محمد خطاب : قرارات المجتمعات العمرانية .. ضبط للسوق؟ .. ام اعدام للاستثمار!؟؟ ..
في يوم 30 يوليو، 2025 | بتوقيت 11:21 ص

كتبت: شيرين محمد
اكد محمد خطاب الخبير العقارى والاقتصادي ان هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قد اعلنت مؤخرًا عن مجموعة إجراءات تشمل سحب وإلغاء تخصيص بعض الأراضي وفرض رسوم إضافية وإجراءات صارمة تجاه المطورين غير الملتزمين.
واوضح ان القرارات في ظاهرها تستهدف الانضباط وتنظيم السوق، لكن التوقيت والصياغة العامة لهذه القرارات يحملان أثرًا سلبيًا عميقًا على الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي وعلى مستقبل السوق العقاري المصري ككل.
المتابع لسياسات طرح الأراضي وإدارتها خلال السنوات الأخيرة يلاحظ أن الحكومة تتعامل مع ملف الاستثمار العقاري بمنطق أساسي “تحصيل أكبر قدر من الأموال”
في مرحلة الطرح: يتم التركيز على البيع لمن يدفع أكثر .. بغض النظر عن قدرته الفنية أو استدامة مشروعاته.
في مرحلة الرقابة: تغيب المتابعة الحقيقية لسير المشروعات والتزامات المطورين .. ما يفتح المجال لممارسات غير منضبطة .. مثل بيع وحدات قبل استكمال الإجراءات الرسمية أو سداد المستحقات.
في مرحلة التصحيح: حين تتحرك الدولة لضبط الأوضاع .. غالبًا ما تلجأ لقرارات شاملة وعامة تفرض على الجميع .. بدلًا من المعالجة الانتقائية لكل حالة على حدة.
السوق العقاري المصري يمر منذ منتصف 2024 وحتى الآن بمرحلة تباطؤ شديد في المبيعات وفي بعض المناطق وصل الأمر إلى ما يشبه الركود الفعلي.
هذا التباطؤ له أسبابه ولا يتسع المجال لها الان
في ظل هذه الظروف صدور قرارات عقابية ومالية جديدة مثل فرض رسوم إضافية أو سحب أراضٍ
يزيد الضغط على المطورين والمستثمرين بدلًا من تخفيفه. هذا التوقيت غير مناسب إطلاقًا إذا كان الهدف الحقيقي دعم الاستثمار وتحريك السوق.
ومن منظور الاستثمار .. فإن تطبيق قرارات عامة وبأشكل مفاجئ يرسل رسائل سلبية للمستثمر المحلي او الاجنبي على السواء
تتمثل في الشعور بانعدام الاستقرار التشريعي والتنظيمي .. وأن الدولة قد تغير شروط اللعبة في أي وقت.
هذه الصورة تضر بسمعة مصر كمقصد استثماري .. خاصة في قطاع العقار الذي يعد من أكثر القطاعات حساسية تجاه الثقة والوضوح التشريعي.
أحد أخطر الجوانب في هذه القرارات هو فرض رسوم عامة قد تشمل مشروعات قديمة تم تسويقها أو تنفيذها بالكامل.
وهنا نتسائل
ما الجدوى من فرض رسوم على مشروع باعه المطور بالكامل؟ ثم من سيتحمل هذه الرسوم؟ المطور السابق الذي أنهى المشروع وباعه؟ أم العملاء الذين اشتروا واستلموا وحداتهم؟
مثل هذه الأسئلة تكشف أن صياغة القرارات لم تراع التمييز بين الحالات المختلفة .. ما قد يخلق نزاعات قانونية ويعطل استقرار السوق.
وإذا كان الهدف الحقيقي هو ضبط السوق وتشجيع الانضباط، فإن البديل الحكيم هو:
التعامل مع كل حالة بشكل خاص .. حيث ان المشاريع المتعثرة تختلف عن المشاريع المنفذة والمباعة.
يتوجب على متخذ القرار اختيار التوقيت المناسب .. لتجنب إصدار قرارات ضاغطة في ذروة تباطؤ السوق.
وذلك لتحقيق التوازن بين حماية مصالح الدولة .. وحماية المستثمرين .. وضمان استقرار السوق.
السوق العقاري ليس مجرد قطاع اقتصادي .. بل هو بيئة استثمارية طويلة الأمد تحتاج إلى ثقة واستقرار قبل أي شيء آخر.
القرارات التي قد تبدو منطقية على الورق .. إذا طُبقت في توقيت غير مناسب وبصيغة عامة .. يمكن أن تتحول إلى أداة لإضعاف السوق.
بالطبع السوق يحتاج الى الانضباط .. ولكن الانضباط الحكيم الذي يوازن بين مصلحة الدولة ومصلحة المستثمر .. ويدعم السوق بدلًا من إضعافه.







