الاحتفال باليوم العالمى لمناهضة التجارب النووية
في يوم 1 سبتمبر، 2022 | بتوقيت 5:02 م
احتفلت الأمم المتحدة والعالم كله هذا الأسبوع باليوم العالمى لمناهضة التجارب النووية والذى وافق التاسع والعشرين من شهر أغسطس لنتذكره كل عام اعترافاً بالضرر المهول والمستمر الناتج عن سباق التسلح النووى وليقر الجميع بأنه لا مكان للأسلحة النووية في عالمنا ، فهي لا تضمن الانتصار ولا هي تضمن الأمان بل إنها لا تفضى إلا إلى الدمار ، لأنه النتيجة الوحيدة التي صممت من أجلها حيث أطلقت تلك الاختبارات كميات هائلة من النشاط الإشعاعى حول العالم ، وكان اختبار ترينتى فى 16 يوليو 1945 حيث تم تفجير أول قنبلة نووية على الإطلاق في نيو مكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية هو الأول من بين أكثر من 2000 تجربة نووية تم إجراؤها في جميع أنحاء العالم حيث دخلت البشرية فيما سُمى بالعصر الذري .
فقد كانت جهود الولايات المتحدة لتطوير أسلحة نووية مدفوعة بالخوف من أن تتمكن ألمانيا النازية من القيام بذلك قبلها ، وقد أنتج الكيميائي الألماني والحائز على جائزة نوبل أوتو هان ومساعده فريتز ستراسمان بمساعدة الفيزيائي النمساوي المولد ليز مايتنر أول انشطار نووي في العالم في أواخر عام 1938 ، وبعد ذلك الإنشطار أرسل ألبرت أينشتاين رسالة إلى الرئيس الأمريكى روزفلت ، حذره من خطر برنامج أسلحة نووية ألمانى وحث الولايات المتحدة على تسريع جهودها ، ولكن كانت جهود العلماء الألمان غير ناجحة إلى حد كبير وتم تقليصها بعد عام 1942، وعلى النقيض استثمرت الولايات المتحدة بشكل أساسى عدد غير محدود من القوى العاملة والموارد الصناعية في مشروع منهاتن الذي بدأ في عام 1942 بقيادة الرئيس العلمى للمشروع أوبنهايمر لعدد 6000 عالم وكان مقره منشأة لوس ألاموس النووية في نيو مكسيكو ليتم نقله إلى سلطة جيش الولايات المتحدة ، وفي النهاية قام مشروع مانهاتن بتوظيف أكثر من 130.000 شخص وكانت تكلفته حوالي 2 مليار دولار أمريكي أى ما يعادل 23 مليار دولار أمريكي في عام 2007 .
وقد دفع قصف هيروشيما وناجازاكى اليابانيتين عام 1945 الرئيس السوفياتى جوزيف ستالين إلى إصدار أوامره بتطوير أسلحة نووية في غضون خمس سنوات حيث تم تكليف الفيزيائي النووي الشاب إيجور كورتشاتوف بقيادة هذا المشروع ، وفي 29 أغسطس 1949 أجرى الاتحاد السوفيتي أول تجربة نووية له، تحمل الاسم الرمزي “RDS-1” ، في موقع اختبار سيميبالاتينسك في كازاخستان إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتى ، تلاهما المملكة المتحدة في عام 1952 ، وفرنسا في عام 1960 ، والصين في عام 1964. وفي غضون بضع سنوات كان سباق التسلح النووي للحرب الباردة فى أوج قوته ، ففي عام 1951 فجرت الولايات المتحدة أول جهاز نووي حراري في اختبار جورج ليتبعه بعد ذلك بعامين الاتحاد السوفيتي باختبار RDS-6 ، وحتى نهاية الحرب الباردة أجرت الولايات المتحدة 1032 تجربة نووية والاتحاد السوفيتي 715 .
ومنذ عام 1945 تم اختبار الأسلحة النووية في جميع البيئات ، في الغلاف الجوي وتحت الأرض وتحت الماء كما تم إجرائها على المراكب وفوق الأبراج المعلقة بالبالونات وعلى سطح الأرض وعلى عمق يزيد عن 600 متر تحت الماء وأكثر من 200 متر تحت الأرض ، كما أسقطت الطائرات قنابل اختبار نووية وأطلقتها صواريخ يصل ارتفاعها إلى 320 كيلومترا في الغلاف الجوي ، ويُقدر العائد الإجمالى لجميع تلك التجارب النووية التى أجريت بين عامى 1945 و1980 بحوالى 510 ميجا طن حيث بلغت اختبارات الغلاف الجوى وحدها 428 طن مترى أى ما يُعادل أكثر من 29 ألف قُنبلة بحجم قنبلة هيروشيما وأسفرت تلك الاختبارات عن إطلاق غير مُقيد فى البيئة لكميات كبيرة من النويدات المشعة في الغلاف الجوي وترسبت فى كل مكان على سطح الأرض .
وقد أجرى الاتحاد السوفيتي 456 من تجاربه النووية في موقع اختبار سيميبالاتينسك ، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتى واستقلال كازاخستان عنه ، قامت السلطات الكازاخستانية فى 29 أغسطس بإغلاقه بعد 42 عاماً من استخدامه كموقع اختبارات نووية ، وفى عام 2009 وبمبادرة من كازاخستان أعلنت الأمم المتحدة يوم 29 أغسطس اليوم الدولى لمناهضة التجارب النووية ، تحتفل به الأمم المتحدة والعالم أجمع فى هذا التوقيت من كل عام ، ويهدف اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية وفقًا لقرار إنشائه إلى منع المزيد من “الآثار المدمرة والضارة على حياة وصحة الناس والبيئة” من جراء التجارب النووية.
وكانت معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية هى الصك الدولى لإنهاء جميع التجارب النووية بطريقة يمكن التحقق منها ، وقد توقفت تلك التجارب بشكل أساسى مع اعتماد معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية فى عام 1996 ، عدا عدد قليل من التجارب النووية أجريت بعد عام 1996 قامت بها الهند وباكستان وكوريا الشمالية .
وقد وقعت 183 دولة على المعاهدة وصدقت عليها 162 دولة ، ومع ذلك لكى تدخل معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية حيز التنفيذ فإن 8 دول من قائمة 44 دولة تمتلك التكنولوجيا النووية لم تصدق بعد للوفاء بمُتطلبات بدء نفاذ المُعاهدة وهى الصين وكوريا الشمالية ومصر والهند وإيران وإسرائيل وباكستان والولايات المتحدة .