البصمه النظائرية” تقنية نووية فريدة لرصد التغيرات المناخية
في يوم 1 نوفمبر، 2022 | بتوقيت 10:53 ص
كتبت: العالم اليوم
يحتاج التصدى لمخاطر التغيرات المناخيه الى توافر معلومات وتطبيق تقنيات واستخدام أدوات تساعد متخذى القرار على وضع السياسات واعداد البرامج المناسبه لمواجهة هذه المخاطر ,فى منظومه تحقيق التنميه المستدامه مع مراعاة مختلف الأبعاد البيئيه والاقتصاديه والاجتماعيه وغيره.
و تساعد التقنيات النوويه فى أحد تطبيقاتها السلميه المتعلقه بالبصمه النظائريه على توفير معلومات متميزه وربما تكون فريده عن المناخ والبيئه, تتكامل مع التقنيات الأخرى فى سبيل تحقيق القاعده المعلوماتيه التى تساعد على التصدى لتحديات التغيرات المناخيه.
و تعتمد البصمه النظائريه على مفهوم اقتفاء الأثر , حيث تحمل نظائر الكربون والاكسيجين والهيدروجين والنيتروجين للمكونات المختلفه فى النظم المناخيه والبيئيه والهيدرولوجيه قيما مميزه لتركيزاتها , تمثل هذه القيم بصمة أولية معبره وعاكسه لظروف التكوين الأولى .
و تحتفظ هذه المكونات ببصمتها النظائريه التى تساعد على التعرف عليها اثناء انتقالها خلال الدوره الطبيعيه, مع تطور محسوب بدقه قد يحدث تحت تاثير العمليات المختلفه ,وهذا التطور يمكن تقديره وتعكسه القيمه النظائريه النهائيه.
و مع تزايد تركيز غازات الاحتباس الحرارى فى الجو والتأكد من الاثار الكارثيه المتوقعه لو استمرت بمستوياتها الحاليه, تتجه معظم الدول وعلى رأسها مصر الى تبنى استراتيجيات وسياسات الافتصاد الاخضر وبرامج تنمويه لمواجهة هذه المخاطر فى منظومه تسعى لتحقيق التنميه المستدامه مع مراعاة مختلف الأبعاد البيئيه والمناخيه والاقتصاديه والاجتماعيه.
كما تتبنى مصر استراتيجيات لتصميم مدن بيئيه مثاليه خاليه من الكربون .
فى اطار ما سبق وسعيا لتحقيق حيادية الكربون بين مايتولد من مصادر طبيعيه او صناعيه مثل ( حرق الوقود الحفرى, تجريف الأراضى واقتلاع الاشجار , حرق الغابات , اهمال الأرضى الرطبه والحشائش والنباتات البحريه مثل المانجروف , اهمال البحار وحمضيتها …,) والذى يمتص من المصارف المختلفه مثل البحار والغابات والاشجار , قررت مصر تبنى اقتصادا أكثر استدامة واجراء تحولات فى قطاعات الانتاج والنقل والخدمات مما يؤدى الى الحد من انبعاثات الكربون , واتجهت مصر الى تحفيز استخدام الطاقه الحيويه والطاقه المتجدده والاستغناء جزئيا عن الوفود الحفرى.
من المتوقع أن ينخفض ويتناقص مستوى ثاتى أكسيد الكربون فى الهواء الجوى مع تبنى مصر السياسات المبينه واتباع الاجراءات المشار اليها .
هنا لن يكفى معرفة ان مستوى ثانى أكسيد الكربون فى الجو يقل او يزيد دون معرفة المكون الذى يؤدى الى ذلك ومصدره ونسبته وعلاقته بالمكونات الاخرى , والاختلاف من مكان لاخر ومع الوقت, ونسبة التبادل والتدفق بين الخزانات , ونشاط المصادر والمغاطس واثبات ذلك وتقريره , ومقارنة المدن المختلقه والتحقق من مقاربتها للاهداف المنشوده واجراء الرصد والمتابعه والتصحيح المستمره..
كما يستطيع تركيز الكربون 14 فى ثانى أكسيد الكربون الجوى تحديد نسبة المكون الناتج عن حرق المواد الحفريه بالنسبه للمكون الناتج من العمليات الحيويه والبيولوجيه المختلفه , ورصد التغيرات المتوقع حدوثها كنتيجه للاجراءات المخطط اتخاذها لتخفيض الانبعاثات وتنشيط المصارف والتحقق من تحقيق الحياديه واثبات ذلك .
تمثل نظائر الكربون 13 ميزه حقيقيه حينما تستخدم مع نظائر الكربون 14 ، و ذلك لتحديد مصادر غازات الدفيئه فى الجو (الميثان وثانى اكسيد الكربون ) ودراسة العوامل التى تحكم تغيرها وتوفير معلومات تفيد متخذى القرار نحو مواجهة مخاطرها .
وهذه التقنيه اتجهت اليها الهيئات العالميه للمناخ (النوا) منذ سنوات قليله و تمثل احد التطبيقات الحديثه التى سيتجه العالم اليها وينشر استخدامها فى السنين القليله القادمه, و بدعم وجهد وتصميم ستكون مصر رائده فى هذا على المستوى الاقليمى العربى والافريقى , والعالمى أيضا.
من الجدير بالذكر : أن الوكاله الدوليه للطاقه الذريه اطلقت فى سبتمبر 2021 مشروعا رائدا لدعم التوجه العلمى (البحثى والتقنى) الحديث نحو قياس المحتوى النظائرى للهواء ولغازات الدفيئه (الكربون13- الكربون14 – النيتروجين 15) لمعرفة أصلها ومصدرها وتتبع التعيرات فى مستوياتها كنتيجه للسياسات والبرامج الخضراء المتبعه والتغيرات الطبيعيه , وهو من الاتجاهات الحديثه الواعده التى تمثل مجالا رائدا على مستوى العالم يسمح بتوفير هذه المعلومات الفريده المفيده لمتخذى القرار من خلال تتبع البصمه النظائريه للهواء والمكونات البيئيه وتغير ذلك مع الوقت والزمن.
لذا يوصى بتحقيق شبكه قوميه لقياس نظائر الكربون14 والكربون 13 فى الهواء الجوى وغازات الدفيئه , ورصد الاتجاهات الخاصه بالحد من الانبعاثات الاحفوريه فى المدن المختلفه .
أستاذ النظائر البيئية بهيئة الطاقة الذرية