د. أحمد جلال شقوير  :  دعاء ليلة القدر… أسرار، وفوائد

في يوم 9 مايو، 2021 | بتوقيت 6:04 م

كتب: العالم اليوم

 

أكد د. أحمد جلال شقوير الإمام والخطيب والمدرس بوزارة الأوقاف أن ما تقرَّب متقرِّب إلى ربه أفضل من التقرّب إليه بأسمائه الحسنى. ومن الأسماء التي يتجلَّى الله بها علينا هذه الأيام: اسم الله(العَفُوّ)…

نعم، فإن أمَّ المؤمنين السيِّدة عائشة(رضي الله عنها)قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَدْعُو؟ قَالَ:”تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”(سنن ابن ماجة). فَهَذَا دُعَاءٌ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، حَازَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

فماذا عن اسم الله(العَفُوّ)؟ وما سِرُّ وصيِّة النَّبيِّ(صلَّى الله عليه وسلَّم)الأُمَّة في شخص أمِّ المؤمنين عائشة(رضي الله عنها) أن يحرص الجميع على سؤال الله العفو في العشر الأواخر؟ وماذا نستلهم من هذا الموقف تربويًا؟

بالرجوع إلى أقوال العلماء في معنى اسم الله(الْعَفُوُّ): قال الزجَّاج: يُقَال: عَفَوْت عَن الشَّيْء، أعفو عَنهُ: إِذا تركته. وَعَفا عَن ذَنبه: إِذا ترك الْعقُوبَة عَلَيْهِ. وَالله(تَعَالَى) عَفْو عَن الذُّنُوب، وتارك الْعقُوبَة عَلَيْهَا. وقال الغزالي: العفوّ: هُوَ الَّذِي يمحو السَّيِّئَات، ويتجاوز عَن الْمعاصِي، وَهُوَ قريب من الغفور، وَلكنه أبلغ مِنْهُ؛ فَإِن الغفران يُنبئ عَن السّتْر، وَالْعَفو يُنبئ عَن المحو، والمحو أبلغ من السّتْر. وقال الشيخ الصاويّ: العفوّ: الّذي لا يؤاخذ المذنب بالذّنوب، بل يمحوها، ويبدلها حسنات.

وجديرٌ بالذكر أن استحقاق الذنوب يكون بأمرين: إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرم، والعفو من الله يكون عن ترك واجب أو عن فعل محرم…

ومن هنا نستطيع أن نستشعر معنى أن يعفو الله عن عبده، فمعنى أن يعفو الله عنك: أي يمحو آثارها في قلبك، فالذنوب والمعاصي تعمل في القلوب، وتنكت فيها، فيأتي عفو العفوّ فيمحو تلك النكات منها، فيرجع القلب سليما من آثارها. ويمحو أثارها- أيضًا- في كتابك، وإن محيت فلن يستوفيها الله يوم القيامة.

وهو (سبحانه وتعالى) كما يعفو، يحب العافين عن الناس.

ولعل سرّ وصية النبي بهذا الدعاء: الإشارة إلى أن أهم المطالب في هذا الزمان الشريف: انفكاك الإنسان من تبعات الذنوب، وطهارته من دنس العيوب.

هذا، ومن الفوائد التربويَّة التي نستلهمها من هذا الموقف: الحرص على تعلم ما ينفع، كما حرصت السيدة عائشة هنا على تعلم أفضل ما يقال في ليلة القدر.

ويقول دكتور احمد جلال شقوير ” فحريٌ بنا هذه الأيام أن نتقرَّب إلى الله(سبحانه) باسمه العفوّ، وأن نستشعر معناه، وأن نفضله على ما سواه؛ لأنه لفظ أفضل الخلق الذي علمه لأحب زوجاته، عساه يتجلى علينا بسرِّ هذا الاسم في الدنيا، فيعفو عنّا، ويمحو- بفضله ومَنِّه- هذا الوباء، ويبدله رخاء ومعافاة. ثم يشملنا بعفوه في الآخرة ببركته.