طاقة من باطن الأرض لإنتاج الكهرباء

في يوم 22 مايو، 2022 | بتوقيت 11:57 ص

كتب: بقلم / د. مجدى عبدالله

أن استخدام الطاقات الجديدة والمتجددة فى صناعة الكهرباء هو صمام الأمان للمحافظة على البيئة وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة ، وتدرس مصر حاليا استخدام طاقة حرارة باطن الأرض حيث تم تحديد بعض الآبار الاختبارية من خلال أطلس يُساعد فى تحديد أماكن تواجد الحرارة فى باطن الأرض فى بعض الأماكن مثل عيون موسى وحمام فرعون ، باعتبار ان الحصول على الحرارة من باطن الأرض سيكون أحد العناصر الاضافية للطاقات المتجددة ، مشيرا الى ان كل طن من الوقود الاحفورى ينتج 3 طن من أكاسيد الكربون ، لذلك كل طن نوفرة من الوقود الاحفورى ونستبدلة بالطاقات المتجددة يحمى البيئة ويتماشى مع خطة مصر فى المبادرة الافريقية واتفاقية مؤتمر باريس للاسهام فى الحد من أكاسيد وغازات الاحتباس الحرارى والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض ، حيث يرى العديد من الخبراء أن الطاقة الحرارية الأرضية هي عنصر أساسي لمستقبل الطاقة الخضراء في العالم .
أن قلب الأرض منصهر ويحتوى على كثير من الطاقات الحرارية التي تتدفق نحو الطبقات العليا كما أن قوى الجاذبية واحتكاك طبقات الأرض ببعضها بعضاً ينتج عنها ارتفاع كبير في درجة حرارة تلك الصخور والمياه الموجودة فيها ، وأيضا تحلل المواد المشعة الموجودة فى باطن الأرض ينتج عنها أرتفاع درجات حرارة جوف الأرض ، وهذا مايجعل جانباً كبيراً من الطاقة الحرارية للأرض متجددة بفعل النشاط الإشعاعى الطبيعى وقوة الجاذبية والاحتكاك ، فالطاقة الحرارية الجوفية هي مصدر طاقة بديل ونظيف ومتجدد ، وهى طاقة مختزنة فى الصخور المنصهرة فى باطن الأرض ، إذ إن نواة الأرض تحتوى على مواد منصهرة ذات درجات حرارة مرتفعة جداً قد تصل إلى 6000 درجة مئوية فى حين أن القشرة الأرضية – التى يتراوح سمكها ما بين 5 و60 كيلومتراً – تتراوح درجة الحرارة فى أعماقها بين 500 و1000 درجة مئوية ، فيما ترتفع درجة الحرارة بزيادة تعمُقنا من سطح الأرض إلى جوفها بمعدل نحو 2.7 درجة مئوية لكل 100 متر فى العمق ، أى أنها قد تصل إلى نحو 27 درجة مئوية على عمق كيلومتر واحد ، وهكذا. .
ان معدل الطاقة الحرارية الجيولوجية يقدر بنحو ضعف كل ما يستخدمه الإنسان الحديث من الطاقة من المصادر المختلفة ، وأن كفاءة استغلال الطاقة الحرارية الباطنية فى توليد الطاقة الكهربائية تعتمد على درجة الحرارة ، مما يسهل وجود الينابيع الحارة واستغلالها بأسعار زهيدة ، وتسمى المناطق الواسعة من الموارد المائية الحرارية التى تظهر طبيعيا بـ «خزانات الطاقة الحرارية الأرضية» ، وتقع معظم تلك الخزانات فى أعماق الأرض ولا توجد عليها حتى الآن أدلة ، ولكن عادة ما توجد بشكل نشط على طول حدود الصفائح الكبرى حيث تتركز الزلازل والبراكين ، فضلا عن أن الجيولوجيين يستخدمون أدوات مختلفة للبحث عن مكامن الطاقة الحرارية الأرضية ، إذ يُعد حفر الآبار واختبار درجات الحرارة لأعماق الأرض هو الأسلوب الأكثر موثوقية .
و تنقسم مصادر الحصول على الطاقة الحرارية الجوفية إلى قسمين: المياه الحارة الجوفية والصخور الحارة الموجودة في المناطق النشطة بركانيا أو في الأعماق البعيدة تحت سطح الأرض ، وتوجد 24 دولة على مستوى العالم لديها محطات لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية منها دولة كينيا التى تنتج 10% من الكهرباء باستخدامها ، وتعتبر ايسلندا من أكثر الدول تقدما فى هذا المجال حيث تنتج 53% من الطاقة المستخدمة لديها من طاقة باطن الأرض ، وكذلك تنتج الصين 1440 ميجاوات كهرباء سنويا من الطاقة الحرارية الأرضية ، على حين تنتج الولايات المتحدة 3700 ميجاوات من هذا النوع من الطاقة .
من أهم مزايا ذلك النوع من الطاقة أنها متجددة وغير مضرة بالبيئة ، مع قلة تكاليف إنتاج الطاقة الكهربية بعد تكاليف إنشاء المحطة ذاتها التى قد تكون باهظة ، ويُعد ذلك من عيوبها إذ يتكلف إنشاء محطات توليد كهرباء باستخدام الطاقة الحرارية الجوفية أعباء اقتصادية عالية بسبب صعوبة حفر آبار لاعماق سحيقة وبأعداد كبيرة ، كما أن تلك التقنية يمكن أن تؤدى إلى زعزعة استقرار القشرة الأرضية فى بعض الأماكن ، ولتفادى وقوع مثل هذه المشكلات الخطيرة يمكن ضخ كميات من المياه الباردة للمحافظة على ضغط الماء فى الخزان المائى تحت الأرض ، وكذلك تحتوى السوائل التى يتم استخراجها من باطن الأرض على مخلوط غازات منها ثانى أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين والميثان والأمونيا وبعض الأملاح الذائبة مثل الزئبق والزرنيخ واليود والأنتيمون ، حيث تترسب تلك الكيماويات عند تبريد الماء وتحدث أضرارا بالبيئة ، وللتغلب على تلك المشكلة البيئية تقوم محطات القوى بإنشاء وحدات ضبط وفصل للغازات من أجل خفض تأثيراتها السلبية على البيئة ، وكذلك فإن إعادة استخدام الماء الساخن المستخرج وضخه إلى أعماق الأرض مرة ثانية يُعد من العوامل التى تُقلل التأثيرات السلبية على البيئة .
و من إيجابيات استخدام هذا النوع من الطاقة فى الصوبات الزراعية قد أسهم بشكل كبير فى عدم تفشى الفطريات وذلك وفق تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ، كما يعتقد العديد من الخبراء أن الطاقة الحرارية الأرضية سوف تلعب دورًا كبيرًا في مستقبل الطاقة النظيفة في العالم حيث يمكن أن يزيد توليد الكهرباء من خلال طرق الطاقة الحرارية الأرضية 26 ضعفًا بحلول عام 2050 .