د. محمد عبد العال السيد :  احْذَرْ.. لُصُوصُ رمضَانَ

في يوم 19 أبريل، 2021 | بتوقيت 4:23 م

: العالم اليوم

 

 

أكد أ.د محمد عبدالعال السيد أستاذ أصول اللغة ، بجامعة الأزهر الشريف أن المسلمُ ينتظرُ قُدوم شهرِ رمضان كلَّ عام؛ ليكون محطةً إيمانية تربويةً يُراجِعُ فيها نفسه، فيُصحِّحُ أخطاءه، ويقوِّم اعوجاحه؛ آملًا من الكريم(سبحانه) مغفرةَ ذنوبه، وكلُّه همةٌ عاليةٌ في ترْكِ المنكرات والذنوب، والتقرب إلى علَّام الغيوب.

ولكن– في المقابل- كما يجِدُّ هو لتلك الأهداف النبيلة، يجدُّ اللصوصُ، وقُطَّاع الطريق؛ لإضاعة تلك الفرصة الذهبية، وأخطر هؤلاء اللصوص.

وأوضح أن اللصُّ الأولُ هو  النفسُ الأمَّارة بالسوء  وهو أوَّلُ وأولى لصٍّ ينبغي الحذرُ منه، فإنَّ أعدى أعداء المسلم نفسُهُ التي بين جنبيه، فهي لا تريدُ له خيرًا أبدًا، وإنما تُؤثرُ– دائمًا- الراحة والكسل على طاعة الله، بينما تجدُّ وتنشطُ في إغضابه ومعصيته.

وأضاف أنه فإذا جاء رمضانُ وعزم المسلمُ على الجد والاجتهاد في الطاعة، بدأت في الوسوسة له ولم التعبُ في الصلاة والتروايح والقرآن والعبادة؟ ورمضان يأتي كل عام  ، ولا سيَّما الشباب، أنت ما زلت شابًّا فلا عليك أن تهفو هفوة، أو تقع في نزوة، ولا يدري المسكينُ أنَّ الموت أقربُ إليه من شراك نعله، فلا يفرق بين شاب وشيخ، صغير أو كبير ،  فإذا تغلَّب المسلمُ على اللص الأول، فجاهدَ نفسه بالطاعة والعبادة، باغته.

واشار د. محمد عبدالعال السيد إلى أن اللصُّ الثاني هو الجليسُ السوءُ: الذي تُجالسُه فلا تجدُهُ إلا مُغتابًا أو نمَّامًا أو كذابًا، والأدهى أن يكون مفطرًا، يريدك أن تكون مثله من المفطرين الخائبين.إنه لصُّ الطاعات والحسنات.. وهو من أعجبِ اللصوص وأغربهم، فكلُّ اللصوص ينتفعون بما يسرقون، إلا هذا اللص الخبيث، الذي يسرق الحسنات والطاعات لا لينتفعَ بها، وإنما ليضيِّعَها ويُتلفَهَا، فهو كمنْ يسرقُ كنزًا غاليًا ثمينًا ثم يُلقي به في بئرٍ عميقةٍ، أو بحرٍ لجيٍّ، فلا هو استفاد بما سرق من الطاعات، ولا تركها لصاحبها يستفيد منها.ولا شكَّ أنَّ الصاحب ساحب، إما للخير أو للشر، فلئن احترست من صديق السوء في غير رمضان قيراطًا، فاحذر منه في رمضان أربعة وعشرين قيراطًا.

وأشار  إلى أن اللصُّ الثالثُ الشاشةُ التلفاز الذي يجلس أمامه الكبير قبل الصغير، والمرأة قبل الرجل، ليُسلِّي صيامه، ويضيِّع وقته، وهو في الحقيقة يضيِّع صومه، لا سيِّما البرامجُ والأفلامُ والمسلسلاتُ التي تمتلئ في رمضان بالكلمات العارية، واللقطات العارية، ولا شك أن ذلك يقلل من الأجر والثواب، وربما يضيعه.في الحديث:(رُبَّ صائمٍ ليسَ له مِن صيامُهُ إِلَّا الجوعُ، وربَّ قائمٍ ليسَ له من قيامه إلا السَّهرُ).

واضاف د. محمد عبد العال يمسك المسكين بالريموت طيلة يومه يتقلَّب من مسلسل إلى آخر، ويَقْلب من قناة إلى أخرى، فيضيع منه رمضان، فلم يبق وقتٌ لصلاة أو ذكر أو قرآن أو طاعة.

واشار إلى أن اللصُّ الرابع ولئن استطاع أن يهرب من الشاشة الكبيرة، تلقَّفتْه الشاشة المتوسطة أو الصغيرة(الكمبيوتر أو المحمول)؛ ليتابع مواقع الإنترنت، وغرف الدردشة، والفيس والتويتر ومواقع التواصل، وما فيها من المغريات، والتي تزداد ضراوة مع الشهر الفضيل.

واوضح أن اللصُّ الخامسُ لسانك:وهو لصٌّ خبيثٌ ماكرٌ؛ لأنَّ أسْمى ما يُربِّيه الصيامُ في النفس هو صونُ اللسان عن الزلَّات والأخطاء، وكلِّ ما يغضب الله(عزَّ وجلَّ).

أما اللصُّ السادس النومُ الكثيرُ وكلما بالغ العبدُ في النوم ضيَّع أثْمن وأغْلى أوقات العمر، والتي لا تقدَّر بثمن، فرمضان موسم التشمير عن الطاعات، والمنافسة على الخيرات. وشتَّان بين المجتهدين الجادِّين الحريصين على اقتناص كل لحظة في الشهر الفضيل، وبين النائمين الغافلين اللاهين اللاعبين، فلا حظَّ لهم من الغنائم والجوائز التي توزع في هذا الشهر الكريم.

واشار الدكتور محمد عبد العال إلى ان اللصُّ السابعُ هو  السَّهرُ الفارغُ:فالسَّهرُ الفارغُ في ليالي رمضان يُضيعُ كنوز الشهر. ومن الناس من يَقلبُ ناموس الكون فيُحيلُ نهاره ليلًا، وليله نهارًا، فيتعمَّدُ السهر طول الليل، ويا ليته في الطاعة والعبادة وإنما في الشاشات والمسلسلات، فإذا ما أقبل النهار قضى يومه وصومه كله في النوم، فكيف يُسمَّى هذا صائمًا؟