طارق حسن على : منظومة متكاملة للسكك الحديدية لدولة صاعدة بسرعة قياسية

في يوم 11 نوفمبر، 2021 | بتوقيت 4:55 م

كتبت: العالم اليوم

قال طارق حسن علي الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس موبيليتي في مصر ” انه باعتباري مواطن مصري في المقام الأول، وعلى مدار أكثر من 15 عامًا من انضمامي لشركة سيمنس، فقد كان ولا يزال جلياً لي مدى عمق ومتانة العلاقات التي تجمع بين مصر وشركة سيمنس. فبعد سنوات قليلة من تأسيس “فيرنر فون سيمنس” لشركته في ألمانيا، قام بزيارة مصر عام 1859 للإشراف على مد كابل بحري للاتصالات عبر البحر الأحمر للربط بين مدينتي السويس وعدن باليمن.”
واضاف ان ما تحقق يعد إنجازاً كبيراً بالنظر إلى تحديات وتقنيات ذلك الزمن، ومما يدعوني كمواطن مصري إلى الفخر والإعجاب أنه كان لمصر شبكة للسكك الحديدية قبل وصول “فيرنر فون سيمنس” إليها لإنجاز مهمته.
وبعد أكثر من قرن من هذا التاريخ، بدأت سيمنس موبيليتي مرحلة جديدة تمامًا لمسيرتها في مصر، حيث يشرفنا أن نتعاون مع شركائنا في أوراسكوم للإنشاءات والمقاولون العرب، لإقامة منظومة متكاملة وحديثة للسكك الحديدية الكهربائية والتي تتضمن قطارات كهربائية سريعة وقطارات كهربائية إقليمية لنقل الركاب وكذلك جرارات كهربائية لشحن البضائع، وهو ما سيعمل على تطوير منظومة النقل والمواصلات في البلاد، كما أننا نسعى لإنجاز هذا المشروع التاريخي خلال وقت قياسي.
واشار الى إنّ مصر تنمو اقتصاديًا واجتماعيًا وسكانيًا بمعدلات غير مسبوقة، فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 120 مليون نسمة بحلول 2030، بمعدل زيادة يصل إلى 20% تقريبًا مقارنة بعدد السكان الحالي. ولهذا، فمن الطبيعي أن تسعى الحكومة إلى زيادة قدرات منظومة النقل في البلاد لاستيعاب هذه الأعداد، مع رغبتها في توفير شبكة سكك حديدية آمنة تتسم بالكفاءة والاعتمادية والاستدامة لنقل المواطنين والزائرين وشحن البضائع. ولكن أكثر شيء يثير الإبهار في هذا المشروع هو أنه يحدث نقلة نوعية هائلة لمصر في مجال النقل اعتماداً على أحدث القطارات والتقنيات والحلول التكنولوجية في هذا المجال، من خلال إقامة منظومة سكك حديدية متكاملة بطول 660 كم تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط.
واوضح إنّ هذه الرؤية الجريئة، إلى جانب رغبة الدولة في تحقيق مجموعة من الأهداف والتحديات الصعبة طويلة الأجل، أصبحت سمة مميزة لمصر، وننظر إليها بكل اعجاب في سيمنس. فمنذ سنوات قليلة مضت، لم يكن من الممكن الاعتماد على إمدادات الطاقة المتاحة في مصر، كما كان الانقطاع المتكرر والمستمر للطاقة الكهربائية يتسبب في آثار اقتصادية واجتماعية سلبية على البلاد. ولكن تمكنت سيمنس بالتعاون مع شركائها المحليين، من إضافة 14.4 جيجاوات من قدرات توليد الطاقة الكهربائية للشبكة القومية في مصر خلال زمن قياسي لم يتجاوز 27.5 شهرًا.
واشار الى إنّ مصر أمة صاعدة بثبات وسرعة قياسية، ولهذا فإنّ شبكة السكك الحديدية الكهربائية السريعة بطول 1800 كم، ستعمل على تحويل مصر لمركز إقليمي محوري للنقل، كما يمهد لمرحلة جديدة في مسيرة البلاد التي تُعد من أوائل دول العالم التي أنشأت شبكة للسكك الحديدية قبل نحو 170 عامًا.
واوضح ان منظومة السكك الحديدية الجديدة تعد نتاج هذا التراث العريق. فالبنية التحتية لقطاع الطاقة في مصر أثبتت قدرتها على تحفيز النمو والتقدم الاقتصادي، كما ستمثل الشبكة الجديدة للسكك الحديدية الكهربائية السريعة إضافة هامة لمساهمات سيمنس في دعم خطط التنمية المستدامة في البلاد.
