صندوق النقد العربي يقدر معدل النمو للعام الجاري 2.5%

في يوم 10 فبراير، 2020 | بتوقيت 11:28 ص

: العالم اليوم

قال الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي إن الاقتصاد العالمي يشهد بوادر ضعف خلال عام 2019، تأثراً بأجواء عدم اليقين الناتج عن تصاعد التوترات التجارية بين الاقتصادات المتقدمة والمخاوف بشان تداعيات الارتفاع الكبير في مستويات المديونيات العامة، الأمر الذي ينعكس على أنشطة التجارة والاستثمار والتصنيع في الاقتصادات المتقدمة والدول النامية على السواء.

وجاء ذلك خلال انعقاد مؤتمر الاجتماع السنوي للدورة الثالثة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء و طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري ومحافظي البنوك المركزية العربية وعدد من الوزراء

وأشار إلى أن تقديرات صندوق النقد العربي تشير الى ان الدول العربية ستحقق، معدل نمو يبلغ 2.5% في عام 2019، مقابل معدل بلغ نحو 2.2% عام 2018

وأشار إلى أن هذه التقديرات سترتفع إلى إلى حوالي 3% خلال العام القادم 2020، إنعكاساً للتعافي النسبي المتوقع للاقتصاد العالمي، وتواصل الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وإصلاحات السياسات الاقتصادية الكلية، والإصلاحات الهيكلية لحفز النشاط الاقتصادي وتنويع القاعدة الانتاجية والتصديرية

وأكد على أن الدول العربية تحتاج إلى رفع معدلات النمو إلى مستويات تتجاوز 5% لتحقيق خفض ملموس في معدلات البطالة، ذلك وكما تعلمون أن مستوى البطالة المُتصاعد يُعد من أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه دولنا العربية، إذ بلغ معدل البطالة في الدول العربية 10% في عام 2018، أي ضعف المعدل العالمي البالغ 5%

وأشار عبدالرحمن إلى أن بطالة الشباب العربي تبلغ نسبتها 30% وترتفع إلى 38 % بين الإناث الشابات، وتعتبر الأعلى على مستوى العالم مما يستدعي مواصلة تبني إصلاحات إقتصادية وتركيز توجه السياسات نحو متابعة جهود تنويع الهياكل الاقتصادية، والتحول نحو اقتصادات المعرفة واستخدامات تطبيقات التقنيات الحديثة فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات أن الدول العربية يمكن أن تحقق مكاسب بنحو 320 مليار دولار بحلول 2030 من تطبيقات الذكاء الاصطناعي

وأشار إلى ضرورة تبني إصلاحات هيكلية ومؤسسية تهدف إلى تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية للدول العربية إذ وبينما تمكنت بعض الدول العربية خلال السنوات الماضية من تحسين بيئة الأعمال، وتشجيع دور القطاع الخاص في خلق القيمة المضافة وفرص العمل، لا تزال هناك حاجة إلى اعتماد سياسات تستهدف ضمان وجود بيئة أكثر ملائمة وتشجيعاً للقطاع الخاص، تركز على زيادة مستويات مرونة أسواق العمل والمنتجات من أجل تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية، ودعم وتشجيع فرص الشراكات بين القطاعين العام والخاص

وأكد علي أهمية مواصلة وتعميق جهود دعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحديداً على صعيد الوصول للتمويل والخدمات المالية، حيث أنه بالرغم من تخصيص موارد مالية لتلك المشروعات تبلغ أحياناً مستويات كبيرة نسبياً، تبقى هذه المشروعات غير قادرة على الوصول لتلك الموارد والاستفادة منها

وأشار إلى أن الفجوة التمويلية للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية تقدر بنحو 7.3 مرة من حجم التمويل المقدم لهذه المشروعات، مقابل فجوة تمويلية تقدر بنحو 1.5 مرة من حجم التمويل المقدم لهذه المشروعات على مستوى العالم

كذلك عملت من جانب آخر، المصارف المركزية العربية على تبني كافة الجهود الكفيلة بالتطبيق الناجح لمتطلبات السيولة الكمية والنوعية، حيث تم البدء في تنفيذ نسبة تغطية السيولة وفق الإطار الزمني المتدرج المعتمد من قبل بازل في عدد من الدول العربية، وذلك على الرغم من وجود بعض التحديات في هذا الشأن وتصل نسبة الأصول السائلة إلى أجمالي الأصول إلى 27.8 في المائة مع نهاية عام 2018، وفقاً لبيانات تقرير الاستقرار المالي لعام 2019

