الجوانب الأمنية لمحطة الضبعة النووية

في يوم 17 يناير، 2022 | بتوقيت 8:44 م

كتب: بقلم : لواء / يس صيام

تكوين ثقافة قوية للأمان والأمن أحد مبادئ الإدارة الأساسية وتؤثر هذه الثقافة على هيكل المنظمة وأسلوبها، فضلاً عن مواقفها ونهجها والتزام الأفراد على جميع المستويات في المنظمة. ولتدعيم ثقافة الأمن النووي بين العاملين في المجال النووي ، فقد اتبعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية نهجا متكاملا للحماية من الارهاب النووي، من خلال الأنشطة المتعلقة بالحماية المادية للمواد والمنشآت النووية وكشف الاتجار بالمواد النووية ، وان الأمن النووي أمرا أساسيا في ادارة التكنولوجيا النووية وفي التطبيقات التي تستخدم فيها المواد النووية أو المواد المشعة ، و يتحقق الأمن النووي  من خلال منع أعمال السرقة أو التخريب أو الوصول غير المأذون به أو النقل غير القانوني أو الأعمال الإيذائية المتعلقة بالمواد النووية أو المواد الإشعاعية ، وهنا لابد من الإشارة لاتفاقية الحماية المادية للمواد النووية التي وقعت في 3 مارس 1980 بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وما جاء بالمادة 7 التي تنص على الآتي: (على كل دولة طرف أن تجعل الارتكاب المتعمد لما يلي جريمة تستحق العقاب بموجب قانونها الوطني) وان أي فعل يتم دون اذن مشروع يشكل استلاما أو حيازة أو استعمالا أو نقلا أو تغييرا لمواد نووية أو تصرفا بها أو تشتيتا لها ويسبب أو يحتمل أن يسبب وفاة أي شخص أو إصابته لإصابة خطيرة أو إلحاق أضرار جوهرية في الممتلكات ، او سرقة مواد نووية أو سلبها ، او اختلاس مواد نووية أو الحصول عليها بطريقة الاحتيال ، و أي فعل يشكل طلبا لمواد نووية عن طريق التهديد باستعمال القوة أو استعمالها أو بأي شكل أخر من أشكال التخويف  ، وأي تهديد باستعمال مواد نووية للتسبب في وفاة أي شخص أو إصابته إصابة خطيرة ، وفيما يتعلق بثقافة الأمن النووي ، التي هي تصرفات ومواقف وخصائص الأفراد والمؤسسات والمنظمات التي تشكل وسيلة لدعم النشاط النووي من خلال الآتي :  الحد من مخاطر الخطأ البشري  ”المتعمد“ وتسمى ثقافة الأمن النووي ، والحد من مخاطر الخطأ البشري ”غير المقصود“ وتسمى ثقافة الأمان النووي 
ولفهم مفاهيم ثقافة الأمان والأمن، يجب أن يكون لدى المرء نظرة ثاقبة بشأن المفهوم العام “للثقافة”. فالثقافة لدى المجتمع كالذاكرة لدى الأفراد ويشارك في تطوير ثقافة الأمن النووي كلا من: الدولة – المنظمات – المديرين – الموظفين – الجمهور – المجتمع الدولي، ولتحقيق نظام أمن نووي لا بد من توفير التشريعات والتنظيم الرقابي وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتقييم التهديدات التي تتعرض لها المواقع والمرافق.
ويشمل نظام الأمن النووي جميع العناصر والأنشطة المتعلقة بتحقيق نظام الأمن النووي التي تعتمد على العنصر البشري (الأفراد والقيادات الادارية) ، وتتكون الثقافة الأمنية من :  السياسة الأمنية والتي تشمل تحديد التهديدات وتقيمها ، والتنظيم داخل كل هيئة معنية والتي تشمل تنفيذ تلك السياسات ، وموقف الأفراد على جميع المستويات لتطبيق هذه السياسات ودمجها في عملهم من خلال توزيع وتحديد المسئوليات ، وتعتمد ثقافة الأمن النووي الفعالة  على : المعتقدات والمواقف: لابد من اعتقاد الأفراد العاملين بأنه توجد تهديدات حقيقية وأن الامن النووي مهم ، وتعتمد ايضا على مباديء أساسية مثل التحفيز و القيادة والالتزام والمسئولية والمقدرة المهنية والكفاءة والتعلم والتحسين ، ووضع سياسة أمنية واضحة، وتحديد الأدوار والمسئوليات وقياس الأداء وتوفير بيئة عمل والاهتمام بالتدريب ، وتعزيز تحسين الامتثال للأنظمة الأمنية خلال التوقعات وصنع القرار والاتصالات الفعالة والعمل الجماعي ، ومن مؤشرات الثقافة الامنية : وجود برنامج تدريبي شامل للأمن النووي محدد به معايير تأهيل مكررة و موثقة ويتم ابلاغها للموظفين ، حيث تعطى المشاركة في التدريب اولوية عالية و لا تتعطل بسبب انشطة غير عاجلة ، وتجرى تقييمات دورية لبرامج التدريب و وضع معايير ملائمة للياقة البدنية و يجرى رصدها ، ويمكن الوصول بسهولة الى المعلومات عن حالة مؤهلات الموظفين من جانب من يحتاجون الى معرفتها ، حيث لا يؤدي الموظفون عملا يفتقرون الى مهاراته و معارف اداؤه ، واستمرار توفير التدريب الاساسي في مجال الوعي الامني يوفر للموظفين تعليما بشان الامن المناسب في اماكن العمل فضلا عن متطلبات الابلاغ عن المخالفات الامنية ، وتقوم الادارة العليا بزيارات دورية للدورات التدريبية .
