الشيخ. عماد محمد مجاهد : العيد حكمة مشروعيته – سننه وآدابه

في يوم 11 مايو، 2021 | بتوقيت 5:12 م

كتبت: شيرين محمد

أكد الشيخ. عماد محمد مجاهد باحث دكتوراه بكلية دار العلوم – قسم الشريعة الإسلامية وإمام وخطيب ومدرس – بوزارة الأوقاف المصرية ان العيد مأخوذ من العود لأنه يعود مرة بعد مرة، وقد جعله الله سبحانه وتعالى يوم فرح وسرور واستبشار فقال تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، فالفرح بالعيد لإظهار نعمة الله علينا بالتيسير في الشرع وعدم التعسير، وكذلك إكمال الصيام وشكر نعمة الله على هذه الهداية الخاصة.
واضاف الشيخ عماد مجاهد أن الله شرع لهذه الأمة الفرح والسرور بتمام نعمته، وكمال رحمته؛ فعيد الفطر يأتي بعد تمام صيامهم الذي افترضه عليهم كل عام، فإذا أتموا صيامهم أعتقهم من النار؛ فشرع لهم عيدا بعد إكمال صيامهم، وجعله يوم الجوائز، يرجعون فيه من خروجهم إلى صلاتهم وصدقتهم بالمغفرة، وتكون صدقة الفطر وصلاة العيد شكرا لذلك ، وشرع لهم عيد الأضحى عند تمام حجهم بإدراك الوقوف بعرفة، وهو يوم العتق من النار، ولا يحصل العتق من النار، والمغفرة للذنوب والأوزار في يوم من أيام السنة أكثر منه؛ فجعل الله عقب ذلك عيدا؛ بل هو العيد الأكبر، فيكمل أهل الموسم فيه مناسكهم .

ومن حكمة مشروعية الأعياد في الإسلام التنويه بشعائر الإسلام؛ فإن صلاة العيدين من أعظم شعائره، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيها التكبير ، و أن كل أمة لا بد لها من عرضة، يجتمع فيها أهلها؛ لتظهر شوكتهم، وتعلم كثرتهم؛ ولذلك استحب خروج الجميع، حتى الصبيان والنساء، وذوات الخدور، والحيض. واستحب كذلك مخالفة الطريق ذهابا وإيابا؛ ليطلع أهل كلتا الطريقين على شوكة المسلمين ،و الشكر لله تعالى على ما أنعم الله به، من أداء العبادات المتعلقة بهما؛ فعيد الفطر: شكرا لله تعالى على إتمام صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى: شكرا على العبادات الواقعات في العشر، وأعظمهما: إقامة وظيفة الحج.
واوضح الشيخ عماد محمد مجاهد أن من مظاهر شكر الله تعالى في هذا اليوم إخراج صدقة العيد لتغني المحتاجين عن ذلك السؤال في هذا اليوم السعيد، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على إخراج زكاة الفطر، فقال: «أغنوهم في هذا اليوم» (سنن الدار قطني) وبذلك تكون هناك غاية أخرى من عيد الفطر ألا وهي إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالا ونساء وأطفالا، وناهيك بما في ذلك من معان للتكافل الاجتماعي، وبذلك يصبح البر قضية اجتماعية عامة.
كما دعا الإسلام إلى العمل على زيادة الأواصر الاجتماعية إذ حث على بر الوالدين وصلة الأقارب ومودة الأصدقاء وزيارتهم، فتتزين المجالس بالحب والتراحم والتواد، وتزول الأحقاد والمشاحنات والنفرة من النفوس.
ولابد من الموازنة في حياة المسلم بين مطالب الروح ومطالب الجسد ، ويتجلى العيد في الفرح والسرور بتوفيق الله تعالى المسلم لطاعة الله عز وجل، والعيد أيضا محطة للراحة المشروعة، والاستمتاع بما أحله الله تعالى من المطاعم والمشارب ومن اللهو المباح دون إسراف ولا مخيلة، ثم يواصل المسلم مسيرته في الحياة على نهج شريعة الله الغراء، وهذا هو المنهج الوسط الذي يعتني بمطالب الروح ومطالب الجسد، ويوفق بين الدين والدنيا، كما قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
واشار إلى انه من من مظاهر شكر الله تعالى أنه لا عودة إلى ما قبل رمضان من الغفلة ، وإن المؤمن الصادق هو من يكون عمله بالطاعات واجتنابه للمعاصي والسيئات عادة له ومنهاجا إلى أن يتوفاه الله قال تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) ومعنى اليقين: الموت، أي اعبد ربك إلى أن تموت، فلا تزيده مواسم الخير إلا اجتهادا في العبادة، وحرصا على الطاعة، فإذا انقضت تلك المواسم بقيت آثارها في حياته صورا حية، وأعمالا صالحة مشاهدة ومحسوسة، والمؤمن الحي هو الذي تتغير حياته بعد رمضان إلى الأحسن وهذا علامة على قبوله قال تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين)، أما من كان حاله بعد رمضان كحاله قبله، يهجر الطاعات، ويقتحم السيئات، ويضيع الصلوات، ويتبع الشهوات، فهذا لا يزداد من الله إلا بعدًا.
واكد الشيخ عماد مجاهد ان العيد سنن وآداب ، ومن السنن والآداب التي يفعلها المسلم يوم العيد ما يلي :
1- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة :
حيث ذكر النووي – رحمه الله – اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد والمعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز .
2- الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى :
من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا ”
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام .
وعلل ابن حجر رحمه الله بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله، ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح .
وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية، فإن لم يكن له من أضحية فلا حرج أن يأكل قبل الصلاة .
3- التكبير يوم العيد :
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (
ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمراً مشهوراً جداً عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي شيبة وعبدالرزاق والفريابي في كتاب ( أحكام العيدين ) عن جماعة من السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول : ( ألا تكبرون )
4- التهنئة :
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة .
ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين .
5- التجمل للعيدين:
فعن جابر رضي الله عنه قال : ” كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة ”
فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة .
6- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ ” . رواه البخاري
قيل الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ .وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين وقيل لإظهار ذكر الله .وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه .
عيدكم مبارك أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات .