د. هانئ النقراشي : مخطط ” خميسة ” هو الحل للوصول إلى أكثر من 95% كهرباء متجددة

عضو المجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية وخبير الطاقة العالمي في حواره ل " العالم اليوم " ..

في يوم 26 مايو، 2022 | بتوقيت 1:16 ص

حوار: شيرين سامى

مصر تستطيع أن تكون قدوة و رائدة في إنقاذ المناخ مع خفض الانبعاثات الضارة بتخزين الطاقة المنتجة في مكان إنتاجها

توجيه جهودنا وأموالنا لأكبر مصدر للانبعاثات وهو إنتاج الكهرباء ونسبتها 64.5%

خمس محطات شمسية حرارية بكل منها تخزين حراري يسمح بتشغيل المحطة ٢٤ ساعة

تعمل المجموعة متكاملة كمحطة واحدة ٣٦٥ يوم في السنة
– المحطات الشـمسـية الحرارية تتيح حلا اقتصاديا

الوفر في التكلفة عند تكرار إنتاج وحدات نمطية هو الأكبر عند الاستمرار في بناء محطات شمسية صغيرة


———————-
قال الدكتور هانئ النقراشى ، عضو المجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية وخبير الطاقة العالمي ، أن مخطط ” خميسة ” الذي يتكون من مجموعات من خمس محطات شمسية حرارية بكل منها تخزين حراري يسمح بتشغيل المحطة ٢٤ ساعة ، حيث تعمل المجموعة متكاملة كمحطة واحدة ٣٦٥ يوما في السنة، لأن هذه المجموعة يمكن وضعها قرب أماكن الطلب على الكهرباء فلا يلزمها إلا خطوط نقل قصيرة ، و بذلك لا تحتاج المحطات لوقود ولا لخطوط نقل طويلة.
و أكد فى حواره ل ” العالم اليوم ” ، انه خلال تحول إنتاج الكهرباء إلى الطاقات المتجددة تدريجيا يجب مراعاة سعر إنتاج الكهرباء في موقع إنتاجها بالإضافة إلى تكلفة نقل الكهرباء إلى موقع الطلب عليها .
و أضاف ، ان التخطيط لشبكات فرعية من خمس محطات ” خميسة ” ، بقدرة نمطية ٥٠ ميجاوات لكل منها مع وحدة طوارئ بوقود حفري بنفس القدرة ، تمكننا من الوصول إلى ٢٠٪ قدرة حفرية ُمركبة للطوارئ بينما تكون الكهرباء المنتجة مصدرها أكثر من ٩٥٪ متجدد .
من ناحية أخرى ، شدد النقراشى على طرح ملاحظة أساسية حول استراتيجية تغير المناخ في مصر ، و هو ما سنتعرف عليه بالاضافة إلى التعرف على الهدف من مخطط ” خميسة ” و أهميته لمستقبل الطاقة فى مصر من خلال حوار ” العالم اليوم ” مع الدكتور العالم هانئ النقراشى ، عضو المجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية وخبير الطاقة العالمي
.

.. إلى نص الحوار ..

فى البداية .. ما هو الاختلاف بين الطاقة الكهربية والسلع الأخرى؟

بخلاف أي منتج آخر، يجب أن تستهلك الكهرباء في نفس الجزء من الثانية التي أنتجت فيها ، وذلك لأن التخزين على نطاق واسع غير متاح لآن تخزين الكهرباء غير اقتصادي بعكس تخزين الحرارة، لذلك ُيستعمل التخزين الحراري بنجاح في محطات تركيز الإشعاع الشمسي .

ما هي خواص الطاقات المتجددة ؟

يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:
متقلب مثل الرياح والكهرباء الشمسية من الخلايا الضوئية ، و طاقة الأمواج ، و هذه الطاقات لا يمكن التحكم فيها فهي لا تخضع للطلب، بل تعطي الكهرباء عندما تسمح ظروفها وأخرى حسب الطلب أي لها نفس خواص محطات الكهرباء التي تعمل بالوقود، ومثال ذلك:
• الطاقة المائية من خزانات المياه الكبيرة مثل السد العالي أو من مساقط المياه العالية الموجودة في جبال الألب وإسكندينافيا.
• المحطات الشمسية الحرارية ذات التخزين الحراري الكافي ليمكنها من عبور الليل.
و عادة عند ذكر الطاقات المتجددة يأتي إلى البال المتقلب منها مثل الرياح والخلايا الضوئية، هذه تحتاج لمحطات تقليدية في انتظار ساخن أن تمدنا بالكهرباء فورا في فجوات الإمداد.

أي أنواع تخزين الطاقة أنسب اقتصاديا؟

البطاريات هي وسيلة تخزين الكهرباء التقليدية ، لكن كل تخزين له سعة محددة، فما العمل أيام الخماسين أو أيام الغيوم الكثيفة التي قد تمتد لمدة يومين إلى أربعة أيام؟
في الصحاري المصرية لا تتعدي أيام الغياب الكلي للشمس عشرة أيام أي أقل من ٣٪ في السنة ، لذا فإن وضع محطة تقليدية لتغطية هذه المدة القصيرة يعد إهدار للموارد ، ولكن المحطات الشـمسـية الحرارية تتيح حل اقتصاديا، حيث أن الطاقة مخزونة في صورة حرارة، إذن يمكن تسـخين السائل المخزون بالغاز النباتي أو الغاز الأرضي ، في هذه الحالة الاستثنائية نجد ضرورة لوجود موقد لتسخين السائل حامل الحرارة ، وهو عادة مزيج من الأملاح المنصهرة ، ثمنه منخفض وغير قابل للاحتراق ، و غير ضار بالبيئة.