وعن دور المدراء في تطوير ثقافة الأمن النووي: عليهم وضع معايير السلوك والأداء المناسب ، واستخدام الحوافز والمثبطات الموجودة تحت تصرفهم ، وتحديد ومراجعة السياسات والأهداف ، والتأكد من وجود فهم واضح داخل المنظمة للأدوار والمسئوليات الأمنية ، وانشاء آلية رسمية لاتخاذ القرارات ، وتوعية العاملين تحت قيادتهم بالالتزام بمتطلبات الأمن النووية وكذلك التصدي لأي تهديدات ، والحفاظ على التواصل الفعال داخل المنظمة ، والاهتمام بالتدريب والتطوير المهني لتطوير المهارات ، والاهتمام بتدريب المسئولين عن الأمن النووي داخل المنشأة (قوات الحماية والحراسة) على أعلى مستوى للحفاظ على كفاءتهم ، والتحسين المستمر في ثقافة الأمن النووي.
دور الموظفين في تطوير ثقافة الأمن النووي: التصرف بادراك للظروف والعواقب المحتملة لسلوكهم والامتثال للقواعد والنظم والاجراءات، واليقظة المستمرة، والتدريب لتعزيز فهم اجراءات التصدي، وتحديد أوجه القصور والقضاء عليها، والعمل الجماعي والتعاون بين الموظفين، وعدم افشاء أي معلومات خاصة بالمجال النووي.
إن إنشاء ثقافة أمن نووي فعالة توفر قدر أكبر من الضمان بأن برنامج الأمن النووي سيحقق مهامه المتمثلة في منع أعمال السرقة أو التخريب أو الدخول غير المأذون وكشف تلك العوامل والتصدي لها.
واصلَ مشغلو محطات القوى النووية في جميع أنحاء العالم تشغيلَ محطات القوى النووية على نحو مستدام وموثوق خلال جائحة كوفيد-19 وذلك وفقَ بيانات تشغيل محطات القوى النووية لعام 2020 وتُتيح الطاقة النووية فرص الحصول على طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة، مما يخفّف من حدّة الآثار السلبية المترتبة على تغيّر المناخ. وهي جزء هام من مزيج الطاقة العالمي، وفي بداية يناير 2022 بلغت القدرة العالمية لمحطات القوى النووية قيد التشغيل ما مجموعه 397,777 ميجا وات تولِّدها 439 من مفاعلات القوى النووية العاملة في 32 بلداً، ومن الدول العربية التي تسعى الى استخدام المفاعلات النووية في مجال توليد الطاقة الإمارات ومصر والسعودية والأردن.  
ان محطة الضبعة النووية تؤكد التزام مصر بالاشتراطات الدولية و تتمتع بأعلى معايير الأمان النووي  ضمن مفاعلات الجيل الثالث المطور، ويأتي عنصر الأمان للمفاعل النووي على قائمة الأولويات في اختيار التكنولوجيا المستخدمة في المحطة النووية الأولى بالضبعة حيث تنتمي التكنولوجيا المستخدمة إلى نوعية مفاعلات الجيل الثالث المطور وهي التكنولوجيا الأعلى حاليا وتتميز بأعلى معدلات الأمان وفقا للمعايير التي حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد حادثة فوكوشيما ، ويتحقق التشغيل الآمن والموثوق لمحطة الضبعة  من خلال مراعاة الآتي في التصميم : أنظمة أمان مطورة.، ووجود أنظمة أمان سلبية وذاتية التي لا تتطلب مصدر كهربي أو  تدخل بشرى ، ووجود وعاء احتواء خرساني مزدوج لمنع تسرب أية مواد مشعة للبيئة المحيطة، ووجود أنظمة أمان سلبية ذاتية بالمفاعل فضلا عن أن هذا النوع من المفاعلات تم تصميمه لتحمل كافة الأخطار الداخلية والخارجية
  وستحقق محطة الضبعة النووية دفعة هائلة للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وهذا المشروع يمثل أمناً قومياً تكنولوجياً لمصر كما أنه مشروع استثماري من الدرجة الأولى، ومن المستهدف أن يغطى المشروع تكاليفه في مدة تقل عن 15 سنة، بالإضافة الى ان المشروع أمن قومي للطاقة الكهربائية النظيفة والرخيصة للوفاء باحتياجات نهضة البلاد وتنميتها. فخطة «مزيج الطاقة» هي الخطة الإستراتيجية للدولة في توليد الطاقة الكهربائية.