المصري للدراسات الاقتصادية يرصد مشكلات هيئة التنمية الصناعية مع المستثمرين والحلول المطلوبة

في يوم 13 يونيو، 2022 | بتوقيت 6:35 م

كتب: مني البديوي

المصري للدراسات الاقتصادية يرصد مشكلات هيئة التنمية الصناعية مع المستثمرين والحلول المطلوبة

كتبت: مني البديوي

عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية اليوم الاثنين، ندوة عن الهيئة العامة للتنمية الصناعية، هل هي محفز أم معوق للاستثمار الصناعى فى مصر؟ وما هي الحلول المقترحة، بحضور نخبة من المتخصصين من الاقتصاديين ورجال الصناعة، تم خلالها عرض نتائج الدراسة التي أجراها المركز والتي تهدف إلى التقييم التفصيلي لمنظومة عمل هيئة التنمية الصناعية من كل الجوانب وعلاقتها بالمؤسسات الأخرى ذات العلاقة بالصناعة، للتعرف على أسباب مواجهة المستثمرين الصناعيين لمشاكل متعددة، وتراجع تنافسية مصر عالميا في جذب الاستثمار الصناعي الأجنبي وقبله الاستثمار المحلي، وبالتالي ضعف الأداء الصناعي والتصديري لمصر.

وردت الدراسة أهم مشاكل المستثمر والذى يقع ضحية التداخل في المنظومة وضعف أداء الهيئة، ووضعت حلولا تفصيلية مقترحة لكافة المشكلات التي تنوعت ما بين مشكلات مؤسسية تتمثل في علاقة هيئة التنمية الصناعية بالجهات الأخرى والخلل في أسلوب إدارة الهيئة، وعدم تشكيل مجلس إدارة للهيئة بموجب قانون الهيئة الصادر عام 2018 حتى الآن، وافتقاد المعايير الفنية لاختيار قادة الهيئة، ومركزية القرار وضعف مشاركة الإدارات في اتخاذ القرار، بالإضافة إلى ضعف التواصل الداخلى والخارجى للهيئة، وضعف آلية الشكاوى والتظلمات، وضعف الكفاءات داخل الهيئة، وضياع حقوق المستثمر دون وجود جهة تحفظ حقه، وعدم اكتمال رقمنه الهيئة بالشكل السليم.

وعى الجانب التشريعى رصدت الدراسة عدد من المشكلات التي تمثلت في؛ تعدد اللجان داخل الهيئة، ووجود متابعة سنوية حتى في حالة التراخيص بالإخطار مفتوح المدة، ووجود معيار معيب لدى الهيئة غير متعارف عليه لتمييز المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقا لمساحة الأرض (500 م2)، وهو يتعارض مع تعريفات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الجهات الأخرى، بجانب غموض بعض مواد قانون التراخيص مما يؤدى إلى اختلاف التفسيرات وعدم توازن اللجان وضياع حقوق المستثمر، وتعدد الجهات المنوط بها وضع الضوابط الفنية والمالية للتقدم بطلب حصول على أرض، والتعامل مع الأرض كسلعة، بجانب الفجوة بين القانون واللائحة التنفيذية، ووجود فجوة بين القانون والإجراءات المعلنة وأرض الواقع سواء ما يتعلق بالتراخيص أو عدم توافر الأراضى، وصعوبة تخصيص الأراضى الصناعية من خلال الخريطة الاستثمارية.

 

ومن خلال مقارنة وضع مصر مع بعض التجارب العالمية فيما يخص التراخيص وتخصيص الأراضى وإدارة المناطق الصناعية، أشارت الدراسة إلى أنه بشكل عام فى التجارب الدولية لا يوجد بالضرورة جهة حكومية مركزية للتنمية الصناعة، فيعامل النشاط الصناعي مثل أي نشاط استثماري وتستكمل إجراءاته المحدودة من خلال المحليات بسهولة ويسر، كما أن هناك اتفاق بين تجارب الدول على تعزيز الصناعة ووضعها كأولوية أولى ولا تتربح الدول من أي إجراءات تخص الصناعة وتكتفي بالعائد الضريبي الذي يدفعه المصنعين من أرباحهم.

