دراسة اقتصادية للدكتور احمد شوقى : بعد مرور 5 سنوات على تحرير سعر الصرف.. إنعكاسات إيجابية على الإقتصاد وصمود أمام تداعيات كورونا

في يوم 4 نوفمبر، 2021 | بتوقيت 2:49 م

كتبت: شيرين محمد

أكدت دراسة إقتصادية حديثة حول نتائج تحرير سعر الصرف على الأداء الاقتصادي بعد مرور نحو 5 سنوات على القرار الذي تم اتخاذه في الثالث من نوفمبر من العام 2016، إنعكاسات إيجابية عديدة على الاقتصاد، ومساهمة كبيرة في نجاح برنامج الاصلاح الإقتصادي وتفوق اقتصاد مصر على العديد من الاقتصادات خاصة الناشئة، كما أكدت على الدور المهم للقرار وتبعاته في صمود الاقتصاد المصري أمام تداعيات جائحة كورونا التي ضربت العالم منذ مطلع العام الماضي 2020.
ورصدت الدراسة التي أعدها الدكتور احمد شوقى سليمان الخبير المصرفى و عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وعضو هيئة تدريس بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الولايات المتحدة الامريكية فرع السنغال العديد من النتائج الاقتصادية لقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصرى في نوفمبر 2016 مقارنة بتبعات القرار ذاته في 28 يناير 2003 ، من حيث إحتواء معدلات التضخم وتحسن معدلات الربحية الحقيقية وتحسن أداء الجنية المصري في الأعوام التالية والتي ترجع الي تحسن أداء السياسات النقدية والمالية ونجاح إتمام المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بالتعاون مع المؤسسات الدولية.
وذكرت الدراسة التي ، أن مراحل تحرير سعر الصرف في مصر بدأت منذ عام 1989 بشكل جزئي تلتها مرحلة تعويم كامل في يناير 2003 وكان في هذه الفترة سعرين للدولار السعر الرسمي في البنوك وسعر أخر في السوق الموازي.
وأوضحت أنه جاءت بعد مرحلة تحرير سعر الصرف الحقيقية في الثالث من نوفمبر 2016 والتي كان لها دور رئيسي في القضاء على السوق الموازي (السوق السوداء) بشكل نهائي على الرغم من ان قرار التعويم في 2016 قابلة العديد من الانتقادات والأراء المختلفة عن التوقيت الذي تم اتخاذ القرار به.
ونوهت الدراسة إلى أنه عندما تم تحرير سعر صرف الجنية المصري في 27 يناير 2003 كان سعر الدولار الأمريكي 3.70 جنيه وبعد القرار ارتفع سعر الدولار ليصل الي 5.35 جنية أي بزيادة قدرها 1.65 جنيه مصري أي ارتفع قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 44.6% وخلال الشهور التالية ارتفع سعر الدولار الأمريكي في البنوك (السوق الرسمية) ليصل الي 5.861 في عام 2003، ثم ارتفع مرة أخرى ليصل إلى 6.194 جنيه في عام 2004. ولكن في السوق الموازي (السوق السوداء) تجاوز سعر الدولار 7 جنيهات مصري في عام 2003 وظل الدولار في سلسلة متتالية من الارتفاعات ليصل في البنوك في عام 2014 الي 7.14 جنيه وبنهاية 2015 اغلق عند 7.80 جنية مصري ليصل عند 8.85 جنيه للشراء و8.88 جنيه للبيع في 2 نوفمبر 2016.
وبالنسبة لقرار 3 نوفمبر 2016، أوضحت الدراسة أن سعر الدولار قد إرتفع ليصل الي 13.52 جنيه مصري للشراء و14.27 جنيه للبيع أي ارتفع سعر الدولار بقيمة 4.67 جنيه وبنسبة 52.7% ثم إرتفع إلى 19 جنيها في السوق الرسمية ليغلق خلال العام 2016 عند سعر 18.06 للشراء، ويغلق بعد عام من التعويم في نوفمبر 2017 عند سعر 17.60 جنيه للشراء وفي العام الثاني (نوفمبر 2018) من التعويم بلغ سعر الدولار الأمريكي 17.86 جنيه مصري، ثم هبط سعر الدولار حاليا إلى 15.70 جنيه كمتوسط سعري.
