“روساتوم” : كل شيء يبدأ بالذرة.. والتمكين يبدأ بالمرأة
في يوم 27 يوليو، 2025 | بتوقيت 5:23 م

كتبت: شيرين سامى
احتفال “روساتوم” بمرور 80 عامًا على تأسيس الصناعة النووية..
مع احتفال مؤسسة “روساتوم” بمرور 80 عامًا على تأسيس الصناعة النووية الروسية، لا يقتصر هذا الإنجاز على الاحتفال فقط، بل يدعونا للتفكير في القوة الحقيقية وراء هذا التقدم المستمر، وهي النساء اللاتي ساهمن في تشكيل المستقبل السلمي للطاقة النووية ولا يزلن يفعلن ذلك حتى اليوم ،من مختبرات الرائدات الأوائل إلى قاعات المفاعلات ومراكز الابتكار الحديثة، لتؤكد مساهمات النساء في روسيا ومصر على حقيقة واحدة: الذرة مثل التقدم تمامًا، لا تفرق بين رجل وامرأة، لكنها تستجيب للموهبة والرؤية والإصرار.
هذا ما أكدته مؤسسة “روساتوم “، مشيرة إلى ان المؤسسة تضم اليوم حوالي 120 ألف امرأة، يمثلن 33% من إجمالي القوى العاملة بالمؤسسة، ثلثهم تقريبا يشغلن مناصب إدارية عليا. وهي نسبة تتجاوز المعدل العالمي والذي يصل الي 28% في هذا القطاع. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل تعكس استراتيجية واضحة ومدروسة. فالتزام “روساتوم” بتمكين المرأة يقوم على برامج منظمة تهدف إلى إزالة العقبات وتطوير القيادات النسائية ودعم النمو المهني على المدى الطويل.
ومن أهم هذه البرامج مشاركة “روساتوم” في برنامج زمالة “ماري سكلودوفسكا-كوري”، والذي استفادت منه حوالي 40 طالبة من 17 دولة لتطوير دراساتهن النووية. ايضاً برنامج “القوة الخفية” [IN] Visible Power للقيادة الذي طورته أكاديمية “روساتوم”، وهو دورة تدريبية مكثفة لمدة 11 أسبوعًا مخصصة للمديرات الجديدات في القطاعين النووي والشركات. لتتعلم المشاركات نظريات القيادة الحديثة، ويضعن خططًاً شخصية للنمو المهني، ويكتسبن مهارات قيادة الفرق بثقة ووضوح.
إلى جانب هذه البرامج، تشارك “روساتوم” في المؤتمرات العالمية مثل “أتوم إكسبو” و”منتدى نساء اوراسيا” لتعزيز المساواة بين الجنسين. حصلت المؤسسة على “الجائزة الكبرى للقيادات النسائية” وأطلقت مسابقة “المستقبل الأخضر” البيئية لنساء دول البريكس، مما يؤكد التزامها الجدي والعملي بهذه القضية.
هذه المنصات تساعد في بناء شبكات الإرشاد المهني وكسر الصور النمطية عن مشاركة النساء وإنشاء مجتمعات عالمية من المتخصصات اللاتي لا يشاركن فقط في تحول قطاع الطاقة، بل تقوده أيضًا.
أما عن مصر،تقول “روساتوم”: مصر شريك حيوي في هذه المهمة المشتركة، إذ تمتلك تراثًا غنيًا في هذا المضمار. فمنذ تأسيس هيئة الطاقة الذرية المصرية في خمسينيات القرن الماضي، لعبت المرأة أدوارًا محورية في مجالات الطب النووي، وأبحاث الإشعاع، وسلامة البيئة. واليوم يستعد هذا الأساس للانتقال إلى مرحلة التوسع، عبر برامج منح دراسية موجهة، وتبادلات علمية، ومبادرات توأمة مهنية مع روسيا، مما يتيح فرصة حقيقية لتسريع تمكين النساء المصريات في العلوم النووية.
هذا التقدم واضح فعلاً في مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية، المشروع الرائد بالتعاون مع الشركة الروسية “روساتوم”. منذ البداية، يتضمن المشروع برامج تدريبية مكثفة مكنت مئات المهندسات والعالمات المصريات من المساهمة بشكل فعال في أحد أهم المشاريع النووية في العالم العربي. هؤلاء النساء لا يكتبن فقط جزءًا من هذه القصة، بل يصغن فصلها القادم.
إن تمكين المرأة في القطاع النووي لا يُعد بادرة رمزية، بل هو ضرورة استراتيجية. فقد أثبتت الدراسات أن فرق العمل المتنوعة تتفوق على تلك المتجانسة، خصوصًا في المجالات الدقيقة والحساسة مثل الطاقة النووية. فالشمول يعزز الثقة، ويحسن من جودة القرارات، ويدفع عجلة الابتكار.
عندما تتطلع روسيا ومصر للعقود الثمانية القادمة من التطور النووي، تصبح المعادلة واضحة” القيادة الشاملة ليست فقط الشيء الصحيح، بل هي الخيار الذكي”.
فالنجاح في العلوم النووية يحتاج دقة وعزيمة وقدرة على العمل تحت ضغط كبير.
في هذا المجال، تقف المرأة والرجل على قدر المساواة. سواء في غرف تحكم المفاعلات أو المؤتمرات السياسية أو المعاهد البحثية، كما تواصل النساء إثبات أنهن لا يتعاملن فقط مع تعقيدات التكنولوجيا النووية، بل يعيدن تشكيل مستقبلها. فالمهارات التي رفعت شأن النساء في الطب والهندسة وعلوم الفضاء – مثل الانضباط، والقدرة على التكيف، والذكاء العاطفي – هي ذاتها التي لا غنى عنها في المجال النووي.
وبينما نحتفل بثمانين عامًا من التميز العلمي، يجب أن نتعهد ببناء صناعة يصبح فيها تمكين المرأة هوالقاعدة وليس الاستثناء. يجب أن نضمن أن كل امرأة تدخل المجال النووي لا تجد الترحيب فقط، بل الاعتراف بها كقائدة ورائدة وصانعة للمستقبل. لأن الذرة قد تكون بداية الطاقة، لكن التمكين هو بداية التغيير الحقيقي.







