د. محمد راشد : التصور الشائع بأن خفض الفائدة سيؤدي تلقائيًا إلى موجة طلب جديدة على العقار لا يعكس الواقع الفعلي للسوق
في يوم 28 ديسمبر، 2025 | بتوقيت 5:46 م

كتبت: شيرين محمد
صرّح الدكتور محمد راشد – عضو غرفه صناعه التطوير العقاري بالاتحاد الأفرو اسيوي ، بأن التعامل مع قرارات خفض أسعار الفائدة باعتبارها حلًا سحريًا لإنعاش السوق العقاري يُعد قراءة مبسّطة لمعادلة شديدة التعقيد، خاصة في الحالة المصرية التي لا يمكن قياسها على التجارب العالمية بنفس الأدوات أو النتائج، في ظل تشابك العوامل النقدية والمالية وتراجع القوة الشرائية بصورة غير مسبوقة.
وأوضح راشد أن الاقتصاد المصري شهد خلال السنوات الماضية دورة متكررة بدأت بتراجع قيمة العملة، ثم التعويم، يتبعها تشديد نقدي ورفع حاد للفائدة، وهو ما دفع شريحة واسعة من المواطنين إلى اللجوء للدولار والعقار كأدوات تحوّط ضد تآكل المدخرات، مشيرًا إلى أن استمرار أسعار الفائدة عند مستويات تجاوزت 20 و25% لسنوات طويلة خلق سلوكًا استثماريًا غير تقليدي داخل السوق العقاري، حيث اعتمد عدد كبير من المشترين على العوائد المرتفعة للشهادات البنكية في سداد الأقساط، مستفيدين من انخفاض قيمة المقدمات مقارنة بالقيمة الاسمية للوحدات.
وأضاف راشد أن الخفض المتسارع للفائدة، بما يقارب 7.25% خلال سبعة أشهر فقط، يمثل نقطة تحول شديدة الحساسية، خاصة مع تراجع العائد على الشهادات من متوسط 23–25% إلى نحو 17% كأعلى عائد متاح حاليًا، مع احتمالات لمزيد من التخفيض، وهو ما لم يكن في حسابات الغالبية عند اتخاذ قرارات الشراء، مؤكدًا أن هذا التغير قد يضع عددًا كبيرًا من العملاء أمام معادلة مالية صعبة في ظل استمرار التضخم وغياب الزيادة الحقيقية في الدخول.
وأشار راشد إلى أن التصور الشائع بأن خفض الفائدة سيؤدي تلقائيًا إلى موجة طلب جديدة على العقار لا يعكس الواقع الفعلي للسوق، موضحًا أن جزءًا كبيرًا من الطلب المستقبلي قد تم استهلاكه بالفعل خلال فترات الفائدة المرتفعة بدافع التحوّط، وهو ما يقلل فرص حدوث طفرة جديدة في الطلب، بل يفتح الباب أمام سيناريو أكثر خطورة يتمثل في تعثر بعض المشترين أو إعادة وحداتهم إلى المطورين، وهو ما قد يفاقم حالة الركود بدلًا من معالجتها.
وفي سياق متصل، حذّر راشد من مخاطر التحول السريع نحو سياسة نقدية تيسيرية بعد سنوات من التشديد، لافتًا إلى أن خفض الفائدة بهذا الإيقاع، في ظل استمرار ضغوط تضخمية واضحة وركود حاد بالأسواق، يعكس تحديًا حقيقيًا لقدرة الاقتصاد على امتصاص هذه التحولات دون آثار جانبية، خاصة مع عدم التوازن بين مستويات الدخل والأسعار.
وأكد راشد علي أن دعم خفض الفائدة على المدى الطويل لا يعني تجاهل تداعياته قصيرة الأجل، موضحًا أن الفائدة المرتفعة تظل العدو الأكبر للاستهلاك والاستثمار، لكن تكلفة السنوات السابقة من التشديد النقدي لا يمكن محوها بقرارات سريعة، مشيرًا إلى أن أزمة الطلب الحالية في السوق العقاري لا ترتبط فقط بمستوى الفائدة، بل تتعلق بشكل أساسي بتآكل القدرة الشرائية نتيجة الانخفاض الحاد في قيمة العملة، إلى جانب مبالغة واضحة في التسعير وضعف التنظيم والرقابة.
واختتم راشد بالتأكيد على أن السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه اليوم لا يتعلق بتوقيت خفض الفائدة بقدر ما يتعلق بقدرة السوق على استيعاب تداعياته، متسائلًا عن حجم التأثير المحتمل في حال تعثر شريحة من المشترين في سداد التزاماتهم، في ظل عقود تفتقر للتوازن، وغياب آليات رقابية فاعلة، وسوق يعاني بالفعل من ركود غير مسبوق، ما يستدعي إعادة النظر في منظومة السوق العقاري بالكامل قبل التعويل على أي متغير نقدي كطوق نجاه .







