التقنيات النووية لوقف تدهور التربة الزراعية

في يوم 6 يناير، 2022 | بتوقيت 11:34 ص

كتب: بقلم/ د. مجدى عبدالله

كان موضوع “اليوم العالمي للتربة” الذى احتفلت به الأمم المتحدة الشهر الماضى هو “وقف تملح التربة، وتعزيز إنتاجيتها” ، يذكرنا ذلك بأن وقف تدهور الأراضى ومحاولة إعادتها إلى حالتها الطبيعية يستغرق سنوات عديدة ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال العمل المُنسق والمُشاركة المجتمعية والتعاون على جميع المستويات ، ليُصبح من الأهمية استخدام التقنيات النووية للمحافظة على الموردين الحيويين الطبيعيين اللذين ساهما فى استمرار الحضارات وتوسعها على مدى آلاف السنين وهما التربة والماء ، المُعرضين للخطر نتيجة التغيُرات المناخية واستغلال البشر السىء لهما ، وأيضاً أستخدام تلك التقنيات فى تقييم الاحتياجات من مياه المحاصيل وحالة المُغذيات وتآكل التربة لتنفيذ الممارسات الزراعية التي توقف تملح التربة .
وكان للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) دور فى تطبيق تقنيات نظيرية مختلفة لوقف ملوحة التربة وتحديد كفاءة استخدام المياه والمُغذيات مع تعزيز خصوبة التربة وإنتاجيتها للزراعة المُراعية للمناخ ، وتشمل هذه التقنيات استخدام النيتروجين-15 وهو النظير المستقر للنيتروجين لتحديد كفاءة استخدام الأسمدة النيتروجينية لكي يتسنى تطبيق النوع والكمية الصحيحين ، وتقنية النويدات المُشعة المُتساقطة للمُساعدة على تحديد مُعدل تآكل التربة وفعالية مُمارسات حفظ التربة ؛ بالإضافة إلى استخدام مسبار نيوتروني لقياس رطوبة التربة من أجل تحديد مُستوى الرطوبة فيها وتحديد متى يجب إضافة المياه وما هي الكمية التي يجب إضافتها.
وقد نُفذت هذه التقنيات النووية في العديد من البلدان في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ والبلدان العربية وأمريكا اللاتينية ، من خلال برنامج التعاون التقني التابع للوكالة الذي يدعم اعتماد تقنيات زراعية مُراعية للمناخ حيث أوضح لى هنغ رئيس قسم إدارة التربة والمياه وتغذية المحاصيل في المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة ووفقا للأمم المتحدة ، فإن ما يقرب من 20٪ من النباتات على سطح الأرض إما تشهد تدهوراً شديداً أو تُسجِّل معدلات تدهورٍ عالية ، حيث إن 12 مليون هكتار ما يعادل 30 مليون فدان تقريباً من الأراضي تصبح غير قابلة للاستعمال كل عام بسبب تدهور حالتها ، كما أن مواصلة الزراعة دون إضافة الأسمدة الكافية والرعي المُفرط وعدم وجود ممارسات حفظ التربة والمياه وحرائق الغابات العشوائية فضلا عن ملوحة التربة كلها عوامل تسهم في تدهور التربة ، ويمكن للتقنيات النظيرية أن تحدد أسباب ذلك التدهور وبالتالي توفير المعلومات اللازمة للتغلب على هذه المشاكل ، كما تُستخدم بعض المبادرات الجارية تكنولوجيا كالاتصالات الحديثة ، ففى كينيا على سبيل المثال تمكَّن المزارعون بفضل استخدام تكنولوجيا الهواتف المحمولة من معرفة الوقت المناسب للرى واستخدام الأسمدة ، استنادا إلى البيانات التي تُنقل إليهم من محطات الأرصاد الجوية التي رُكِّبت بدعم من الوكالة من خلال برنامجها للتعاون التقنى .
وفي منطقة كسلا في الجزء الشرقي من السودان تم التغلب على الإجهاد المائي في الزراعة ومن خلال التعاون بين الوكالة والفاو تم استخدام تكنولوجيا الري بالتنقيط لتلبى احتياجات المناطق الزراعية المحدودة ووضع جدول زمنى لتوفير الرى للمحاصيل .
وفي تونس وبسبب التغيُرات المناخية أُزيلت بعض أنواع التربة الأكثر خصوبة وزاد تآكل التربة وتدهور الأراضي وانسداد البحيرات ، وللعمل على حماية البيئة وحفظ التربة ساعدت التقنيات النووية مثل النويدات المشعة المتساقطة على تقييم فعالية الأساليب التقليدية لحفظ التربة وبالتالي تحسين ممارساتها ، وبدعم من الوكالة وبالشراكة مع الفاو يُستخدم السيزيوم ـ35 ككاشف لقياس معدل تآكل التربة وإثبات كفاءة أساليب الحفظ ، بالإضافة إلى استخدام السيزيوم ـ137 لتقدير كمية التربة التي أزيلت بسبب التآكل .