تعديلات الضريبة المضافة… توسعة القاعدة بلا عبء إضافي

بقلم: رامي فتح الله

في يوم 9 يوليو، 2025 | بتوقيت 11:27 ص

كتب: العالم اليوم

بهدوء ودون ضجيج، أعلنت مصلحة الضرائب المصرية عن حزمة تعديلات محدودة على قانون ضريبة القيمة المضافة، بدا واضحًا فيها أن الهدف ليس فرض مزيد من الأعباء، بل إعادة ضبط المنظومة وتوسيع القاعدة الضريبية دون الإضرار بمحدودي الدخل أو القطاعات الحيوية.

ما يلفت الانتباه في هذه التعديلات أنها حافظت على الإعفاءات الخاصة بالسلع الغذائية والخدمات الصحية والتعليمية، وهو قرار ذكي ومسؤول يعكس إدراك الدولة لحساسية تلك القطاعات بالنسبة لغالبية المصريين، ويؤكد أن الحكومة تتحرك في مسار إصلاحي اقتصادي أكثر توازنًا وعدالة

من منظور مالي ومحاسبي، فإن خضوع المقاولات للسعر العام بدلاً من ضريبة جدول 5% مع السماح بخصم الضرائب على المدخلات، لا يُعد فقط تعديلًا شكليًا، بل خطوة جوهرية نحو تنظيم السوق وتحفيز الشفافية. فالتكلفة الفعلية للخدمة قد تنخفض، والمقاولون سيصبح لديهم حافز لتقديم فواتيرهم كاملة، مما يُعزز قاعدة البيانات الضريبية، ويقلل من الاقتصاد غير الرسمي.

نقطة أخرى مهمة هي ما يتعلق بخضوع الوحدات الإدارية ذات الطابع التجاري داخل المولات والمراكز التجارية لضريبة بنسبة 1%. هذا الإجراء يسهم في توحيد المعاملة الضريبية بين الأنشطة التجارية، ويفصل بين ما هو تجاري وما هو إداري عادي، دون أن يُخل بالعدالة أو يرفع من التكاليف التشغيلية غير المبررة.

أما الحديث عن فرض ضريبة جدول بنسبة 10% على البترول الخام دون المساس بأسعار المنتجات البترولية، فهو يعكس فهمًا دقيقًا لطبيعة التكاليف في هذا القطاع. الهيئة العامة للبترول –بصفتها المشتري الوحيد– لديها القدرة على استيعاب هذا العبء ضمن حساباتها، دون أن ينعكس ذلك على المستهلك النهائي.

حتى ما بدا للبعض أنه تعديل على سلع مثيرة للجدل، مثل السجائر والمشروبات الكحولية، فقد جاء متزنًا. زيادة قدرها 50 قرشًا فقط في الضريبة القطعية على السجائر لأول مرة منذ 2023، مع اعتماد ضريبة تصاعدية على الكحول مرتبطة بنسبة الكحول وليس سعر البيع، تلبية لمطالب الصناعة من جهة، واستجابة لمعايير منظمة الصحة العالمية من جهة أخرى.

في المجمل، هذه التعديلات لا تُمثل عبئًا جديدًا بقدر ما تعكس محاولة جادة لإصلاح نظام ضريبة القيمة المضافة، بما يُشجع الانضمام للمنظومة الرسمية ويحقق العدالة الضريبية، ويمنح المجتمع الضريبي من شركات وممولين ومستهلكين إشارات إيجابية بأن الدولة تتقدم في مسار إصلاحي واعٍ، دون المساس بلقمة العيش أو حقوق المواطن في التعليم والعلاج.

ولعل أهم ما في هذه التعديلات، أنها جاءت بعد حوار مع ممثلي القطاعات الإنتاجية، وليست مفروضة من طرف واحد. وهذا ما يجعلنا نؤمن أكثر أن الإصلاح الضريبي يمكن أن يكون عادلًا… إذا كان مبنيًا على شراكة حقيقية واحترام متبادل بين الدولة والمجتمع