في هذا السياق، سعت المصارف المركزية العربية إلى تقديم الدعم للقطاع المصرفي للتغلب على هذه التحديات من خلال مواصلة العمل على تطوير أسواق المال وتوفير أدوات السيولة التي تُمكن المصارف من الوفاء بهذه النسب وتذليل الصعوبات الفنية التي تواجه المصارف من خلال الدور الرقابي على هذه المصارف بما يساعدها على الوفاء بمتطلبات السيولة

كذلك اسمحوا لي في هذه المناسبة، أن أشيد بما قامت به المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية من جهود وأنشطة وفعاليات خلال اليوم العربي للشمول المالي في أبريل الماضي الذي عقد تحت مسمى “الشمول المالي نحو التنمية المستدامة”، ساهمت بلا شك في زيادة التوعية والتعريف بقضايا الشمول المالي في المنطقة العربية.

كما أبرزت الدور القيادي الذي تقوم به المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في هذا الشأن لقد عززت فعاليات اليوم العربي للشمول المالي، من فرص التواصل والتنسيق مع مختلف الاطراف والجهات المعنية بالشمول المالي، من مؤسسات مالية ومصرفية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل إعلام، في إطار جهود وحراك جماعي عربي مشترك لزيادة التوعية بالشمول المالي في المنطقة العربية

نحن نتطلع للتعاون مع الجميع في التحضير لفعاليات العام القادم 2020، بما يبرز ما تقوم به دولنا العربية من سياسات وجهود في هذا المجال

لا يفوتني في هذه المناسبة، أن أشير إلى مشروع إنشاء المؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية، حيث يكثف صندوق النقد العربي جهوده نحو إنشاء المؤسسة ومباشرتها لخدماتها، بفضل دعم أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية من شأن إنشاء هذه المؤسسة أن تساهم كما تعلمون في تشجيع وتنمية الأنشطة والتحويلات والمبادلات التجارية والاستثمارية البينية العربية، والعمل في الوقت نفسه على تشجيع وإتاحة الفرصة لاستخدام العملات العربية القابلة للتداول في مقاصة وتسوية المعاملات العربية كما يقدر أن تساهم هذه المؤسسة، في تعزيز فرص الربط مع الشركاء التجاريين الرئيسين للدول العربية، بما يعزز من فرص تقوية العلاقات التجارية والاستثمارية مع هؤلاء الشركاء بصورة خاصة والاقتصاد العالمي بصورة عامة

أود أن أجدد التأكيد هنا، إننا وإذ نعمل على استكمال خطوات إنشاء الكيان التنظيمي لهذه المؤسسة وصولاً لمباشرة تقديم الخدمات في أقرب وقت ممكن، فإننا نحرص على الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة وما تتيحه من فرص لتقديم منتجات مبتكرة ذات قيمة مضافة للبنوك والاقتصادات العربية، كما نعمل على ترسيخ حوكمة سليمة ومراعاة الامتثال الكامل لكافة المعايير والمبادئ الدولية ذات العلاقة

وأشار عبدالرحمن الي ان معدل نمو الاقتصاد العالمي يقدر بنسبة 3% وفقاً لتقديرات بعض المؤسسات الدولية كما يقدر أن ينخفض معدل نمو الاقتصادات المتقدمة إلى نحو 1.9% ومعدل نمو الاقتصادات الناشئة والدول النامية إلى نحو 4.1 % عن العام الجاري 2019

وأضاف أن تباطؤ النمو العالمي ساهم في إضعاف نمو حجم التجارة الدولية، المقدر أن يصل إلى مستويات هي الأدنى له منذ الأزمة المالية العالمية، يجسد بدوره تراجع معدل نمو حجم الواردات الصينية المقدر إلى حوالي 3.2 ٪؜ في عام 2019، أي أقل من نصف ما كان عليه هذا المعدل خلال العامين الماضيين 2017 و2018، حيث بلغ كمتوسط حوالي ٪؜7.5

وكما تعلمون سينعكس تباطؤ الطلب الكلي في الصين، على النمو العالمي والتجارة الدولية وأسواق المال في ظل ما يمثله حجم الاقتصاد الصيني وارتباطه باقتصادات مختلف دول العالم، حيث يقدر أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع علاوة مخاطر الاستثمار وتقلبات أسواق المال

