دراسة بحثية : ارتفاع تكلفة الرعاية الطبية للفرد مجدداً إلى مستويات ما قبل الجائحة

جائحة كوفيد-19 أفرزت تحديات إدارية لرعاة خطط التأمين-

في يوم 28 فبراير، 2023 | بتوقيت 1:37 م

كتبت: نجوى طه

افادت دراسةبحثية أجرتها شركة «ميرسر مارش بنفيتس»، المتخصصة في مجال امتيازات الموظفين ورعايتهم الصحية وإدارة التكاليف، أن التأثيرات طويلة المدى لجائحة كوفيد-19، واحتياجات مكان العمل المتغيرة ستؤدي إلى التغيير في خطط تأمين الرعاية الصحية، سواء من حيث زيادة تكاليف المطالبات نتيجة للتشخيص المتأخر، أو الابتكار الرقمي ومعايير الشمولية لشركات التأمين.

واستطلعت الشركة في أحدث أبحاثها آراء 226 شركة تأمين في 56 دولة لمعرفة المزيد عن أهم الاتجاهات التي تشكل مستقبل الرعاية الصحية التي يقدمها أصحاب العمل.

 وكشفت نتائج البحث أن أرباب العمل سيحتاجون إلى موازنة تكاليف خطط التأمين المستقبلية بعناية، مع تزايد أهمية مزايا الرعاية الصحية كأداة فاعلة لجذب المواهب والمشاركة. وبالرغم من زيادة تكاليف الرعاية الطبية والتأثير الأوسع للتضخم، تتوقع شركات التأمين استمرار 68% من أصحاب العمل على مستوى العالم في الارتقاء بالخطط التأمينية لدعم احتياجات المواهب. وعلى الصعيد العالمي، تعتقد شركات التأمين أن أقل من ثلث (32%) رعاة الخطط سيقلصون التغطية التأمينية لإدارة التكاليف، بينما تختلف هذه النتائج بشكل طفيف في الشرق الأوسط إفريقيا لتصل نسبتها إلى 56% و44% على التوالي.

 وقال جوليو جارسيا فيلالون، رئيس ميرسر مارش بنفيتس في الشرق الأوسط وإفريقيا: “تبدو التأثيرات الجانبية لجائحة كوفيد-19 على التكاليف والتغطية التأمينية والمطالبات وإدارة الخطط، جلية من خلال النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، والتي تعطينا فكرة عن الاتجاهات الخمسة الرئيسية التي يمكن تحديدها بما يلي:

1.عودة الارتفاع في تكلفة الرعاية الطبية للفرد إلى مستويات ما قبل الجائحة.

2استمرار تأثير الجائحةعلى قطاع المطالبات.

3انطلاق مرحلة تحديث خطط التأمين.

4استمرار وجود فجوات في تأمين الصحة النفسية.

5إدارة الخطط التأمينية تتطلب دقة أكبر.

وسيدرك مشترو باقات التأمين بالفعل الحاجة الملحة إلى إدارة قوية للتكاليف، مع ما يعتري أماكن العمل من شعور بتأثير التضخم العام على الشركات والموظفين، وسيحتاجون أيضاً إلى طرح أسئلة دقيقة على شركات التأمين لفهم النطاق الكامل لجوانب التغطية، مثل موضوعي دعم الصحة النفسية والابتكار الرقمي.

 ونوصي جميع الشركات التي لديها تأمين صحي بمعالجة النقاط الخمس التالية:

1 التخطيط للزيادات المستقبلية في التكاليف المرتبطة بالتضخم، ولكن مع الحفاظ على التوازن مقابل قيمة التأمين الصحي كأداة جذب واحتفاظ.

2 طرح أسئلة دقيقة ومعمقة على شركات التأمين حول النطاق الحقيقي لدعمهم في حالات الصحة النفسية.

3 استكشاف وظائف وجودة الخدمات الرقمية التي تقدمها شركات التأمين، وفهم مدى ملاءمتها مع محفظة المزايا.

4تعزيز الفحص الصحي والتشخيص المبكر للأمراض المزمنة؛ للمساعدة في إدارة تكاليف المطالبات المستقبلية.

5. البقاء على اطلاع بمتطلبات شركات التأمين المتغيرة؛ والمتعلقة بممارسات التأمين الخاصة بهم (على سبيل المثال، بيانات لقاح كوفيد-19)، ووضع خطة فاعلة للوفاء بها.

