المفاعلات النمطية الصغيرة لتحقيق التنمية المستدامة
في يوم 16 يناير، 2022 | بتوقيت 6:51 م

يحتاج العالم إلى تسخير جميع مصادر الطاقة منخفضة الكربون من أجل تحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة ، حيث سيستمر استخدام مصادر الطاقة المُتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية فى النمو وبالرغم من ذلك توفر الطاقة النووية تيارًا ثابتًا وموثوقًا من الكهرباء اللازمة لتشغيل وتنمية الاقتصادات المتقدمة ، ولتمكين الدول النامية من تعزيز الناتج الاقتصادي ورفع مستويات المعيشة جنبا إلى جنب مع الطاقة الكهرومائية فإن الطاقة النووية هي المصدر الوحيد منخفض الكربون من الطاقة التى يمكن أن تحل محل الوقود الأحفوري لطاقة التحميل الأساسى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع .
وخلال المؤتمر الدولى لتغير المناخ ودور الطاقة النووية فى 2019 تم الكشف عن أنظمة صغيرة ومتوسطة تُسمى بالمفاعلات النمطية الصغيرة (SMRs) باعتبارها خيارًا نوويًا محتملاً للمساهمة فى التخفيف من تغير المناخ وهى مفاعلات نووية مُتقدمة ذات قدرة كهربائية تصل إلى 300 ميجاوات لكل وحدة (حوالى ثلث القدرة التوليدية للمفاعلات النووية التقليدية) ، وتتميز المفاعلات النمطية بأنها صغيرة الحجم ولا تُمثل إلا جزءا ضئيلا من حجم مفاعل القوى النووية التقليدى ، ونمطية بحيث يمكن تجميع نظمها ومكوناتها في المصنع ثم نقلها كوحدة إلى الموقع لتركيبها ، ويجرى فيها تسخير الانشطار النووى لتوليد الحرارة لإنتاج الطاقة وهذا يجعل بناءها فى متناول اليد مقارنة بمفاعلات القوى الكبيرة ، وتتيح المفاعلات النمطية الصغيرة توفيرا في التكلفة ووقت البناء ، كما يمكن نشرها بشكل متزايد بما يتماشى مع الطلب المتنامى على الطاقة ، وفي مجال التطبيق الأوسع تكون تصاميم وأحجام SMR مُناسبة بشكل أفضل للجزئية المخصصة التى تستخدم في التطبيقات غير الكهربائية مثل توفير الحرارة للعمليات الصناعية أو إنتاج الهيدروجين أو تحلية مياه البحر ، كما تستخدم فى أسواق الطاقة المتخصصة حيث لا تكون المفاعلات الكبيرة قابلة للتطبيق بما في ذلك استبدال محطات توليد الطاقة الأحفورية القديمة ، وتوفير التوليد المشترك للطاقة الكهربائية الصغيرة للبلدان النامية ، وتمكين أنظمة الطاقة النووية / الطاقة المتجددة الهجينة عبر تقنية الوحدات النمطية لمساعدة الدول فى سعيها لبلوغ أهداف التنمية المستدامة ومحاولة تحقيق الهدف السابع منها والمتمثل فى ضمان حصول الجميع على الطاقة الحديثة والموثوقة والمستدامة وبأسعار معقولة .
وهناك فئة فرعية من المفاعلات النمطية الصغيرة مصممة لتوليد قوى كهربائية تصل عادة إلى 10 ميجاوات وهى المفاعلات الصغرية (Micro) وتتميز بصغر حجمها مقارنة مع غيرها من المفاعلات النمطية الصغيرة ، ومناسبة بشكل أفضل للمناطق التي يتعذر فيها الحصول على الطاقة النظيفة الموثوقة والميسورة التكلفة ، ويمكن أن تعمل كمورد قوى احتياطي في حالات الطوارئ أو تحل محل مولدات القوى التي تعمل بالديزل في المجتمعات الريفية أو فى المناطق النائية خارج الشبكة الكهربية .
وتساعد المفاعلات النمطية الصغيرة في خفض معدلات استهلاك الوقود ، وتحتاج محطات القوى القائمة على المفاعلات النمطية الصغيرة إلى إعادة التزويد بالوقود بوتيرة أقل تتراوح بين مرة كلَّ 3 إلى 7 سنوات ، مقارنة بمرة كل سنة أو سنتين في المحطات التقليدية بل إنَّ بعضها مصمم للعمل لفترة تصل إلى 30 عاماً من دون إعادة تزويد بالوقود .
وللمُفاعلات النمطية الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMRs) أداء أمان مماثل لأداء المفاعلات الكبيرة الحالية ، فيعتمد مفهوم الأمان لهذه المفاعلات بشكل أكبر على الأنظمة السلبية وخصائص السلامة المتأصلة في المفاعل ، مثل الطاقة المنخفضة وضغط التشغيل وتعمل هذه على زيادة هوامش الأمان ، وفي بعض الحالات تقضى عمليًا على مخاطر حدوث أضرار جسيمة لقلب المفاعل وبالتالى القضاء على احتمالية إطلاق النشاط الإشعاعى الكبير في حالة وقوع حادث .
وقد اكتسب الاهتمام بالمفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs) زخمًا في جميع أنحاء العالم كحل مبتكر وموثوق به منخفض الكربون لتلبية الطلب على الطاقة بشكل مستدام ، ويجرى حاليا تطوير أكثر من 70 تصميماً تجارياً لمفاعلات نمطية صغيرة حول العالم تستهدف مُخرجات متنوعة وتطبيقات مُختلفة مثل الكهرباء ونظم الطاقة الهجين والتدفئة وتحلية المياه وتوليد البخار للتطبيقات الصناعية ، ونجد أن محطة أكاديميك لومونوسوف الروسية وهى أول محطة قوى نووية عائمة في العالم قد بدأت التشغيل التجاري لإنتاج الطاقة الكهربية من مفاعلين نمطيين صغيرين سعة كل منهما 35 ميجاوات فى مايو 2020 ، وهناك عدد آخر من هذه المفاعلات يجرى بناؤها أو فى مرحلة الترخيص فى الأرجنتين وروسيا والصين وكندا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية .
وقد أنشأت الوكالة موقعاً لتنسيق الدعم المتصل بجميع جوانب تطوير المفاعلات النمطية الصغيرة ونشرها والإشراف عليها وتطبيقاتها الكهربائية وغير الكهربائية ، مثل استخدامها فى نظم التدفئة فى الأحياء السكنية وتحلية المياه ، كما تقوم الوكالة حالياً بتقييم المستوى الذي يمكن أن تنطبق عليه معاييرالأمان الحالية الصادرة عنها على التكنولوجيات الابتكارية ، ويتوقع نشر تقرير أمان عن قابلية تطبيق معايير الأمان على تكنولوجيات المفاعلات النمطية الصغيرة هذا العام .