وبالإشارة لتلك النقطة تحديدًا، سيعمل التحالف الذي تقوده سيمنس موبيليتى مع شركائنا أوراسكوم للإنشاءات والمقاولون العرب على توفير أكثر من 15000 فرصة عمل مباشرة بالإضافة إلى 3800 فرصة عمل إضافية لدى الموردين المصريين الذين سيشاركون في المشروع، هذا بالإضافة للعديد من فرص العمل غير المباشرة على نطاق الاقتصاد القومي بشكل عام، كما يساهم المشروع أيضًا في التدريب الفني والتقني بالسوق المحلي بالإضافة لتنظيم عدد من البرامج التأهيلية لتنمية وصقل المهارات اللازمة لاستكمال المشروع.
ومن المنتظر أن تقدم الشبكة الجديد باقة من المزايا الهامة للركاب، حيث تتيح وسيلة سفر أسرع وأكثر أمانًا وراحة من أي وقت مضى. فمن المتوقع أن يستخدم الخط الأول، والذي يربط العين السخنة على البحر الأحمر بمدينتي الإسكندرية ومرسى مطروح على البحر المتوسط، أكثر من 30 مليون راكب كل عام. وفي إطار المشروع، ستقوم سيمنس لنظم النقل بتوريد قطارات ڤيلارو (Velaro)، وهي قطارات كهربائية سريعة، وقطارات ديزيرو (Desiro)، وهي قطارات كهربائية إقليمية عالية السعة، بالإضافة للجرارات الكهربائية ڤيكترون (Vectron) لشحن البضائع إلى جانب أحدث نظم التحكم الالكتروني في الإشارات والاتصالات ومعدات الورش والمستودعات وامدادات الطاقة الكهربائية ونظم السلامة والأمن، بهدف تقديم أفضل تجربة ممكنة للركاب على مدار الرحلة.
من ناحية أخرى، سيتقلص وقت السفر بين المدن الواقعة على هذا الخط بنسبة تصل إلى 50%، وهو ما سيعمل على تحسين إنتاجية القوى العاملة وتقليل معدلات الاختناق المروري على الطرق المؤدية للمجتمعات العمرانية الجديدة تحت الانشاء والموجودة على هذه الشبكة. في الوقت نفسه، سيرتفع معدل الشحن البري للبضائع بنسبة 15% مما يقلل استخدامات الطاقة ومعدلات تلوث الهواء عن طريق خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 70% مقارنة باستخدام السيارات والحافلات التقليدية على الطرق البرية.
واوضح طارق حسن على ان الأثر البيئي للمشروع هو أمر في غاية الأهمية لشركة سيمنس موبيليتي وشركائها ووزارة النقل والهيئة القومية للأنفاق. إننا نلتزم بدعم أهداف التنمية المستدامة التي تتضمنها رؤية مصر 2030، والتي تستهدف تحويل مصر لمركز إقليمي متطور مع التركيز بصورة استراتيجية على العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ويلاحظ أنّ قطاع النقل من القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، ولكن -من ناحية أخرى- تمثل منظومة السكك الحديدية أقل وسائل النقل التي ينتج عنها انبعاثات كربونية، إذ أنها مسئولة عن 0.5% فقط من غازات الاحتباس الحراري الناتجة من وسائل النقل، مقارنة بـ 14% ناتجة من الطيران المدني، و72% من وسائل النقل البري. ولذلك هناك إجماع بين خبراء النقل بأن السكك الحديدية هي وسيلة النقل الوحيدة التي يمكننا من خلالها تلبية الطلب المتزايد على وسائل وخدمات النقل مع تحقيق أهداف المناخ والبيئة في الوقت نفسه.
وهذا الأسبوع، يجتمع خبراء وصنّاع القرار والمتخصصين في قطاع النقل والمواصلات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في المعرض والمؤتمر الدولي للنقل واللوجستيات TransMEA 2021، حيث سيكون مشروع شبكة السكك الحديدية الكهربائية السريعة المتكاملة أحد المحاور الأساسية لمناقشات هذا المؤتمر. وعلى الرغم من حجم هذا المشروع العملاق، إلا أنه يمثل جزءًا فقط من النهضة الاقتصادية الهائلة التي تشهدها مصر حالياً والتي تتم بمعدلات انجاز غير مسبوقة. لذا يشرفني بكل تواضع أن أقود فريق عمل سيمنس موبيليتي في مصر، وأن نساهم معاً في نمو هذه الأمة الصاعدة.