فى الذكرى العاشرة لحادث فوكوشيما النووى .. عقد من الزمان لتحسين الأمان النووى
في يوم 2 فبراير، 2022 | بتوقيت 2:15 م

يمكن للقوى النووية أن تُشكل عُنصراً رئيسياً في مُعالجة المشاكل العالمية المُتمثلة في الطاقة النظيفة والمياه النظيفة ، ولكن درجة تقبل الجمهور للتكنولوجيا النووية مازالت ضئيلة لتشككهم فى كونها يمكن أن تتسسبب قى إضطرابات كبرى فى المجتمعات وتُلحق الضرر بالناس حين تقع فيها مشكلة كما حدث فى تشيرنوبل بالاتحاد السوفيتى سابقا وحديثا فى فوكوشيما باليابان ، وبالرغم من التطور السريع للتكنولوجيات النووية والتغيُر السريع فى المجتمعات وفى التكنولوجيا التى تعمل على تطوير حياة الناس إلا أننا فى حاجه إلى زيادة زرع الثقة والوعى لدى الجمهور .
وبعد مرور الذكرى العاشرة على الزلزال الكبير والتسونامي المُدمر الذي أعقبه في شرق اليابان ، مما أدى إلى الحادثة النووية في محطة فوكوشيما داييتشي للقوى النووية التابعة لشركة طوكيو للطاقة الكهربائية ، تعرض لها الكاتب بالتفصيل فى مقالة سابقة ، وقد أعقبها إصدار تقارير متنوعة وإنعقاد عدة مؤتمرات عن الحادثة وإجراء مجموعة من التحليلات التفصيلية والتحقيقات التقنية ، وفي غضون أشهر قليلة سارع العالم الى الجلوس الى الطاولة والاتفاق على تعزيز الأمان النووى ، ووضعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خطة عمل شاملة لتعزيز أُطر الأمان النووي العالمى ، لكننا نجد أن السؤال الأهم هو ما هى الدروس المُستفادة من الحادث خصوصا فى مجال الأمان النووى وما هى الرسائل الرئيسية للحادثة فيما يخُص الأجيال القادمة .
وبصورة عامة نجد أن الدروس المستفادة يمكن أن تنقسم إلى مجموعتين أحدهما تقنية والأخرى بشرية تنظيمية ولكن ينبغى أن تكون جزء من نظام شامل ليكون هذا هو الدرس الرئيسى ، وتشتمل الدروس التقنية على توفير وسائل قوية لضمان وظائف الأمان الأساسية (الاحتواء والتحكم والتبريد) بما في ذلك سيناريوهات الحوادث العنيفة ، مع تغطية المخاطر والسيناريوهات المتعددة في تحليلات الأمان والأحكام المتعلقة به ، وتوفير وسائل قوية لرصد معايير أمان المُفاعلات والوقود المُستهلك في الحوادث العنيفة ، وأيضاً ضمان عمل مراكز الرصد والمُراقبة للطوارئ خارج الموقع بفعالية في ظل الظروف القاسية ، مع وضع أسس تصميم المخاطر الخارجية على أساس نهج احترازي إزاء عدم اليقين .
أما بالنسبة للاهتمام بالعناصر البشرية والتنظيمية فهناك بعض الدروس الرئيسية مثل ضمان استقلالية هيئات الرقابة النووية واعتماد فلسفة التحسين المُستمر مع استخدام نهج على مستوى النظام لتحديد الترتيبات المؤسسية وتحسينها لضمان الأمان النووى ، وأيضاً الالتزام بمعايير الأمان التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرها من الإرشادات مثل التقريرين 4 و 27 للفريق الدولي للأمان النووي ، ومن أهم الدروس المستفادة يجب أن يكون المنظمين أقوياء ومستقلين ولديهم موارد كافية .
وقد قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ببناء منصة لتعزيز ممارسات السلامة النووية للمواقع الحالية وتلك التي يتم تطويرها وإنشاؤها مما أوجد ثقافة سلامة عالمية مُستدامة وقوية ، وعلى العالم الآن أن يستفيد من تلك المعارف التى حصلت نتيجة هذا الحادث بُغية علاج أى مواطن ضعف فى محطات القوى النووية لديها ، وتحسين التواصل المصحوب بالشفافية مع الجمهور ، وتعزيز تنفيذ معايير الأمان التى وضعتها الوكالة والقوانين الدولية التى سنتها ، ويجب على الدول التى تُشرع فى إنشاء برامج قوى نووية جديدة تأسيس هيئات رقابية وطنية تتمتع بمزيد من الاستقلالية ويتاح لها مزيد من الموارد ، وبفضل الابتكارات فى مجالى التكنولوجيا والهندسة تُستكشف حاليا فرص جديدة لتحسين الامان والتى كان من ثمارها سلسلة من التحسينات الملحوظة فى مجال الامان عالميا ، فأصبح الموقف من مسألة الامان فى مجال الطاقة النووية يتحسن باستمرار عن طريق مد جسور الثقة وبث روح القيادة وتعزيز المسئولية الشخصية .
وفى الختام أجد أنه من الأهمية بمكان وجود إطار أمان معيارى قوى مع وجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مركزها لأن الأمان النووي ليس غاية في حد ذاته إنما وسيلة لتحقيق غاية ، فهو مُفتاح توسع الطاقة النووية وبالتالي هو المفتاح للوفاء النووي بأكبر وعد له على الإطلاق وهو القدرة على المساعدة في استقرار المناخ مع السماح للاقتصادات والمجتمعات بالازدهار بتغذيتها بطاقة آمنة ومستقرة وخالية من الكربون .







