الاتحاد الأوروبي يعطي الضوء الأخضر للطاقة النووية والغاز الطبيعي لتحفيز استثمارات بالمليارات

في يوم 16 مارس، 2022 | بتوقيت 4:50 م

كتبت: شيرين سامى

شهدنا مؤخرا تطورا لم يجذب اهتماما كافيا في ظل جائحة كوفيد-19 ومشكلات الاقتصاد العالمي، وهو إقرار الاتحاد الأوروبي وثيقة تشريعية تصنف الطاقة النووية والغاز الطبيعي ضمن قائمة المصادر “الخضراء” لإنتاج الطاقة. يهدف القرار إلى دعم مسار تحول الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 بلدا وتقليل الانبعاثات الكربونية. ومن المتوقع أن يعتمد الاتحاد الأوروبي مشروع القانون ليبدأ تطبيقه في عام 2023 رغم وجود معارضة من بعض دول أوروبا مثل ألمانيا والنمسا.

سيتيح مشروع القانون المقترح إدراج الغاز والطاقة النووية في “تصنيف الأنشطة الاقتصادية المستدامة بيئيًا” للاتحاد الأوروبي والذي يعتبر أداة تساعد المستثمرين والشركات على تحديد ما إذا كان نشاط اقتصادي ما يتوافق مع مبادئ الاستدامة البيئية أم لا. سيسمح التصنيف بتوجيه مليارات الدولارات إلى مشاريع الطاقة النظيفة ما سيساعد الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية من غازات الدفيئة بحلول عام 2050.

تؤيد فرنسا والتشيك وهنغاريا إدراج الطاقة النووية في التصنيف، بينما ضغط العديد من الدول في وسط وشرق وجنوب أوروبا من أجل تضمين الغاز لاعتباره طاقة “خضراء” أيضا.

وصف وزير الدولة للشؤون الأوروبية في فرنسا كليمان بون الاقتراح بأنه جيد على المستوى الفني. وقال إن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع تحقيق هدفه المتمثل في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 من دون الطاقة النووية، حيث بلغ حجم الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية في دول الاتحاد الأوروبي عام 2019 حوالي 26%. أما الغاز الطبيعي فازداد استخدامه في إنتاج الكهرباء بنحو 40% منذ عام 2014.

أكدت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات الأمريكية “بيكر – ماكنزي” أحقية إدراج الطاقة النووية في التصنيف “الأخضر” الأوروبي.

الحكومة الألمانية التي كانت تعارض حتى وقت قريب ضم الطاقة النووية للتصنيف، تعتمد بالأساس على الغاز بصفته وقودا انتقاليا. يذكر أن ألمانيا قررت التخلي التدريجي عن الطاقة النووية منذ عقد من الزمن وذلك وفقا للمتحدث الرسمي للحكومة، ولكن على خلفية أزمة الطاقة في أوروبا والارتفاع الحاد في أسعار الغاز جدد المسؤولون الألمان الحديث عن إمكانية إعادة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة للبلاد.

يرتكز مفهوم أمن الطاقة الأوروبي على عدة نقاط أساسية بما فيها ضمان الإمدادات المستمرة غير المنقطعة لموارد الطاقة واستقرار الأسعار وعدم إلحاق الضرر بالبيئة.

أما الحكومة الروسية اعتمدت التصنيف “الأخضر” الذي يتضمن الطاقة النووية في عام 2021. وتوفر محطات الطاقة النووية نحو 20% من إجمالي الكهرباء المولدة في روسيا، ومن المخطط أن يصل هذا الرقم إلى 25% بحلول عام 2050 وفقًا لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للطاقة. كما تسهم محطات الطاقة النووية روسية التصميم العاملة في مختلف دول العالم في منع انبعاث قرابة 210 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي سنويا.

وحسب معطيات وكالة الطاقة الدولية، سيزداد إجمالي الانبعاثات الكربونية بمقدار 4 مليارات طن في حال عدم تشغيل قدرات نووية جديدة، ما يعني أنه لا يجوز التغاضي عن الطاقة النووية. الطاقة النووية هي المصدر الوحيد للكهرباء منخفضة الكربون القابل للنشر في أي منطقة من العالم تقريبا، ومن المؤكد أنها تخفض كثافة الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة وتساعد في الوقت نفسه على زيادة مرونة الشبكة واستقرارها وتعزيز أمن الطاقة. على عكس الطرق الأخرى لإنتاج الطاقة الكهربائية الخضراء فإن الطاقة النووية بإمكانها توفير طاقة نظيفة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بغض النظر عن الظروف المناخية وحالة الطقس، ما يجعلها مصدرًا ثابتًا لكهرباء الحمل الأساسي ذا أهمية حيوية للتنمية الصناعية المستدامة وتلبية طلب المستهلكين.

ويجدر بالذكر أن شركة “روساتوم” الحكومية الروسية للطاقة النووية تنفذ مشروع إنشاء محطة الضبعة الكهروذرية في مصر التي ستزود بمفاعلات روسية حديثة من نوع VVER- 1200 تنتمي للجيل “3+”. ويتوقع أنه مع تشغيل محطة الضبعة النووية تنخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في البلاد بأكثر من 14 مليون طن سنويا.

وقد قال عضو مجلس الطاقة العالمي واستشاري الطاقة والمناخ، د. ماهر عزيز: “يخطو الاتحاد الأوروبي حاليا خطوات واسعة نحو إقرار المبادئ السديدة للتحول الطاقي في العالم اليوم، وهنالك اعتراف قوي بالخطأ التاريخي الفادح الذي وقع فيه الاتحاد الأوربي حين عاند القوي النووية لتوليد الكهرباء بعد حادثة تشيرنوبل، ولذلك فالدعوة للتحول الطاقي الذي يعتمد بالدرجة الأولي علي التوجه الكبير للطاقة النووية – بوصفها طاقة خضراء – تتصاعد الآن في أوربا كلها باستثناء ألمانيا التي اوقعتها تقديراتها الخطأ للابتعاد عن النووية فريسة في براثن الاعتماد علي نحو مفرط علي الغاز الطبيعي الذي تتحكم فيه الان دولة اخري يتهددها مخاوف كبيرة بانقطاع الامدادات. ويلقي التوجه الأوروبي الجاد الحالي نحو الطاقة النووية – كطاقة خضراء يعول عليها – الضوء بشدة علي الاهتمام المصري الحاذق باستدخال الخيار النووي ضمن الخيارات الأخرى في استراتيجيتها للمزيج الآمن للطاقة علي المدي المتوسط والبعيد. فمصر تتواكب مع الدول المتقدمة جميعها في التوجه لعالم جديد خال من الكربون تقف فيه القوي النووية كأهم مصدر للطاقة يكافح التغير المناخي لعدم إصداره مطلقا لغازات الدفيئة.”

وأضاف ، وليس ذلك فحسب إذ تدرك مصر أن اهتمامها النووي ينقلها نقلة كبري في المجال التكنولوجي لتقف علي الحافة الأمامية للتقدم ، كما يمدها بمصدر هائل للطاقة يؤمن الإمداد المستقبلي للطاقة ، ويمكنها من أن تتبوأ الصدارة بين الدول التي تبذل جهودا طائلة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.