 

وانتهت الدراسة إلى أن تحقيق تغيير فعلى في الأداء يتطلب عدد من المبادئ الحاكمة في التعامل مع المنظومة أهمها التركيز على حل جذور المشكلة وليس عرضها وإلا لن تؤت أي من الحوافز التي تعلنها الحكومة أي نتيجة، مع ضرورة تفضيل حاسم لمصلحة الصناعة فوق مصالح هيئات بعينها متسببة حاليا في معظم مشاكل المصنعين خارج حدود الهيئة، بالإضافة إلى تبنى المفهوم السليم للتنمية الصناعية وليس الرقابى، وتنبثق استراتيجية التنمية الصناعية من الاستراتيجية التنموية لمصر وليس بمعزل عنها، ودعت الدراسة إلى تصحيح مفهوم الهيئة الاقتصادية والوصول لتوازن بينه وبين الهدف الأصلى لوجود الهيئة وهو مساندة الصناعة.

 

وشددت الدراسة على ضرورة تبني التغييرات المطلوبة جميعاً و ليس فرادى و بشكل مستدام، وغير مرتبط بشخص المسئول حتي تتحقق نتائج سريعة و مستدامة، وأهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى الناجحة والتي اجتمع فيها جميعا سهولة الإجراءات ووضع المصلحة العامة للصناعة قبل مصالح المؤسسات من تحقيق ربحية أو تحكم في الإجراءات، وطالبت الدراسة بالفصل الصريح بين دور المنظم و الرقابي للصناعة ودور تقديم الخدمة بمقابل، ففي جمعهما تضارب للمصالح، مع ضرورة عودة دور «التنمية الصناعية» للهيئة وليس فقط دور رقابي وتقديم التراخيص والسجل الصناعي، ووقف الاستثناءات في التعامل و تبني الرقمنة إلى أقصى درجة ممكنة.

 

وانتهت الدراسة إلى مجموعة من المقترحات للخطة الإصلاحية لمنظومة التنمية الصناعية على المدى الفوري والقصير والمتوسط والأطول، فعلى المدى الفورى خلال فترة أقل من 3 شهور دعت إلى تفعيل القانون الموجود بالفعل والقضاء على التعقيدات المرتبط باستخراج او تجديد السجل الصناعى، وإعادة تقييم التكاليف المعيارية بشكل عادل يتناسب مع تكلفة الخدمة من خلال خبراء خارجيين وتحت إشراف رئاسة الوزراء واتحاد الصناعات، والتعامل مع شكاوى المستثمرين من خلال منظومة مؤسسية رقمية بعيدا عن الجهود الفردية.

 

وعلى المدى القصير من 3 شهور إلى عام، دعت الدراسة إلى التخلص من كل التعقيدات المرتبطة بالاختلالات بين القانون واللائحة التنفيذية، ومراجعة الهيكل الإدارى للهيئة، وإلغاء اللجان غير الضرورية، وإعادة تقييم القوى البشرية العاملة في الهيئة وعدد المستشارين وتخصصاتهم وفقا لرؤية جديدة للهيئة تضع أولوية لاحتياجات الصناعة بعيدا عن الربحية.

 

واقترحت الدراسة على المدى المتوسط خلال فترة من عام إلى عامين فك التشابكات بين الهيئات داخل المنظومة من خلال إصلاح مؤسسى حقيقى وليس ظاهرى يصل إلى العقد الشامل الذي يتعامل فيه المستثمر مع هيئة التنمية الصناعية فقط، أما على المدى الأطول خلال أكثر من عامين، طالبت الدراسة بتوحيد جهات تخصيص الأراضى بشكل كامل بما في ذلك الجهات السيادية حتى يتسنى تحويل المنظومة كلها وبشكل كامل إلى النظام الرقمى مثل دولة الإمارات والسعودية.

 

وأكدت الدراسة على أهمية تحول الوضع القائم من تعامل المستثمر مع جهات مختلفة ومتعددة بنفسه، إلى التعامل بين المستثمر والجهات المختلفة بوساطة هيئة التنمية الصناعية كمرحلة أولى، وفى المرحلة الثانية تتعامل الهيئة مع الجهات المختلفة بدلا من المستثمر وفقا للعقد الشامل، والذى اقترحته الدراسة، وهو يحتوي على كل المواصفات المطلوبة من بناء ومعايير بيئية ودفاع مدني المرتبطة بهذه الصناعة بعينها ولهذا الحجم من المصانع، وبتوقيع المستثمر على العقد يكون ملتزما بتنفيذ كل ما فيه ولا يحق لأي جهة تغيير الشروط ولكن لها حق زيارة المصانع للتأكد من الالتزام ببنود العقد الشامل.