 كشفت اتجاهات الدراسة البحثية التي أجرتها شركة ميرسر مارش بنفيتس في عام 2022 خمس حقائق رئيسية:

  1. عودة الارتفاع في تكلفة الرعاية الطبية للفرد إلى مستويات ما قبل الجائحة.

وجد البحث أن معدل الاتجاه الطبي العالمي (زيادة التكلفة السنوية للمطالبات بموجب خطة طبية على أساس الفرد) لعام 2021 هو 10.1%، وهذه النسبة تشكل عودة واضحة إلى مستويات ما قبل الجائحة (9.7% في عام 2019)، بعد انخفاضها إلى 5.7% في عام 2020.

 وتتوقع شركات التأمين أن تتجاوز معدلات عامي 2022 و2023 العالمية ما شهده عام 2019، لتصل إلى 12.7% و12.6% على التوالي. وعلى نحو مماثل تعكس المعدلات المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ذات الاتجاه؛ إذ وصلت النسبة إلى 10.2% في عام 2021 (9.6% في عام 2020)، بينما سجلت في عام 2022 إلى 15%، ومن المتوقع أن تصل إلى 13.8% في عام 2023.

 وأضاف جوليو: “في الوقت الذي يعكف فيه أصحاب العمل على وضع خطط التأمين الصحي وبرامج الرفاهية لموظفيهم لعام 2023، سيكون للتضخم والمخاوف المتعلقة بالصدمات الاقتصادية الأخرى تأثيراً على اتخاذ أي قرار في هذا الشأن. غير أن العوامل الأخرى مثل تشخيص المرض في مراحل متأخرة، وزيادة حجم المطالبات بسبب كوفيد-19،  هي عوامل تسهم على نحو كبير في تحديد الاتجاه الطبي. ويجب على أصحاب العمل وضع الخطط اللازمة لمواجهة زيادة التضخم والبيئة المحيطة بالاتجاه الطبي، ولكنهم سيحتاجون إلى تحقيق التوازن بين العامل الاقتصادي والتعاطف، في وقت ما زال فيه التأمين الصحي يمثل فارقاً مهماً في مناطق عديدة، وفي سوق عمل واقعة تحت ضغوط جمة. لذلك لابد من الاستماع إلى الموظفين، وتحديد أولويات المزايا والبرامج الأكثر قيمة بالنسبة لهم.”

2) استمرار جائحة كوفيد-19 في التأثير على قطاع المطالبات.

تستمر أثار جائحة كوفيد-19 في التأثير على مطالبات التأمين الطبي بالرغم من عودة الحياة العامة إلى طبيعتها في معظم المناطق، إذ ما زالت الجائحة بحد ذاتها تمثل خطراً على الصحة، لا سيما في مناطق مثل أمريكا اللاتينية. وعلى الصعيد العالمي، تبرز حالياً الآثار المدمرة لعمليات الإغلاق، والمخاوف من العدوى من خلال التشخيص المتأخر، حيث أبلغت أكثر من نصف (55%) شركات التأمين على مستوى العالم عن اكتشاف المزيد من حالات المرض المتأخرة في المطالبات بسبب الرعاية المؤجلة.

 وتابع جوليو: “أفادت شركات التأمين في الشرق الأوسط وإفريقيا بأن أمراض الجهاز التنفسي كانت السبب الرئيسي لتكاليف المطالبات في عام 2021، وأحد الأسباب الثلاثة الأكثر شيوعاً للمطالبات إلى جانب أمراض الدورة الدموية، وأمراض الغدد الصماء، والأمراض الأيضية. وقد أدى التشخيص المتأخر إلى اكتشاف أمراض الجهاز التنفسي والأمراض المزمنة الأخرى في مراحل لاحقة، عندما يكون علاجها أكثر صعوبة وتكلفة. ومع بدء عودة الخدمات إلى طبيعتها، أصبح بمقدور فرق الموارد البشرية المساعدة من خلال تعزيز إجراء الفحوصات الصحية المنتظمة لكل من الموظفين وجميع أفراد الأسرة.”

 3) البدء بتحديث خطط التأمين.

