“الفيدرالي الأمريكي” يقرر الإبقاء على اسعار الفائدة بين 0 و0.25%

في يوم 16 ديسمبر، 2021 | بتوقيت 5:44 م

كتبت: شيرين محمد

قرر مجلس الإحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي” الحفاظ على معدلات الفائدة بين 0 و0.25% دون تغيير، إلا أنه قرر تخفيض مشترياته الشهرية من الأصول بـ20 مليار دولار، بالإضافة لخفض بـ10 مليارات دولار أخرى من مشتريات الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

وبذلك يبدأ الفيدرالي في يناير المقبل حيازة سندات خزانة بما لا يقل عن 40 مليار دولار شهريا، و20 مليار دولار أخرى لمشتريات أوراق الرهن العقاري المالية.

ويعتبر خفض الفيدرالي لبرنامجه لشراء الأصول للمرة الثانية على التوالي خطوة في طريق التشديد النقدي، بعد سياسات التحفيز -من مشتريات للأصول وخفض للفائدة- التي اتخذها لمواجهة الجائحة.

وأرجع الفيدرالي قرار تثبيت الفائدة لرغبته في بلوغ معدل تضخم 2% على الأجل الطويل.

وقبل 4 أيام أعلنت الولايات المتحدة تسجيل أعلى مستوى للتضخم في نحو 39 عاما بعد أن بلغ تضخم نوفمبر 6.8%، مدفوعا بالارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات ومن بينها أسعار الطاقة والطعام.

وقفز معدل التضخم في الولايات المتحدة لأعلى مستوى له منذ نحو 39 عاما، خلال نوفمبر الماضي، وهو ما يلقي مزيدا من الضغوط والتطورات على المشهد الاقتصاد العالمي.

وسجل معدل التضخم في نوفمبر ارتفاعا بنسبة 6.8%، مقارنة بنفس الشهر العام الماضي، كما ارتفع التضخم الشهري بنسبة 0.8% ليأتي متجاوزا التوقعات.

وفي 2020، نفذ الفيدرالي الأمريكي أكثر من خفض على أسعار الفائدة لتستقر منذ ذلك الوقت عند مستواها الحالي البالغ 0% – 0.25%، مقارنة مع 1.25% قبل الوباء.

وبشكل عام يواجه العالم موجة تضخمية كبيرة خلفتها آثار كورونا، إذ اتخذت البنوك المركزية حول العالم إجراءات تيسيرية خوفا من حدوث ركود، أو بمعنى أوضح ضخت المال في الأسواق من خلال خفض الفائدة وبرامج الدعم ما وفر الأموال دون إنتاج في المقابل لترتفع الأسعار، ساهمت أزمة الشحن العالمية وأزمات نقص سلع مؤثرة كالرقائق الإلكترونية في تفاقم معدلات التضخم العالمية.

وكثف مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي المعركة ضد التضخم الأكثر سخونة في جيل واحد، من خلال التحول إلى إسراع إنهاء برنامج خفض مشتريات الأصول، والإشارة إلى تفضيلهم لرفع أسعار الفائدة في عام 2022 بوتيرة أسرع مما كان يتوقَّعه الاقتصاديون.

وفي إشارة إلى أحد أكثر محاور السياسات تشدداً منذ سنوات؛ قال الاحتياطي الفيدرالي في ختام اجتماعه أمس الأربعاء، إنَّه سيضاعف وتيرة خفض مشترياته من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري إلى 30 مليار دولار شهرياً، مما يضعه على المسار الصحيح لإنهاء البرنامج في أوائل 2022، بدلاً من منتصف العام كما كان يخطط في البداية.

وسيضع الإسراع في خفض مشتريات الأصول رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في وضع يسمح له برفع أسعار الفائدة في وقت أبكر مما كان متوقَّعاً في السابق لمواجهة ضغوط الأسعار إذا لزم الأمر ، حتى في الوقت الذي يشكل فيه الوباء تحدياً مستمراً للانتعاش الاقتصادي.

وحول سلالة “أوميكرون”، أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى المخاوف بشأن المتحور الجديد، قائلاً إنَّ “المخاطر على التوقُّعات الاقتصادية ما تزال قائمة، بما في ذلك المتغيرات الجديدة للفيروس”.

وأظهرت التوقُّعات التي تم نشرها مع البيان أنَّ المسؤولين يتوقَّعون أن تكون هناك ثلاث زيادات، بواقع ربع نقطة في معدل الأموال الفيدرالية القياسي، مناسبة العام المقبل، وفقاً لأوسط التقديرات، بعد إبقاء تكاليف الاقتراض بالقرب من الصفر منذ مارس 2020.

ويمثل هذا تحولاً كبيراً عن آخر مرة تم فيها تحديث التوقُّعات في سبتمبر، عندما انقسمت اللجنة بالتساوي بشأن الحاجة إلى أي زيادات في الأسعار على الإطلاق في عام 2022.