لا يخفى في هذا السياق، أن الاقتصاد العالمي يواجه مجموعة من المخاطر القائمة والناتجة كما سبقت الإشارة عن تفاقم التوترات التجارية وتأثيراتها المحتملة على نمو النشاط الاقتصادي العالمي، والتجارة الدولية وانعكاسات ذلك على موازنات الأسر والشركات لاسيما في ظل الارتفاع غير المسبوق لمستويات المديونية، وهو ما قد ينتج عنه تقلبات ملموسة في أسعار الأصول وتحركات رؤوس الأموال وبالتالي هزات محتملة في الأسواق المالية هذا وبخلاف الوضع قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، ليس هناك الكثير من الآليات وحزم الإنقاذ التي يُمكن أن يعّول عليها للتقليل من الأثر المحتمل لأية أزمات مقبلة نظراً لانخفاض أسعار الفائدة الأساسية في الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات تقارب الصفر من جهة، وتراجع الحيز المالي في العديد من الدول من جهة اخرى

لاشك أن الحلول تتمثل في متابعة جهود التنسيق لحل النزاعات التجارية، والعودة إلى مظلة النظام التجاري متعدد الأطراف، وما يتضمنه من آليات لتحرير التجارة الدولية تراعي مصالح كافة الدول كما يتطلب الأمر، العمل على تدعيم حيز السياسات بمواصلة تبني سياسات نقدية ومالية منضبطة وداعمة للنمو لتعزيز قدرة دول العالم على مواجهة أية صدمات محتملة كذلك يبرز أهمية تنفيذ إصلاحات هيكلية لدعم الانتاجية والتنافسية وزيادة كفاءة أسواق العمل والمنتجات وتشجيع الابتكار

مما لا شك فيه أن هذه التطورات سيكون لها انعكاسات مهمة على الاقتصادات العربية خلال الفترة المقبلة فمن جهة، من المتوقع أن ينعكس تراجع نمو حجم التجارة الدولية على مستويات الطلب الخارجي الذي يسهم بنحو 43 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية كمجموعة، لاسيما فيما يتعلق بالأثر المتوقع لتباطؤ اقتصادات مجموعتي الدول الآسيوية والاتحاد الأوروبي اللتان تستوعبان نحو 56 في المائة من الصادرات العربية الإجمالية

من جانب آخر، من شأن تباطؤ مستويات الطلب على النفط في ظل استمرار وفرة المعروض، أن يمارس ضغوطاً على الاسعار العالمية للنفط، وانعكاس ذلك على اقتصادات الدول العربية على مستوى الصادرات والإيرادات النفطية التي ورغم انخفاض أهميتها النسبية إلى نحو 36 في المائة ونحو 56 في المائة من إجمالي الصادرات والإيرادات على التوالي، مقارنة بمستوى يقارب 70 في المائة من إجمالي حصيلة الصادرات والإيرادات قبل انخفاض الأسعار العالمية للنفط بنهاية عام 2014، إلا أنها تظل أحد العوامل الأساسية المؤثرة على مستويات الإنفاق العام، والسيولة المصرفية، والائتمان الممنوح، والاستثمارات المُنفذة في الدول العربية المُصدرة للنفط

في المقابل، يمثل تراجع البنوك المركزية العالمية عن العودة إلى المسارات التقليدية للسياسة النقدية، تحت تأثير تباطؤ النشاط الاقتصادي، فرصة للاقتصادات العربية لتبني سياسات نقدية مواتية للنمو في الدول ذات نظم أسعار الصرف الثابت، وتخفيف الضغوط على عملات الدول العربية التي تتبنى نظم أسعار صرف مرنة

إضافة لما سبق، فإن الزيادة المتنامية في مستويات الدين العالمي الذي وصل حالياً إلى نحو 225 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، يعزز من هشاشة أوضاع الأسواق المالية وتتمثل خطورة تزايد المديونية العالمية في الوقت الراهن في الارتفاع غير المسبوق لمديونية القطاع العائلي وقطاع الشركات، وفي تراجع مستويات جودة الديون الخاصة وهو ما ينذر بتصاعد المخاطر المالية

بالنسبة لدولنا العربية، فإن تحدي تزايد معدلات المديونية على وجه الخصوص يعتبر من بين أبرز التحديات التي تواجه اقتصاداتنا العربية في ظل الارتفاع الذي شهدته معدلات الدين العام في الآونة الأخيرة، حيث وصل إجمالي الدين للدول العربية إلى نحو 126 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة

كما تخطت مؤشرات المديونية المحلية والخارجية المستويات القابلة للاستدامة في عدد من الدول العربية، وهو ما يبرز أهمية احتواء مسارات الدين العام وضمان تحركه في مستويات قابلة للاستدامة.