من جانبه طالب طارق توفيق وكيل اتحاد الصناعات المصرية، بتفعيل مكاتب الاعتماد التى نص عليها قانون تيسير إجراءات التراخيص الصناعية الصادر عام 2017 والذى لم يفعل حتى الآن، وعودة دور المطور الصناعى، حيث لم يتم طرح أراضى على المطورين منذ سنوات، داعيا إلى وجود استراتيجية صناعية واستهداف الصناعات المغذية التى لها عائد اقتصادي وميزة تنافسية، لافتا إلى أن الاستراتيجية والسياسة الصناعية مفقودة فى مصر ويتم العمل بشكل عشوائى، ملقيا اللوم على الوزارة وأولى وليس الهيئة بمفردها.

 

وأشاد نادر عبد الهادى عضو مجلس إدارة اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية وتنمية الدخل FEDA، بالدراسة التى وصفها بالدقيقة حيث أبرزت المشاكل الواقعية التى تواجه المستثمرين فى التعامل مع هيئة التنمية الصناعية، مطالبا بأن يكون سعر الأرض مساويا لقيمة الترفيه ولا يتم بيعها بأسعار مبالغ فيها، مشيرا إلى عدم ملاءمة نظام المطور العقارى للمشروعات الصغيرة.

 

وانتقد عبد الهادي ارتفاع الرسوم الخاصة بالدفاع المدنى والتى تصل إلى مليون جنيه على أقل تقدير لشبكة الحريق، حيث تعاني منطقة مرغم للصناعات الصغيرة فى الاسكندرية من هذه المشكلات فى حين أن مساحات المصانع صغيرة جدا، مطالبا بعمل شبكات مجمعة للدفاع المدنى فى المناطق الصناعية خاصة الصغيرة لتقليل التكلفة. وأشاد بمقترح الدراسة الخاص بالعقد الشامل.

 

وقال محمد شكرى رئيس مجلس إدارة شركة مصر للمستحضرات الغذائية ميفاد، أن قانون تيسير إجراءات التراخيص الصناعية الصادر عام 2017 تم التوافق حول رؤيته على مدار عامين قبل صدوره، وتم العمل على لائحته التنفيذية وتوقيع بروتوكولات مع الجهات المختلفة، ولم يطبق منه شئ منذ عام 2018، وعدنا لأسوأ ما كنا عليه بما يمثل إهدارا تاما للقانون، مطالبا بالعودة إلى تنفيذ القانون ولائحته وفلسفة عودة الهيئة إلى دور التنمية الصناعية وليس الرقابة.

 

وشددت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، على ضرورة حل جذور المشكلة وليس عرضها، مشيرة إلى أن كل الجهود الحالية تتعامل مع مظاهر المشكلة وليس جذورها، وأى حوافز سيتم عملها غير مجدية بدون حل المشاكل من جذورها، مؤكده على أن التربح من الأرض وكون الدولة أصبحت تاجر أراضى هو أمر كارثي، فلابد أن تكون الصناعة أولوية وتبنى المفهوم السليم للتنمية الصناعية.

 

وأكدت عبد اللطيف أن الحل ليس فى هيئة التنمية الصناعية وحدها، ولكن فى المنظومة بأكملها، فكثير من جهات المنظومة تعاني مشكلات مثل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لافتة إلى أن الأصل فى التراخيص أن تكون فى المحليات ولكن هذا يتطلب قانون للمحليات وتفعيل اللامركزية ولكن هذا غير موجود حتى الآن، وبالتالى حرصت الدراسة على وضع حلول حتى للأوضاع السيئة القائمة حاليا.

 

وشارك عدد من خبراء الصناعة والمستثمرين الصناعيين فى المناقشة حول الدراسة مؤكدين أهميتها، خاصة ما جاء بها من حلول على مختلف المستويات والمدى الزمنى، مشددين على ضرورة الإسراع فى عملية الإصلاح الهيكلي للهيئة، وإصلاح المنظومة بأكملها، وتفعيل القانون سواء قانون الهيئة أو قانون التراخيص الصناعية والتى لم تفعل حتى الآن رغم مرور سنوات على إقرارها.