د.أحمد جلال شقوير : رمضان مدرسة الصَّبْر…على المأمور وعن المحذور وعلى المقدور

في يوم 13 أبريل، 2021 | بتوقيت 4:22 م

: العالم اليوم

 

أكد د. أحمد جلال شقوير امام وخطيب بوزارة الأوقاف أن مِنْ أعظمِ الأخلاقِ والقِيَمِ الَّتي يتربّى عليها المسلم في شهر رمضان: قيمة الصَّبر. وهو- كما عرفه العلماء-: حبس النَّفس على ما تكره، وعلى خلاف مرادها؛ طلبًا لرضا الله وثوابه.

و أضاف أن الصَّبر- كما هو معلوم- ثلاثة أنواع الاول صبرٌ على المأمور(الطَّاعة) ، ويكون بالقيام بحقِّ العبوديَّةِ والمحافظة عليها، فجميع الطَّاعات بجميع أشكالها تحتاج إلى صبر، قال(تعالى):”رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ”[مريم:65]، وقال(عزَّ اسمه):”وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا”[طه: 132]، وقال:”وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ”[الكهف: 28].

والنوع الثانى صبرٌ عن المحظور(المعصية): ويتمثَّل في كفِّ النَّفس عمَّا حرَّم الله، وثباتها في مقاومة الهوى والشَّهوات، فكما أنَّ الطَّاعة تحتاج إلى صبرٍ في أدائِها، فكذلك المعصية تحتاج إلى صبرٍ في اجتنابِها، وهذا النَّوع أشار إليه الحقُّ(سبحانه) في قوله:”وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ”[فصلت: 34، 35].

والنوع الثالث صبرٌ على المقدور(البلاء) وإليه الإشارة بقوله:”وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”[البقرة: 155 – 157].
واكد د. احمد جلال ” أجَلْ، العبد يحتاج إلى صبرٍ على الأوامر والطَّاعات؛ حتَّى يؤديها، وإلى صبرٍ عن المناهي والمخالفات؛ حتَّى لا يقع فيها، وإلى صبرٍ على الأقدار والأقضية؛ حتَّى لا يتسخَّطها.
وبالقراءاة العميقة، لوحظ أنَّ شهر رمضان يشتمل على أنواع الصَّبر الثَّلاثة ففيه الصَّبر على فعل المأمور مِنْ: صيامٍ، وقيامٍ، وتلاوة قرآنٍ، وبرٍّ، وإحسانٍ، وجودٍ، وإطعامٍ، وتوبةٍ واستغفارٍ…إلخ. فكلّ هذه الطَّاعات تحتاج إلى التَّحلِّي بقيمة الصَّبر؛ليقوم بها الإنسان على أكمل الوجوه وأفضلها.
وفيه الصَّبر عن المحذور، مِنْ: كفِّ اللِّسان عن الكذبِ، والزُّورِ، واللَّغوِ، والسَّبّ، والشَّتمِ، والصَّخَبِ، والجدالِ، والغِيْبَةِ والنَّميمةِ…إلخ. ولا شكَّ أنَّ هذا كلّه يحتاج إلى الصَّبر؛ حتَّى يتمكَّن العبد من حفظ نفسه عن الوقوع فيها.
وفيه الصَّبر- أيضًا- على المقدور، ويتمثَّل في الصَّبرِ على هذهالجائِحَة(كورونا) وماتسبَّبتفيهمنإصابات،وَوَفَيَاتٍ، والَّتي لا زالت قائمة.
ومن أجل ذلك كلِّه سمي بشهرِ الصَّبرِ.فقد جاء في السُّنَّةِ النَّبويَّةِ النَّصُ الصَّريحُ على تسميةِ رمضان بشهر الصَّبر، فروى أبو هريرة(رضي الله عنه) عن النَّبيِّ(صلى الله عليه وسلم) أنَّه قال:«صوم شهر الصَّبر وثلاثة أيامٍ من كلِّ شهر صوم الدَّهر» (رواه الإمام أحمد).
وأكد د. احمد شقوير أن شهر رمضان هذا العام إذن فرصةلأن نتحقَّق فيه بقيمةِ الصَّبرِ بأنواعِهِ، ومن ثَمَّ نزداد قربًا من الله(تعالى)، ونكون أهلًا لأن تشملنا نفحات الصَّابرين.فاللهم أدخلنا في الصَّابرين.