رئيس شركة اسمنت اسيوط : كورونا وتعليق تصاريح البناء عمقت من ازمة الصناعة

قرار جهاز حماية المنافسة خطوة هامة نحو استعادة التوازن

التعافي من الخسائر مرهون بخفض أسعار مدخلات الانتاج او رفع الأسعار

في يوم 26 أكتوبر، 2021 | بتوقيت 2:57 م

كتب: العالم اليوم

بعد موافقة جهازحماية المنافسة على خفض الطاقات الانتاجية … ما الذى يمكن ان ينقذ صناعة الاسمنت؟

إحتلت صناعة الاسمنت عناوين الاخبار فى السنوات الاخيرة ، واصبح الوضع معقد بالنسبة لصناعة استراتيجية للغاية ، تساهم بحوالى 10% من الناتج المحلي الاجمالى للاقتصاد المصري.

ولقد شهدنا في الفترة الأخيرة خروج من السوق مثل اسمنت طرة والقومية للاسمنت، بينما قلصت شركات اخرى تكلفتها بعدة طرق لمجرد الابقاء على استثماراتها، وفى وقت لاحق من شهر يوليو لهذا العام وافق جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ،على طلب 23 شركة لوضع حد اقصي للانتاج.

فهل سيؤدى ذلك اخيرا الى انهاء مشاكل صناعة الاسمنت، وهل سنري نهاية لنزيف خسائر منتجى الاسمنت.

حدثنا كارلوس جوانزالز الرئيس التنفيذى لشركة اسمنت اسيوط واحد اكبر منتجى الاسمنت.

** ما هو برأيك السبب الرئيسي وراء هذا الوضع الصعب لصناعة الاسمنت؟

ان وضع صناعة الاسمنت ليست نتيجة لمتغير واحد بل لسلسلة من التحديات المتتالية التى اثرت بشكل كبير على الصناعة بدءا من عام 2017 ،حيث ارتفعت اسعار الطاقة للنشاط الصناعى بشكل كبير وكان لذلك تاثيرا كبيرا على صناعة الاسمنت لان 70% من تكلفة انتاجه هى الطاقة.

وفى عام 2018 دخلت طاقات انتاجية جديدة الى السوق مما ادى لزيادة كبيرة فى العرض ،وارتفع الانتاج الى 85 مليون طن مقابل حجم استهلاك يقدر ب48 مليون طن، حاول آنذاك المنتجون اعتماد استراتيجيات مختلفة، تسمح لهم بالابقاء على اعمالهم لحين انتهاء الازمة،  لكن للاسف جاءت فى الوقت ذاته جائحة كورونا التي اثرت على الاقتصاد باكمله ،اضافة الى ماتم تغيرات في قوانين البناء حيث تم تعليق تصاريح البناء للوحدات السكنية فى بعض المحافظات لمدة 6 اشهر.

وبالتوازي مع ذلك انخفضت اسعار الاسمنت بشكل كبير، لدرجة ان اسعار الاسمنت فى 2020 كانت اقل من عام 2016 بنسبة 100% ، ينما ارتفعت معدلات التضخم فى نفس الفترة بنسبة 70%.

وأدى ذلك الى تأزم وضع الصناعة بشكل لا يمكن للشركات وحدها حله،ولكونها صناعة استراتيجية، قامت الدولة بالتدخل من خلال آلية لتقليل انتاج الشركات المصنعة وفقا لمجموعة من المعايير التى اخذت فى الاعتبار طلب السوق وعمر وحجم كل شركة مما اعطى بصيص امل لصناعة الاسمنتت التى كانت تحتضر.

**شهدنا تفسيرات مختلفة لقرارجهازحماية المنافسة، والخاص بالموافقة على خفض الطاقات الانتاجية ليرى البعض أنها خظوة طال انتظارها لانقاذ الصناعة، فيما يرى آخرون أن القرار يعارض النهج ويرى ان الزيادات الحالية للاسمنت غير مبررة فكيف ترى شركتكم هذه الرؤية كشركة مصنعة للاسمنت؟

بعد قرار جهاز حماية المنافسة خطوة هامة نحو استعادة توازن الصناعة شريطة ان تستجيب ديناميكيات السوق للفجوة بين الطلب والعرض، من اجل الوصول الى سعر عادل يسمح للمنتجين بالاستمرار فى ممارسة اعمالهم لذلك ساهمت الحكومة فى دعم الصناعة كثيرا ،من خلال توفير البيئة اللازمة لصناعة الاسمنت للنهوض مرة اخري.

ولسوء الحظ مع بدء تفعيل قرار جهاز حماية المنافسة لتحقيق التوازن فى السوق ،تسببت ازمة سلسلة التوريد العالمية فى احداث فوضى فى اسعار مدخلات الانتاج مما يجعل من المستحيل تحقيق اى هامش دون تمرير جزء من التكلفة الى المستهلك، وعلى سبيل المثال شهدت الاشهر القليلة الماضية ارتفاع اسعار الفحم الاحفورى الى 175 دولارا فى اكتوبر 2021 ،وارتفعت اسعار الفحم من 65 دولارا الى 233 دولارا.

كل هذا اضاف أعباء اضافية على تكلفة الاسمنت، وهو الأمر الذي لن يمكن الصناعة من التعافي من خسائرها المتتالية، ما لم تتراجع اسعار مدخلات الانتاج او ترتفع اسعار الاسمنت لاستيعاب الزيادات فى تكلفة الانتاج واعطاء المنتجين مساحة لدعم اعمالهم ،علاوة على ذلك اذا اخذنا فى الاعتبار الزيادة فى اسعار الاسمنت عام 2021 فسنجد ان الاسمنت هو المنتج الذى حقق اقل زيادة فى آخر خمس سنوات، مقارنة بمواد البناء الاخري لنفس الفترة ،واذا قارنا سعر الاسمنت منذ عام 2016 وحتى هذا العام ، فقد ارتفع السعر بنسبة 13% بعد انخفاضه بنسبة 100%من عام 2016 الى عام 2020.

بينما زاد الحديد على سبيل المثال بنسبة 47% والطوب بنسبة 297% ، مما يثبت مرة اخرى ان الاسمنت هو مادة البناء التى سجلت اقل ارتفاع فى الاسعار خلال الخمس سنوات الماضية،

واعتقد ان ما نشهده الان على جانب تكلفة الانتاج خارج عن سيطرة صناعة الاسمنت ، حيث يحاول كل منتج وضع سعر يسمح له بالبقاء مع تقليل التأثيرعلى العميل ،واتوقع ان تواصل الاسعار الارتفاع لفترة من الوقت لحين الوصول الى علاقة بين التكلفة والسعر تسمح للمنتجين بتحقيق هامش ربح .

وطالب البعض بإرجاء قرار جهاز حماية المنافسة بخفض الطاقات الانتاجية ،مطالبين بالعدول عنه، إلى أن تنخفض الاسعار… والحقيقة ان هذا القرار انقذ العديد من شركات الاسمنت من شح الافلاس،  حيث ان كل طن يتم بيعه باسعار منخفضة ما هو الا اضافة الى الخسائر التى تتكبدها بسبب زيادة اسعار المواد الخام التى تم توضيحها من قبل وهذا وضع غير مستدام.