محمد خطاب : قانون الايجار القديم .. قانون بلا عدالة أم أزمة بلا حل؟

في يوم 7 يوليو، 2025 | بتوقيت 6:43 م

كتبت: شيرين محمد

اكد محمد خطاب الخبير الاقتصادى والعقارى تابعت عن كثب كل ما له علاقة بملف الإيجارات القديمة في مصر من حوارات مجتمعية ومناقشات داخل البرلمان .. مرورًا بتصريحات النواب وتعليقاتهم وصولًا الى حالة الارتباك العام التي صاحبت مناقشة القانون.
والحقيقة أن الطريقة التي تم تناول الملف بها من قبل الحكومة والبرلمان لم تترك شعورًا بالارتياح المجتمعي .. إذ خرج القانون في صورة أصابته بشيء من عدم القبول الشعبي رغم أهمية وحساسية هذا الملف الذي يلامس ملايين المصريين سواء ملاك أو مستأجرين.
مشكلة الإيجارات القديمة في مصر ليست قانونية في الأساس بقدر ما هي مشكلة ذات بعد مجتمعي عميق.
هذا الملف المعقد جدا له امتدادات اجتماعية واقتصادية ونفسية .. ويمس منظومة العدالة الاجتماعية والحق في السكن .. كما يمس أيضًا حقوق الملكية الخاصة.
لذا لا يجوز أبدًا النظر إليه بزاوية واحدة أو تبني وجهة نظر أحادية تركز على مصلحة طرف دون آخر .. سواء كانت مصلحة المالك أو المستأجر.
اقرار القوانين في المطلق له اهداف لا تقبل وجهات النظر وهي تنظيم العلاقات بين الاطراف ولكن في ظل العدالة الاجتماعية التي لا يجب ان يغفلها المشرع
في ظل وجود قرابة 2 مليون وحدة يقطنها ما يزيد عن 20 مليون مواطن تخضع لقانون الإيجار القديم .. هذه الوحدات ليست كتلة واحدة متجانسة .. بل لها تصنيفات مختلفة
على سبيل المثال
– وحدات مغلقة وغير مستغلة.
– وحدات سكنية مأهولة بأسر بسيطة وفقيرة.
– وحدات تم توريثها لعدة اجيال
– وحدات يمتلك قاطنيها عقارات اخرى
– وحدات تجارية تحقق عوائد كبيرة لمستأجريها.
– وحدات ادارية مؤجرة بأسعار زهيدة للشركات
– ونماذج اخرى كثيرة

دراسة كل هذه التصنيفات بشكل دقيق كان يجب ان يظهر في نص القانون ولائحته التنفيذية.
ولكن مع الاسف تعاملت الحكومة مع الملف بشكل افتقر الى المسئولية المجتمعية سواء في دراسته ومناقشته او طريقة اخراجه.
والنتيجة كانت قانونًا غير مرضٍ .. ولا يحقق التوازن المطلوب .. بل ربما يفتح أبوابًا جديدة لمشكلات اجتماعية واقتصادية أعمق.

وفي ظل اقتراح البدائل من قبل الحكومة .. مع الاسف ارى ان القانون قد يؤدي إلى تشريد بعض الأسر التي لا تملك بديلًا أو لا تستطيع دفع القيمة السوقية للإيجار الجديد.
وفي المقابل هناك ملاك عاشوا عقودًا طويلة محرومين من الانتفاع بممتلكاتهم أو من الحصول على عائد عادل وهؤلاء أيضًا لديهم حق أصيل.
الحل إذن لا يكون إلا بــ مقاربة عادلة تراعي ظروف الطرفين وتعيد التوازن الاجتماعي دون أن تضر بمفهوم الاستقرار السكني.
*اذا كيف هي الحلول*
اولا الاعتراف بتعدد التصنيفات ووضع إطار قانوني مختلف لكل تصنيف.
ثانيا توفير حزمة حماية اجتماعية للأسر الأشد احتياجًا وليس مجرد سكن بديل ربما يكون غير ملائم من حيث موقعه او اعبائه المالية.
ثالثا خلق آلية توافقية بين المالك والمستأجر عبر لجان تسوية أو محاكم متخصصة قبل تطبيق القانون بشكل عام.
رابعا إطلاق حوار مجتمعي حقيقي واسع قبل اتخاذ القرار النهائي.
وخامسا دراسة الآثار الاقتصادية مسبقًا ووضع خطط لتقليل آثار زيادة المعروض المفاجئ على السوق العقاري.

واخيرا
ان ملف الإيجار القديم يحتاج وعيًا مجتمعيًا ورؤية عادلة قبل اقرار القوانين.
القوانين قد تحل الإشكال من الناحية التشريعية لكنها قد تفتح جروحًا جديدة في الجسد الاجتماعي إذا لم ترافقها سياسات عامة تحقق التوازن وتحفظ كرامة الإنسان وتضمن العدالة وتراعي طبيعة السوق العقاري الذي لا يحتمل الصدمات غير المدروسة.