وبمقارنة الوضع ما بين قراري التعويم يتلاحظ ان أداء الجنيه أمام الدولار في عام 2003 كان منخفضاً حيث شهد ارتفع الدولار الأمريكي امام الجنية خلال عامي التعويم الأول والثاني 2004 ليصل سعر الدولار6.19 جنيه خلال سلسلة من الارتفاعات المتتالية، واستمرار وجود السوق السوداء وتداول الدولار بسعر مرتفع عن سعر البنك، بعكس الوضع بعد قرار 2016 حيث نجح في القضاء على السوق الموازي أو السوداء لتداول الدولار الأمريكي بشكل نهائي نتيجة الإجراءات الرقابية الصارمة التي فرضها البنك المركزي على شركات الصرافة الخاصة وبدء انتشار شركات الصرافة التابعة للبنوك.
وأشارت الدراسة إلى أ،ه بالنسبة لمعدل التضخم فقد ارتفع بنسب عالية جداً حيث ارتفع من 2.9% عام 2003 ليقفز الي 17.3% في العام التالي أي بزيادة قدرها 14.4% وبنسبة زيادة 476% أي تجاوزت الأربع اضعاف، وبمقارنتها بأسعار الفائدة السارية متوسط أسعار الفائدة كانت مستقرة عند 10% منذ عام 2002 (10.5% للإقراض و9.5% للإيداع) حتي يونيو 2006. وبالتالي فان معدل الربحية الحقيقي لأي مستثمر كان سالباً بنسبة 7.3%.
ونوهت الدراسة التى اعدها الدكتور احمد شوقى إلى أنه بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 ارتفع معدل التضخم من 13.56% في أكتوبر الي 19.42% في نوفمبر ليقفز الي اعلى نقطة 32.95% في يوليو 2017 أي بزيادة قدرها 19.39% وبنسبة زيادة قدرها 1.43% ثم عاود معدل التضخم في الانخفاض مرة اخري ليصل بنهاية العام الأول من التعويم ليصل الي 25.97% في نوفمبر 2017.
وبمقارنتها بمتوسط أسعار الفائدة فقد ارتفعت يوم قرار تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016 بنسبة 3% ليصل متوسط سعر الفائدة 15.25% أي كان معدل الربحية الحقيقي كان سالباً ايضاَ ولكن بنسبة اقل سالب 4.17% وتلاه سلسلة من الارتفاعات ليصل الي اعلى نقطة عند 19.25% يوليو 2017 وكان معدل الربحية الحقيقي سالباً ايضاً وبحوالي 13% في ذلك الوقت ثم عاود في الانخفاض في فبراير 2018 ليصل الي 18.25% واصبح معدل الربحية الحقيقي موجباً في ذلك الوقت بحوالي 4% مقارنة بمعدل التضخم في نفس الوقت 14.39%.
وخلصت الدراسة إلى أن تبعات قرار تحرير سعر الصرف في في 2016 كانت أفضل مما كانت عليه من قرار 2003 من حيث احتواء معدلات التضخم وتحسن معدلات الربحية الحقيقية وتحسن أداء الجنيه المصري في الأعوام التالية والتي ترجع الي تحسن أداء السياسات النقدية والمالية ونجاح إتمام المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بالتعاون مع المؤسسات الدولية.
وذكرت أنه بتحليل العوامل المؤثرة على أداء الجنيه المصري أمام العملات الأخرى خاصة الدولار الأمريكي يتلاحظ ان هناك مجموعة متنوعة من العوامل المساهمة في تحسن أداء الجنية المصري امام الدولار الأمريكي ابرزها إرتفاع رصيد الاحتياطي الدولي من النقد الاجنبي يعد أحد أهم العوامل البارزة في تحسين أداء الجنيه المصري حيث بلغ رصيد الاحتياطي 17,56 مليار دولار امريكي في يونيو 2016 ليصل ليصل الي 44.48 مليار دولار في يونيو 2019، قبل أن ينخفض بسبب تداعيات كورونا إلى 36 مليار جنيه ثم تعافى حاليا ليسجل 40.82 مليار دولار امريكي بنهاية سبتمبر 2021.
ونوهت الدراسة إلى أن نجاح تنفيذ المرحلة الاولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري والذي أشادت به العديد من المؤسسات الدولية وعلى راسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولى،بالإضافة إلى إرتفاع تحويلات المصريين بالخارج من 21.8 مليار دولار في العام المالي 2016/2017 إلى 31.42 مليار دولار بالعام المالي 2020/2021 وهو ما يعكس ثقة العاملين بالخارج في الاقتصاد المصري.
وأشارت إلى أنه من أهم العوامل التي ساعدت على قوة أداء الجنيه المصري زيادة حجم إيرادات قناة السويس إلى 5.9 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2020/2021 مقارنة 4.49 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2016/2017، كما أن الإجراءات الاحترازية التي قام بها البنك المركزي المصري منذ مارس 2020 لاحتواء التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا والتي كان لها دور في دعم الاقتصاد المصري للعبور من أزمة فيروس كورونا.
