؟ أطفالنا أمانة بيئتنا أمانه والعمل أمانة والعلم أمانة؛ فلنحافظ على أطفالنا وبيئتنا وليكون العمل والعمل شراع من أجل الحفاظ على صحة الأطفال الروحية والجسدية فصحة الفرد نواة لصحة الكوكب .
أ.د/ ريهام رفعت محمد
وكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية للدراسات العليا والبحوث وأستاذ التربية البيئية بقسم العلوم التربوية والإعلام البيئي
[email protected]