د. مدحت الشريف استشاري الاقتصاد السياسي وسياسات الأمن القومي ل ” العالم اليوم “: ” السردية الوطنية” اغفلت طرح اية بيانات عن نسب الفقر ..وغياب تام للتقارير الحكومية الرسمية منذ 2022 !

البنك الدولي تحدث عن معيشة 66% من الفقراء في المناطق الريفية ومواقع تداولته كمعدل للفقر في مصر في غياب تام للرد الحكومي!

اعادة هيكلة الاقتصاد وتحويله من " ريعي" الي "منتج" والبعد عن سطوة صندوق النقد ...ضرورة.. إسرائيل لا تحترم اتفاقاتها ولا تعهداتها الدولية ولكن تحترم مبدأ القوة فقط

في يوم 14 أكتوبر، 2025 | بتوقيت 5:31 ص

كتب: مني البديوي

 

” السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية والتي من المفترض أن تشمل استراتيجية تتبعها الحكومة خلال الخمس سنوات المقبلة لم تتضمن أية بيانات عن العلاقة بين الدخل والانفاق ومعدلات الفقر ..وبالرغم من الحملات الاعلامية المكثفة التي احاطت باصدارها واللقاءات المتكررة لوزيرة التخطيط والتعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط والاسئلة المباشرة التي وجهت لها حول معدلات الفقر الا انها لم تتطرق إليها بالأرقام المباشرة”….بهذه العبارات التي انتقدت غياب وجود أية بيانات داخل “السردية الوطنية” حول معدلات الفقر تحدث الدكتور مدحت الشريف استشاري الاقتصاد السياسي وسياسات الأمن القومي ووكيل اللجنة الاقتصادية الاسبق بمجلس النواب في حواره مع ” العالم اليوم”، مؤكدا ان هناك غياب تام للبيانات الرسمية التي كان يجب إصدارها من الحكومة فيما يتعلق بمعدلات الفقر في مصر وانه كان ينتظر مع إصدار ” السردية” ان تتضمن ذلك حتي لا يتم تداول أرقام غير صحيحة أو يتم الاستعانة بجهات دولية.

وأوضح أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء كان يصدر بشكل دوري بحث الدخل والاتفاق والاستهلاك والذي يتضمن معدلات الفقر الا انه منذ عام 2022 اي منذ 3 سنوات لم يصدر هذا التقرير وصدرت فقط بعض البيانات من الجهاز لمؤشر جديد يتناول الفقر المتعدد الأبعاد ويتضمن 7 مؤشرات رئيسية تشمل التعليم والصحة والسكن والخدمات والحماية الاجتماعية والأمن الغذائي، لافتا الي ان هذا المؤشر الجديد لا يتناول نسب الفقر المادي والمدقع وانما يتحدث عن مؤشرات بوجه عام !.

واضاف انه عندما كان وكيلا للجنة الاقتصادية بمجلس النواب تأخر وقتها إصدار التقرير الخاص بالدخل والانفاق وانه طالب باصداره لعدة اسباب أهمها وضع قاعدة بيانات واضحة لمن يستحق الدعم من خلال تحديد حد خط الفقر المادي والمدقع حيث كان الدعم غير مصوب وغير واضح المعالم وكانت أرقام ضخمة لا تتناسب مع الواقع الفعلي ، مشيرا الي ان التقرير صدر في 2017- 2018 وكان معدل الفقر وفق له 32.5% .

واردف : ان هذا التقرير تبعه صدور تقرير اخر خلال 20- 2022 وبلغت نسب الفقر وفقا له نحو 34%، مشيرا الي ان ذلك قد مثل اخر تقرير تم اصداره ولم تصدر بعده أية تقارير اخري !.

واضاف ان البنك الدولي بدأ مؤخرا في وضع بعض المؤشرات حول معدلات الفقر لبعض الدول من ضمنها مصر وكان يتحدث عن تزايد النسب واعلن أن نسبة 66% من الفقراء في مصر تعيش في المناطق الريفبة ، لافتا الي ان كثير من المواقع الاعلامية في هذا التوقيت تناولت ما اعلنه البنك بالقول بأن معدل الفقر في مصر وصل الي 66% في غياب اي بيانات دقيقة من الحكومة ، وكذا في غياب تقرير العلاقة بين الدخل والانفاق !!.