وأظهرت التوقُّعات الجديدة أيضاً أنَّ صانعي السياسات يرون ثلاث زيادات أخرى بحسب الحاجة في عام 2023، وزيادتين في عام 2024، ليصل معدل الأموال إلى 2.1% بنهاية ذلك العام.

وقالت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المعنية بوضع السياسات ، في بيان لها ، إنَّ التغيير المفاجئ في الوتيرة يعكس “تطورات التضخموالمزيد من التحسن في سوق العمل، وأضافت أنها على استعداد لتعديل وتيرة الشراء إذا اقتضت ذلك التغييرات في التوقُّعات الاقتصادية.

وفيما يتعلق بأسعار الفائدة ،”مع تجاوز التضخم 2% لبعض الوقت؛ تتوقَّع اللجنة أنَّه سيكون من المناسب الحفاظ على هذا النطاق المستهدف حتى تصل ظروف سوق العمل إلى مستويات تتفق مع تقييمات اللجنة للحد الأقصى من العمالة”.

وقالت اللجنة : “استمرت اختلالات العرض والطلب المتعلقة بالوباء، وإعادة فتح الاقتصاد في المساهمة في ارتفاع التضخم”.

وفي حين أنَّ تسريع وتيرة الخفض التدريجي لمشتريات الأصول كان متماشياً مع توقُّعات غالبية الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع لوكالة بلومبرج ؛ كان مسار سعر الفائدة أكثر حدة مما رآه المحللون بشكل عام.

وكان المستثمرون يتوقَّعون رفع سعر الفائدة بحلول منتصف العام، وفقاً لتداولات العقود الآجلة، مع وجود فرصة للتحرك في شهر مارس.

ويواجه باول، الذي أعاد الرئيس جو بايدن ترشيحه مؤخراً لولاية ثانية مدتها أربع سنوات على رأس الاحتياطي الفيدرالي، ضغوطاً متزايدة من كلٍّ من الديمقراطيين والجمهوريين لاتخاذ إجراءات أكثر تشدداً حيال التضخم.

وفوجئ مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بضغوط الأسعار ، التي اعتقدوا أنَّها ستتلاشى مع تكيف العالم مع الوباء؛ وبدلاً من ذلك، استمر الوباء، وارتفع معدل التضخم بفعل اختناقات سلاسل التوريد والطلب القوي، على الرغم من الدعم الهائل للسياسات المالية والنقدية.

وفي بيان اللجنة أزال المسؤولون الإشارة السابقة بسبب أنَّ العوامل المسببة للتضخم “مؤقتة”. أخبر باول المشرعين الشهر الماضي أنَّ الوقت قد حان “للتوقف” عن وصف الاحتياطي الفيدرالي للتضخم المرتفع بأنَّه “مؤقت”، وهو الموقف الذي تبناه طيلة 2021.

وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 6.8% في العام حتى نوفمبر، مسجلة أسرع وتيرة زيادة منذ 1982. وفي الأشهر الأخيرة، ساعد الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة، وتضخم الإيجارات المتسارع في التضخم العام بشكل أكبر مما كان عليه في وقت سابق من العام، عندما كانت الزيادات الضخمة في الأسعار تتركز بشكل كبير في سوق السيارات المستعملة، وإعادة فتح قطاعي الترفيه والضيافة.

وانخفض معدل البطالة إلى 4.2% في نوفمبر من 4.6% في أكتوبر، مما يعد تحسناً أسرع مما توقَّعه المحللون. ومع ذلك؛ ما تزال الفجوة بين معدلات البطالة بين البيض والسود واسعة – عند 3.7%، و 6.7% على التوالي – وقال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، إنَّهم سيأخذون هذه التباينات في الحسبان بموجب نهج جديد “واسع النطاق وشامل” للحكم على الحد الأقصى للتوظيف الذي أعلنوه العام الماضي.

وتم تعديل أوسط توقُّعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة للتضخم لعام 2022 إلى 2.6% من 2.2% في سبتمبر ، والآن تتوقَّع أن يبلغ معدل البطالة في نهاية العام المقبل 3.5% مقابل 3.8% في سبتمبر.

وما يزال أمام جو بايدن ثلاثة مقاعد شاغرة لشغلها في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن، ومن المتوقَّع أن يعلن عن اختياراته في الأيام المقبلة. يمكن أن تلعب اختياراته، بالإضافة إلى أي شخص تختاره بنوك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس وبوسطن ليكون رئيسها المقبل، دوراً مهماً في الاتجاه الذي ستتخذه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة العام المقبل.

وتعني هذه التغييرات أيضاً أنَّ توقُّعات “المخطط النقطي” التي صدرت اليوم الأربعاء، تعكس وجهات نظر العديد من المسؤولين الذين لن يكونوا جزءاً من عملية صنع القرار، في حين يتنقل الاحتياطي الفيدرالي في المرحلة التالية من التعافي الاقتصادي من الوباء.