رجال الصناعة يحذرون: وقف إمداد الغاز للمصانع يهدد الإنتاج والتصدير ويضغط على السوق المحلي
في يوم 15 يونيو، 2025 | بتوقيت 3:36 م

كتب: محمد عبدالرحمن
حذّر عدد من قيادات القطاع الصناعي من تداعيات قرار وقف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية، مؤكدين أن هذه الخطوة تمثل خطرًا مباشرًا على الاقتصاد المصري، وعلى جهود الدولة في تعزيز الإنتاج والتصدير وتوفير العملة الأجنبية، مطالبين الحكومة بوضع الصناعة على رأس أولويات إدارة الأزمة، وتفادي اتخاذ إجراءات تؤدي إلى فقدان الأسواق الخارجية والضغط على السوق المحلي.
من جانبه أكد محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية ورئيس لجنة الضرائب والجمارك بالاتحاد لـ “العالم اليوم”، أن قرار وقف إمدادات الغاز لبعض الأنشطة الصناعية جاء في ظروف خارجة عن إرادة الحكومة، نظرًا للأحداث الإقليمية الطارئة، لكنه شدد على أن إدارة الأزمة تقتضي ترتيب الأولويات بحكمة.
وقال البهي: “أفهم أن القرار اضطراري بسبب توقف الإمدادات من الشرق، لكن الصناعة لا يجب أن تكون أول من يُضحى به، لأن خروجها من السوق لن يكون سهلًا على الإطلاق، والعودة بعد التوقف مكلفة للغاية، سواء من حيث الإنتاج أو من حيث استعادة الحصص التصديرية”.
وأوضح أن قطاعات الأسمدة والحديد والصلب وغيرها من الصناعات كثيفة العمالة، ليست فقط محركًا للنمو، بل هي مصدر للعملة الصعبة، والتوقف عن الإنتاج فيها يعني فقدان عقود تصديرية وتعطل آلاف فرص العمل.
وأضاف: “تغيير الغاز بالمازوت أو السولار في بعض الصناعات يجعلها غير قادرة على المنافسة، ويؤدي لخروجها من الأسواق. ولا بد أن تنظر الحكومة للمصلحة الاقتصادية العليا للدولة، والتي تبدأ من الحفاظ على التصدير والصناعة كثيفة العمالة، لا مجرد إدارة الضغط على الكهرباء”.
وأكد أن البدائل يجب أن تشمل تخفيف الأحمال الكهربائية عن بعض القطاعات غير الإنتاجية، قائلًا: “من الأولى إطفاء أعمدة الشوارع على أن تتوقف المصانع. فالمواطن البسيط سيتأثر بشكل غير مباشر إذا أغلقت المصانع أبوابها وفقد آلاف العمال وظائفهم، وارتفعت أسعار المنتجات”.
من جانبه، وصف محمد الكاتب، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، في تصريحاته لـ “العالم اليوم”، قرار وقف إمدادات الغاز بأنه كارثي على القطاع الصناعي، محذرًا من تأثيراته المتسارعة على السوق المحلي وعلى عدد من الصناعات الحيوية.
وقال الكاتب: “فور إعلان القرار، قفزت أسعار الحديد بنحو 1000 جنيه في أقل من 24 ساعة، كما ارتفعت أسعار الأسمنت، رغم حالة الركود في قطاع البناء، وهو ما يعكس هشاشة السوق أمام أي اضطراب في الإمدادات”.
وأشار إلى أن هذه التأثيرات ناتجة عن نقص الإنتاج وظهور ما سماه بـ”شح المعروض”، مؤكدًا أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى ارتفاعات متواصلة في الأسعار، وهو ما لا يتحمله لا المواطن ولا الاقتصاد.
ودعا الكاتب إلى ضرورة تنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مصدر واحد، مشيرًا إلى أن ما حدث يمثل جرس إنذار بضرورة تطوير استراتيجية مستدامة للطاقة.
وقال: “إذا فقدنا قدرتنا على الحفاظ على استقرار الطاقة للصناعة، فنحن نفقد ميزة تنافسية حقيقية. يجب ألا نكرر خطأ الاعتماد على مورد واحد، كما يجب أن يتم عزل القطاعات الصناعية الاستراتيجية عن أي اضطراب مفاجئ في الإمدادات”.
واختتم تصريحاته قائلاً: “لسنا ضد تأمين الكهرباء للمواطنين، ولكن إذا كان هناك اضطرار، فلتكن هناك خطة عادلة لتوزيع الأعباء. يجب أن ندير الأزمة بعقل اقتصادي لا بحلول فنية مؤقتة فقط، فالصناعة هي الحصن الحقيقي للاقتصاد في وجه الأزمات”.