وشدد الشريف علي ان البيانات الرسمية التي صدرت من جهاز التعبئة والإحصاء كانت قبل الأزمات العالمية المتعددة التي اثرت علي الاقتصاد العالمي والمصري بشكل مباشر وقبل موجات التعويم المتعددة وخفض قيمة العملة وهو ما يظهر ان معدل الفقر قد ارتفع بشكل كبير جراء هذه التأثيرات الخارجية والداخلية ، مؤكدا ان ذلك يلزم الحكومة ضرورة الإعلان عن نتائج تقرير العلاقة ما بين الدخل والانفاق والكشف عن نسب الفقر المادي والمدقع بشكل واضح .

وقال انه وفق تقديره الشخصي الذي يحتاج لتدقيق من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فان معدلات الفقر قد تجاوزت نسبة 60% بعد الأزمات العالمية وخفض قيمة العملة الوطنية عدة مرات منذ اخر تقرير صدر 2022 .

وتابع : ان هذه النسبة تمثل تحدي كبير للسياسات الاقتصادية والتنموية في مصر والتي تحتاج الي علاجات عاجلة وليس فقط ” سرديات ” اقتصادية تتحدث عن مباديء علم الاقتصاد ، مشددا علي اننا بحاجة الي مواجهة حاسمة للمشكلات المتواجدة لنصل الي مرحلة من الكفاءة الاقتصادية بشكل متسارع يبدأ بإعادة الهيكلة الاقتصادية والبعد عن سطوة صندوق النقد الدولي المنتظر انهاء برنامجه 2026.

وأكد الشريف ان الامر يتطلب ضرورة ان ننتج ونرفع من مستوي كفاءتنا الإنتاجية مع تطبيق مبدأ إحلال الإنتاج الوطني محل الواردات وزيادة دعم الصادرات ودعم المنتج الوطني بتوفير تمويل ميسر للمشروعات الجادة المختلفة، مشددا علي اهمية خروج الاقتصاد المصري من تصنيفه كاقتصاد ريعي الي اقتصاد انتاجي وتصديري .

وعاد وكيل اقتصادية النواب الاسبق للحديث مرة اخري عن ” السردية” ، مؤكدا انها تتحدث بشكل عام عن نسب و أرقام شديدة التفاؤل بأن تصل في نهاية الخمس سنوات عام 2030 الي قيمة صادرات تبلغ 145 مليار دولار مقابل 40 مليار دولار 2024 ، ورفع معدل النمو الاقتصادي الي 7% مقارنة ب 4.5% مستهدف العام الحالي .

واردف : ان هذه الأرقام شديدة التفاؤل وتحتاج الي خطة واضحة بمؤشرات أداء ومحاور تنفيذ واجال زمنية محددة وتحديد العناصر المنفذة وان يتم مناقشتها مع خبراء اقتصاديين لهم خبرات في أسلوب الأداء الحكومي في مصر لتكون أرقام واقعية .

واضاف ان ” السردية” ركزت علي الانتقال التدريجي من الدور التشغيلي المباشر للحكومة الي دور تنظيمي والتخارج من القطاعات الاقتصادية المختلفة سواء تخارج جزئي أو كلي أو مشاركة وهذا في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة مع الاحتفاظ بدور الدولة الفاعل في إدارة بعض القطاعات لأسباب استراتيجية ، مشيرا الي ان وثيقة سياسة ملكية الدولة بشكل عام تحتاج الي مراجعة اقتصادية من الخبراء المعنيين بهذا الأمر وبعيدا عن املاءات صندوق النقد الدولي حتي لا يتم إهدار ثروات قومية باثمان بخسة وفي اجال متقاربة، مع وضع محددات دقيقة تشجع القطاع الخاص علي التوسع في استثماراته وزيادة القدرات الإنتاجية بعيدا عن عدم عدالة المنافسة مع الشركات المملوكة للدولة .

وتابع الشريف : ان ” السردية” تناولت ايضا إعادة هيكلة 59 هيئة اقتصادية من إجمالي 63 هيئة لتعظيم العائد الاقتصادي، مشددا علي ان ذلك لابد ان يقترن معه وضع هدف أساسي وهو الحد من خسائر هذه الهيئات واستنزاف الموازنة وهذا لن يتاتي بسرد نظري لتحقيق هذا المبدا الهام .