وارتفعت حصيلة الصادرات المصرية خلال الأعوام الماضية لتصل الي 28.67 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2020/2021، مقابل 18.70 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2015/2016. والذي دعمه التوجهات الرئاسية لدعم جودة المنتجات المصرية لدعم الصادرات ومبادرة زيادة حجم الصادرة المصرية 100 مليار دولار، فضلا عن استمرارية جذب مصر للاستثمارات المصرية لكونها الواجهة الرئيسية لأفريقيا حيث كما حيث بلغ حجم الاستثمارات المباشرة 5.21 مليار دولار امريكي في العام المالي 2020/2021 .
ولفتت الدراسة إلى تحسن التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني واستمرارية ثباته خلال الأعوام الماضية عند B+ مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وحول مدى مساهمة قرار تحرير سعر الصرف في دعم الاقتصاد المصري خلال الخمس سنوات الماضية ،أكدت الدراسة إلى أن المساهمة الحقيقية في القضاء على عمليات المتاجرة في العملات الأجنبية خارج القطاع المصرفي بالسوق الموازي، وكبح جماح الاثار السلبية للسوق السوداء التي اثرت بشكل ملموس في كافة القطاعات الاقتصادية، وزيادة حجم الودائع بالجنية المصري في البنوك المصرية لتصل الي 5.75 ترليون جنيه في يونيو 2021 مقارنة مع 2.12 تريليون جنيه في يونيو 2016 .
وأوضحت الدراسة أن مستويات السيولة المحلية في السوق المصري إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 87.21% بنهاية يونيو 2021 مقارنة 77.30% في يونيو 2016.، ونما حجم ودائع القطاع العائلي لاجمالي الودائع لتصل الي 88.3% بنهاية يونيو 2021 مقارنة 75.7% بنهاية يونيو 2016، وهو ما يعكس جاذبية معدلات العائد للقطاع العائلي للاستثمار بالبنوك.
ونوهت بأن جهود البنك المركزي ساهمت في احتواء معدلات التضخم بعد أن وصلت لأعلى نقطة 31.59% في سبتمبر 2019 لتصل لأدنى مستوياتها مسجلة 3.69% بنهاية سبتمبر 2020، وعلى الرغم من الموجه التضخمية العالمية التي يمر بها العالم الان مازال التضخم ضمن الحدود المستهدفة من البنك المركزي المصري 6.6% في سبتمبر 2021، بإنخفاض يمثل حوالي 4.7 ضعف مقارنة بأعلى مستوى للتضخم.
وذكرت الدراسة أن الإستثمار في الجنيه المصري حقق معدلات ربحية قوية للمستثمرين الأجانب مقارنة بالعملات الأخرى ، كما تحسن أداء الاقتصاد المصري وحقق معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي ليسجل نموا بنسبة 3.3% خلال العام المالي 2020/2021مقابل 3.6% خلال العام المالي 2019/2020 مقابل بنحو 5.6% نمو محقق خلال العام المالي 2018/2019 ويرجع الانخفاض في معدل النمو نتيجة للتاثر بتداعيات ازمة كورونا، حيث حققت مصر ثاني افضل معدل نمو على مستوى العالم خلال ازمة فيروس كورونا، مع توقع لارتفاع معدل النمو إلى 5.4% خلال العام المالي الجاري، بدعم النمو الكبير المتوقع في مؤشرات أداء الربعين الأول والثاني.
وأكدت الدراسة أن قرار تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر 2016 ضمن إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي وما تلاه من إجراءات وتدابير احترازية ساهم في صمود الإقتصاد المصري أمام تداعيات أزمة فيروس كورونا ، وتوقعت في ضوء معدلات النمو المحققة والمتوقعة لنمو الاقتصاد المصري والمبادرات الرئاسية لتحريك قطاعات الاقتصاد المصري كذا مبادرات البنك المركزي المصري واشادة المؤسسات الدولية بأداء الجنية المصري واخرها مؤسسة فيتش Fitch Solutions وتحقيق الجنية المصري ثاني أفضل أداء للعملات بالدول الناشئة أمام الدولار الأمريكي وبنسبة 4.9%، وان يكون هناك استقرار في أداء الجنية المصري خلال العام الحالي، مع احتمالية انخفاض طفيف في أداء الجنية المصري ظل الموجه التضخمية العالمية التي يمر بها العالم.