– هل هي تقنية ُمتاحة؟

نعم ، و تعمل منذ ٢٠١١ محطة جيماسولار في اسبانيا ، وبها تخزين حراري لتشغيلها ١٥ ساعة بكامل قدرتها.

ما هي أسرع وسيلة لخفض التكلفة ؟

بالنظر إلى الهدف البعيد وهو تحول إنتاج الكهرباء إلى الطاقات المتجددة تدريجيا يجب مراعاة سعر إنتاج الكهرباء في موقع إنتاجها بالإضافة إلى تكلفة نقل الكهرباء إلى موقع الطلب عليها ، و بما أن الشمس تسطع في كل مكان على أرض الكنانة، إذن من المنطقي بناء المحطات الشمسية لإنتاج الكهرباء قرب مواقع الطلب ، وذلك يتطلب بالتبعية محطات صغيرة ، وهذا يخالف الخبرة السائدة، وهي أن المحطات الكبيرة تستفيد من الوفر في التكلفة ، ولكن إن الوفر في التكلفة عند تكرار إنتاج وحدات نمطية هو أكبر وفر ممكن عند الاستمرار في هذه السياسة.

ما هو التوازن الأمثل بين المرونة وتتبع الطلب والتكلفة؟

التخطيط لشبكات فرعية من خمس محطات ” خميسة ” ، بقدرة نمطية ٥٠ ميجاوات لكل منها مع وحدة طوارئ بوقود حفري بنفس القدرة ، و بناء على هذا المُخطط سنصل إلى ٢٠٪ قدرة حفرية ُمركبة للطوارئ، أي تعمل أقل من 5% في السنة – وهي ضرورية لتفادي الأعطال المفاجئة – بينما تكون الكهرباء المنتجة مصدرها أكثر من ٩٥٪ متجدد ، حيث أن الشبكة الفرعية ستغذي فائضها الكهربائي للشبكة الرئيسية إذا احتاجت له، وبذلك توفر تكلفة تقوية الشبكة الرئيسية ، و الأعطال في الشبكة الرئيسية لن تؤثر على الشبكة الفرعية وبذلك يزداد أمان الإمداد الكهربي واستمراره.
وبعد الاكتفاء الذاتي نبدأ في تصدير الكهرباء النظيفة بأسعار أقل من الكهرباء من مصادر حفرية ونستطيع بذلك أن نكون بحق مركزا لتوزيع الكهرباء حول البحر الأبيض المتوسط.

ما هي رؤيتكم من خلال طرحكم لسؤال كيف نريد مستقبل كهربائنا؟

الإجابة على السؤال كيف نريد مستقبل كهربائنا ؟
أ‌) مثل حالها الآن:
. حفرية متنوعة
•مستوردة جزئيا
•متقلبة أسعارها في اتجاه الإرتفاع
•عرضة لانقطاع التوريد
•ملوثة للبيئة و ضارة بالصحة

ب‌) أم نريدها :
• متاحة في كل مكان في أرضنا وأرخص من غيرها
• معداتها تصنع بأيدي أبنائنا
• توريد الشمس لباب المحطة مستدام ليوم القيامة
• ليس لها ضرر بالبيئة و لا بالصحة
إذن الإجابة الصحيحة هي
” خـميسـة هي أفضل حل “

ذكرت ان لديك ملاحظة أساسية حول استراتيجية تغير المناخ في مصر .. فما هي ؟ خاصة أن بعض الخبراء يرون أن مساهمة مصر في التلوث العالمي ضئيلة بحيث أننا لسنا مجبرين على القيام بأي إجراء لإنقاص تلوث الهواء ؟

لي ملاحظة أساسية بالفعل و هي :
بما أن نصيب مصر في الانبعاثات الضارة 0.61% فقط ، إذن سيكون تأثير أي إجراء مصري في صغائر الأمور غير مرئي.
و يترتب على ذلك حتمية أن نوجه جهودنا وأموالنا لأكبر مصدر للانبعاثات وهو إنتاج الكهرباء ، ونسبتها 64.5% ، أي تقريبا الثلثين من إجمالي الانبعاثات الضارة في مصر ليكون تأثير المبالغ المنصرفة واضحا.
ومع ذلك لن تستطيع مصر وحدها تحسين الوضع العالمي، ولكن مصر تستطيع أن تكون قدوة ورائدة في إنقاذ المناخ لتظهر للدول الصناعية كيف يكون التعامل الأمثل مع خفض الانبعاثات الضارة، وهو تخزين الطاقة المنتجة في مكان إنتاجها، وذلك بمقدار كاف لعبور فجوات الإمداد.
و هنا يجب الاشارة إلى مخطط ” خميسة ” ، لتحويل كل إنتاج الكهرباء في مصر إلى الطاقة المتجددة خاصة لضرورة استخدام الكهرباء النظيفة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. حيث أن تخزين الطاقة يتم في صورة حرارة – وهي أم كل الطاقات – في داخل محطة إنتاج الكهرباء بمقدار يكفي لعبور الليل. وهذا أرخص تخزين للطاقة بالنظر إلى تقنية التخزين ويوفر أيضا نقل الكهرباء إلى مكان آخر لتخزينها. أي الاستفادة تكون من وفرين في التكلفة.