وأكد أن فكرة توافق ” السردية” مع استراتيجية مصر 2030 تحتاج الي إعادة نظر في الهيكل الخاص بهذه ” السردية” وتقترب من الخطوات التنفيذية بشكل أكبر ووضع الآليات التي تكفل تحقيق هذه الأرقام المذكورة في السردية حيث أن استراتيجية مصر 2030 هي عبارة عن مجموعة رؤي والتكامل يتحقق بأن يتم وضع خطط تنفيذية واقعية وقابلة للتنفيذ وفقا للمواد والامكانات الفنية والمادية المتوفرة وكيفية تنميتها بشكل متسارع .

وتطرق الشريف للحديث عن صندوق النقد الدولي ، وأكد أن الاستمرار في الانصياع لبرامج الإصلاح المتفق عليها مع الصندوق وتنفيذ املاءته بشكل مستمر يمثل تهديد مباشر للاستقرار الاقتصادي والمجتمعي في مصر .

وشدد علي ان الحكومات المتعاقبة قد أخطأت منذ اول اتفاق مع صندوق النقد عام 2016 بأنها طبقت محورين فقط من برنامج الإصلاح وهما الإصلاح النقدي والمالي واهملت الإصلاح الهيكلي للاقتصاد وكان المفترض بعد قرض عام 2016 أن يكون القرض الأول والأخير .

واستطرد : انه مع إهمال جانب الإصلاح الهيكلي والذي كان سيشكل حائط صد قوي ضد الأزمات الإقليمية والدولية فان الصندوق بدأ يفرض شكل من أشكال الوصاية علي السياسات الاقتصادية المصرية حيث فرض عدة تخفيضات للعملة الوطنية وإيقاف برامج التمويل الميسرة الممنوحة من البنوك للمشروعات الإنتاجية مما رفع تكلفة الاقتراض وادي لحدوث انكماش في الاقتصاد وقيد اي قرارات يمكن أن تتخذها الدولة لترشيد الاستيراد واحلال المنتج المحلي محل الواردات لتظل مصر مجتمع استهلاكي للمنتجات الغربية.

واردف : ان الصندوق فرض ايضا سياسة بيع ممتلكات الدولة من المشروعات المختلفة بشكل اهدر أموال الثروة القومية ، علاوة علي البعد السياسي في تعاملات الصندوق مع مصر حيث كان يستخدم كورقة ضغط في محاولة للتاثير علي ارادتها السياسية.

وشدد الشريف انه علي الحكومة أن تعلن بشكل واضح التزامها بإنهاء التعامل مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2026.

واضاف انه في المقابل علينا ضرورة صياغة منهجيات واضحة للفصل بين الاستمرار في برامج الصندوق وجذب الأموال الساخنة من خلال جذب استثمارات في أدوات الدين المختلفة .

وبسؤاله عن الوضع السياسي بالمنطقة والاتفاق الذي تم النجاح في ابرامه لانهاء الحرب في غزة ، أكد الشريف أن إسرائيل لا تحترم اتفاقاتها ولا تعهداتها الدولية ولكن تحترم مبدأ القوة فقط ومن هذا المنطلق فانها تحافظ تماما علي اتفاقية السلام مع مصر لعلمها انها تمتلك القوة الكافية للردع.

واضاف ان إسرائيل لديها هدف استراتيجي منذ نشاتها للسيطرة علي الأراضي العربية من النيل للفرات لذا فان اي اتفاقات او معاهدات هي عبارة عن مناورات وقتية لكسب مزيد من الوقت لتنتهز الفرصة وتحقق أهدافها مرحليا .

وقال ان الاتفاق ظاهره تحقيق حقن الدماء الفلسطينية ولكن بشكل عام الضمانات الموضوعة لتنفيذ بنود الاتفاق للجانبين في المراحل الأولي والثانية مرتبطة بضمان الجانب الأمريكي ولكن في المراحل اللاحقة ومع زوال اوراق الضغط الواقعة تحت يد حماس لتسليم الرهائن والجثث يصعب التكهن بمسار الجانب الإسرائيلي وخاصة مع وجود حكومة ” نيتنياهو ” .

وأكد أنه علي الحكومات الراعية للاتفاق أن تستغل حالة التوافق الحالية والتي يحاول الجانب الأمريكي استعلالها لتسويق فكرة ان أمريكا في ظل إدارة ترامب دولة سلام وليست دولة حرب بأن يتم قدما لحل الدولتين باليات تنفيذية علي الارض.

وأكد أنه لاشك عندما بحل السلام بالمنطقة سيساعد ذلك علي نمو الموارد الاقتصادية بشكل ملحوظ وستعود الخطوط الملاحية للمرور من قناة السويس ويحدث زيادة في معدلات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.