بالرغم من الآثار السلبية الكثيرة لجائحة كوفيد-19، إلا أنها أسفرت عن بعض النتائج الإيجابية مثل زيادة الابتكار في قطاع شركات التأمين، لا سيما في التطبيب عن بعد، والرعاية الصحية عن بُعد. وأصبح ما يقرب من ثلاثة أرباع (69%) شركات التأمين تقدم الآن خدمة التطبيب عن بعد، ويبدو أن هذا النهج سيصبح جزءاً دائماً من خدماتها.

 وأردف جوليو قائلاً: “نشهد تحولاً كبيراً في طبيعة القوى العاملة، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تغيير كيف ومتى وأين نعمل. وفي الوقت ذاته، يسعى أصحاب العمل للتركيز على إنشاء مقر عمل متنوع، ومنصف، وشامل، لتمكين جميع الموظفين من تقديم أفضل أداء لديهم. ويسعدنا أن نرى شركات تأمين الرعاية الصحية تستجيب لهذا التغيير، فعلى سبيل المثال، وجدنا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أن 31% منها يستخدم التطبيقات للعثور على الطبيب المناسب أو الرعاية الطبية المناسبة؛ متى وأينما يحتاجها المستخدم. ولدى مراجعة مزايا الرعاية الصحية، لابد من تقييم ما إذا كانت عروض شركات التأمين تلبي بالفعل احتياجات جميع القوى العاملة المؤمن عليها.”

4) استمرار وجود فجوات في تأمين الصحة النفسية.

أصبح كل من أصحاب العمل وشركات التأمين أكثر وعياً بأهمية الصحة النفسية وتأثيرها المحتمل كمصدر للمطالبات،

وعلى الرغم من قيام بعض شركات التأمين بزيادة تغطية حالات الصحة النفسية، لا تزال 19% من شركات التأمين في الشرق الأوسط وإفريقيا تستثني التغطية على الصحة النفسية. وحتى من بين أولئك الذين يقدمون غطاءً، فإن أقل من النصف (47%) يتواصلون بشكل كافي في المواضيع النفسية، مثل كيفية الوصول إلى خطوط دعم الأزمات.

 وأضاف جوليو: “لعله من الإيجابي أن نرى تركيزاً أكبر من بعض شركات التأمين على الصحة النفسية، ولكن في بعض الحالات، لا تزال العروض أقل من احتياجات المطالبين ورعاة خطط التأمين. ولا بد لقسم الموارد البشرية من إجراء تقييم دقيق لمستويات التغطية لمطالبات الصحة النفسية، مثل جلسات الاستشارة، وذلك للتأكد من أنها تمنح الموظفين مستوى مناسباً من الدعم.”

5) إدارة الخطط التأمينية تتطلب دقة أكبر.

ويبدو تأثير الجائحة ملموساً في إدارة خطط التأمين، فعلى سبيل المثال، تقوم شركة واحدة تقريباً من بين كل عشر شركات تأمين في الشرق الأوسط وإفريقيا بتعديل التغطية التأمينية بناءً على حالة التطعيم ضد فيروس كورونا، ويتعامل 22% مع الجائحة الطويلة كحالة مرضية موجودة مسبقاً. ومن الناحية التشغيلية، سيتطلب ذلك إدارة خطط تأمينية أكثر دقة من قبل أصحاب العمل.

ويمكن للحدود الفرعية للنفقات والحد الأقصى السنوي/ مدى الحياة أن يحول التكاليف بصورة غير متعمدة إلى الموظفين، مما يجعل الرعاية باهظة الثمن، لذلك من المهم مراجعة تصميم الخطط التأمينية سنوياً، مع إبقاء مفهوم القدرة على تحمل التكاليف في المقدمة.

 ويقول جوليو في هذا الصدد: “نظراً لأهمية مزايا الرعاية الصحية التي أصبحت ركيزة أساسية لاستقطاب المواهب واستراتيجيات المشاركة والاحتفاظ بها، سيكون مسؤولو المزايا تحت ضغط إنشاء استراتيجيات ترتبط على نحو وثيق بأهداف العمل وإدارة التكاليف بشكل دقيق. ولنكن استباقيين مع شركات التأمين، ونعمد إلى ضبط تفاصيل الخطة التأمينية بانتظام، مع الحفاظ على قدرة الموظف على تحمل التكاليف. ويمكن لعوامل مثل الحدود الفرعية للنفقات والحد الأقصى السنوي/مدى الحياة أن تحول التكاليف عن غير قصد إلى الموظفين، مما قد يقوض فعالية مزايا الرعاية الصحية.