د. محمد عبد العال : وَفي شهر القرآن… لِلْقُرآنِ بَرَكَاتٌ وأَنْوَارٌ

في يوم 5 مايو، 2021 | بتوقيت 3:13 ص

كتب: العالم اليوم

 

أكد أ.د/ محمد عبدالعال السيد  أستاذ أصول اللغة في جامعة الأزهر أنه مَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ عَظِيمٌ حَسَنٌ جَمِيلٌ، كما يقولُ سيدُ التابعين سعيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ(رحمه اللهُ تعالى)، والقرآنُ الكريمُ لِلَّهِ، وباللهِ، ومن اللهِ؛ ولذا كان له أوفرُ النَّصيبِ من البركاتِ والخيراتِ، وقد صرَّحتْ أكثرُ من آيةٍ بأنه مُبَارَكٌ:”وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ”(الأنعام/ 92)، “وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”(الأنعام/ 155)،”وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ”(الأنبياء/ 50)،”كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ”(ص/ 29).

وأوضح انه يجدر بنا أن نذكر ببعض هذه البركات في شهر القرآن فمن بركات القرآن: أنه يحفظُ عقلَ حامله: فأهلُ القرآنِ لا يُخرِّفون مهما طال بهم العُمُر، فهم مُمتَّعون بعقولهم ما عاشُوا. فعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: إِنَّ أَبْقَى النَّاسِ عُقُولًا: قُرَّاءُ الْقُرْآنِ.

واشار د. محمد عبد العال إلى انه قد قال بعضُ السلف: مَنْ حفظَ القرآن مُتِّعَ بعقلِهِ ، وكثيرٌ من أئمة القراءات جاوزوا التِّسعين، وعقولُهُمْ معهُم، ونظرةٌ في أعمار القرَّاء العشرة تُريك جانبًا من البركات التي تحُلُّ على أهل القرآن، وعلى عقولهم المباركة: الإمامُ نافعٌ المدنيّ(عاش ستًّا وتسعين سنةً). والإمامُ ابنُ كثير المكيّ(عاش خمسًا وسبعين سنةً). والإمامُ أبو عمرو البصريّ(عاش خمسًا وثمانين سنةً). والإمامُ ابنُ عامر الدمشقي(عاش سبعًا وتسعين سنةً). والإمامُ عاصمُ ابن أبي النجود(عاش خمسًا وأربعين سنةً). والإمامُ حمزةُ بنُ حبيب الزيّات(عاش ستًّا وسبعين سنةً). والإمامُ الكسائيّ(عاش سبعين سنةً)، والإمامُ أبو جعفر يزيدُ بنُ القعقاع(عاش خمسًا وتسعين سنةً). والإمامُ يعقوبُ بنُ إسحاق الحضرميّ(عاش سبعًا وثمانين سنةً). والإمامُ خلفُ بنُ هشام البزَّار(عاش ثمانين سنةً). مع الأخْذ بعيْن الاعْتبار أنَّ أعْمارهم أطولُ من ذلك، فما زالتْ- إلى الآن- تتردَّد أسماؤهم، فيُدعى لهم، واستمعْ- إذا شئت- إلى إذاعة القرآن الكريم، تجد ليل نهار: تلا علينا القارئ الشيخ، برواية حفص عن عاصم، واستمعنا إلى هذه التلاوة برواية ورش عن نافع، وهكذا.

والقرآن بركة على بيتِ الرجلِ وأهلِهِ: فإنَّ الشياطين تفرُّ من البيوت التي يُتلى فيها القرآن، كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ(رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:”إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ”(رواه مسلم). وما غابت البركةُ عن بيوت بعْض المسْلمين إلا لمَّا راحوا يُشغِّلون الأغاني والمهرجانات، والمسلسلات التركي والهندي، بما فيها من العُرْي والخلاعة وكلمات الشعوذة والشرك التي فيها استعانةٌ بغير الله، وكفرٌ به(سبحانه). فأيُّ خيرٍ يُرْجى من بيت هَجَرَ القرآنَ ببركاته وخيراته، وراح لمثل هذا؟ وكثيرٌ من الناس في هذا الزمن يشتكون الهموم والغموم، ويعانون من ضيق الصدور والدور، ومن المشاكل الأسرية، والخلافات الزوجية، ومن المس والسحر والعين، ومن تسلط شياطين الجن والإنس عليهم. فكان من عظيم بركات القرآن أنه وقايةٌ للبيوت التي يُقرأ فيها من هذه الشرور، وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ(رضي اللهُ عنه) يَقُولُ: “الْبَيْتُ إِذَا تُلِيَ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ اتَّسَعَ بِأَهْلِهِ، وَكَثُرَ خَيْرُهُ، وَحَضَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَخَرَجَتْ مِنْهُ الشَّيَاطِينُ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَمْ يُتْلَ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ، ضَاقَ بِأَهْلِهِ، وَقَلَّ خَيْرُهُ، وَتَنَكَّبَتْ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَحَضَرَهُ الشَّيَاطِينُ”(رواه ابن أبي شيبة). وجديرٌ بالذكر:أنَّ تشغيل الراديو أو التليفزيون أو المحمول على آيات القرآن جميلٌ جميلٌ، ولكنَّ الأجْمل أن يخرجَ القرآنُ بأنفاسك، فيكون لكَ– أخي الكريم- ولكِ– أختي الكريمة- في بيتك كلَّ يوم وردٌ من القرآن ولو صفحة، فما أعظمَ هذه الأنفاسِ المباركةِ المعطرةِ بكتابِ اللهِ(تعالى).

والقرآن بركةٌ على المجالس التي يُتلى فيها: فما أعظمَ مجالسَ القرآن، وما أكثرَ بركاتها، تجلبُ لأصحابها كلَّ خير، وتمنع عنهم كل شر، قَالَ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):”وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ”(رواه مسلم). فأيُّ بركة ليست في مجالس القرآن بعد هذه البشارات: نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ. وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ. وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ. وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.

ومن بركاتِ القرآنِ: به تُدفعُ الكروبُ، ويحصلُ المطلوب، ويُوصلُ إلى المرغوب. به تُكشفُ الغُمُومُ، وتُزالُ الهُمُومُ، وبه يتيسَّرُ العسير، ويكبر الصغير. ومن أجملِ ما قرأتُ:اقرأْ من القرآنِ على قدْرِ ما تُريدُ من السَّعادة.

و أكد الدكتور محمد عبد العال أن من بركاتِ القرآنِ: أنه يُحاجّ عن حامله، وقارئه يوم القيامة، فيكون شفيعًا له في أكثر أوقاته احتياجًا إلى شفيع، كما قال(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):”اقْرَءُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ” رواه مسلم). كتابٌ هذه بركاته حريٌ بنا أن نتمسَّك به، ونقبل عليه.