بندوة موسعة ..نائب المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية: “الاستدامة” جواز المرور لدخول الأسواق الأوروبية.. ومصر مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا لتصدير الأغذية المستدامة
في يوم 18 نوفمبر، 2025 | بتوقيت 7:37 ص

كتب: مني البديوي
أكد الدكتور تميم الضوي نائب المدير التنفيذي ومدير إدارة معلومات التصدير بالمجلس التصديري للصناعات الغذائية أن الاستدامة لم تعد مجرد مفهوم بيئي أو شعارًا تسويقيًا بل أصبحت عنصرًا حاسمًا في النفاذ إلى الأسواق الأوروبية و بناء الثقة مع سلاسل التوريد العالمية خاصة مع دخول حزمة التشريعات الأوروبية الجديدة حيز التنفيذ التدريجي خلال الفترة من 2024 إلى 2027.
وأوضح – بكلمته خلال مشاركته بندوة نظمها البنك الأوروبي بالتعاون مع بنك مصر تحت رعاية البنك المركزي – أن الاتحاد الأوروبي يمثل ثاني أكبر تكتل استيرادي للصناعات الغذائية المصرية بعد الدول العربية، حيث بلغت قيمة الصادرات الغذائية المصرية إلى الاتحاد الأوروبي عام 2024 نحو 1.16 مليار دولار من إجمالي صادرات القطاع البالغة 6.1 مليار دولار، أي ما يعادل 19% من إجمالي الصادرات الغذائية المصرية.
وأضاف أن تلك الصادرات سجلت نموًا قدره 32% مقارنة بعام 2023، وهو ما يعكس تصاعد الطلب الأوروبي على المنتجات المصرية ذات الجودة العالية والالتزام المتزايد بالمعايير البيئية والاجتماعية.
وأشار إلى أن 10 دول أوروبية فقط تستحوذ على 91% من إجمالي صادرات مصر الغذائية إلى الاتحاد الأوروبي تتصدرها هولندا (262 مليون دولار)، إسبانيا (177 مليون دولار)، إيطاليا (157 مليون دولار)، وألمانيا (132 مليون دولار)، تليها المملكة المتحدة وبولندا وفرنسا واليونان وبلجيكا والدنمارك، مما يعكس تركّز السوق المصري في المحاور الأوروبية الكبرى التي تمثل بوابات للتوزيع في كامل القارة.
واضاف ان 15 منتجًا فقط تمثل نحو 83% من إجمالي الصادرات المصرية إلى أوروبا بقيمة تقارب 964 مليون دولار، تتقدمها الفراولة المجمدة (166 مليون دولار)، العصائر (139 مليون دولار)، الزيتون والمخللات (136 مليون دولار)، إلى جانب الخضروات المجمدة، الأغذية الحيوانية، المعلبات النباتية، والطماطم المركزة.
وأكد أن هذه المنتجات تمتلك فرصا تصديرية واعدة بحلول عام 2030، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تدفع أوروبا للاعتماد المتزايد على الموردين الجنوبيين مثل مصر لتأمين احتياجاتها من الأغذية المصنعة والمنتجات الزراعية ذات القيمة المضافة.
واردف قائلا: “الاستدامة اليوم لم تعد ترفًا ولا نشاطًا مسؤولًا اجتماعيًا فقط بل أصبحت معيارًا اقتصاديًا حاكمًا في قرارات الشراء الأوروبية. كل سلسلة توريد غذائية في أوروبا – من Lidl إلى Carrefour وTesco وAldi – تشترط وجود نظام استدامة متكامل يشمل الكربون، والطاقة، والتعبئة، وسلامة الغذاء، والشفافية في سلسلة القيمة.”
واستعرض مجموعة القوانين الأوروبية الجديدة التي تؤثر على نفاذ الصادرات المصرية، منها: توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية (CSDDD) الذي يُلزم الشركات الأوروبية بمراقبة الأثر البيئي والاجتماعي في سلاسل التوريد بدءًا من عام 2027 ، ولائحة مكافحة إزالة الغابات (EUDR)، التي تحظر استيراد المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات وتُلزم الشركات بإثبات موقع منشأ المواد الخام عبر تتبع جغرافي دقيق بحلول 2025–2026 ، وتوجيه كفاءة الطاقة (EED) الذي يدفع جميع القطاعات لخفض استهلاك الطاقة في التصنيع والتغليف والنقل ، و توجيه الممارسات التجارية غير العادلة (UTP) الذي يحمي الموردين من العقود المجحفة والتأخير في المدفوعات .
وأشار إلى أن هذه التشريعات تمثل تحديًا لكنها أيضًا فرصة لإعادة هيكلة سلاسل الإمداد المصرية على أسس الاستدامة والشفافية، خاصة مع تزايد اهتمام المشترين الأوروبيين بإصدار شهادات مثل GLOBALG.A.P.، ISO 22000، Fairtrade، وRainforest Alliance، التي أصبحت جواز مرور إلزاميًا إلى سلاسل السوبرماركت الأوروبية.
واكد الضوي أن مصر تتمتع بمزايا تنافسية استثنائية تجعلها مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا لتوريد الأغذية المستدامة إلى أوروبا، نظرًا إلى: الإعفاء الجمركي الكامل في إطار اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية (FTA) ، و انخفاض تكاليف الطاقة والعمالة والإنتاج بنسبة تتراوح بين 30% و40% مقارنة بالدول الأوروبية ، و قرب المسافة الجغرافية التي تتيح وصول المنتجات المصرية الطازجة إلى الموانئ الأوروبية خلال أيام معدودة عبر خدمات Ro-Ro مع إيطاليا واليونان ، و بنية تحتية لوجستية قوية تشمل موانئ حديثة وشبكات نقل مبرد متكاملة.
وأضاف أن التحول نحو الإنتاج الأخضر يعزز من القدرة التنافسية طويلة المدى، موضحًا أن المجلس بالتعاون مع بنك مصر والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يعملان على تصميم برامج فنية وتمويلية لرفع جاهزية الشركات الصغيرة والمتوسطة لتطبيق نظم الكربون المنخفض، وإدارة الطاقة، وتتبع الأثر البيئي والاجتماعي في الإنتاج والتعبئة والتغليف.
واشار إلى أن التحول المطلوب لا يقتصر على “الالتزام بالمعايير”، بل يمتد إلى تبني فلسفة إنتاج جديدة قائمة على الكفاءة والشفافية.
وأضاف أن هذا التوجه لا يخدم فقط النفاذ إلى أوروبا، بل يفتح أمام مصر فرصًا في الأسواق الإسكندنافية والآسيوية والكندية التي باتت تربط دخول المنتجات بمعايير الاستدامة الكاملة.
وشدد علي أن التحول نحو الاستدامة يجب أن يُنظر إليه كسياسة وطنية لتنمية الصادرات المصرية وليست مجرد استجابة لمتطلبات أوروبية وان “الاستدامة” هي أداة لمضاعفة القيمة المضافة في سلاسل الإمداد المصرية، وجواز المرور إلى سلاسل التوريد الأوروبية وإذا نجحنا في دمجها بشكل مؤسسي في الصناعات الغذائية، فسنفتح أمام مصر أبوابًا جديدة للريادة الإقليمية والتكامل مع الاقتصاد الأخضر العالمي.







