الاتصالات المتنقلة في مصر: مواجهةالتحديات والإطلاق المرتقب للجيل الخامس
في يوم 9 مايو، 2025 | بتوقيت 2:47 م

كتبت: نجوى طه
يُعدّ سوق الاتصالات المتنقلة في مصر واحداً من أكبر أسواقمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأكثرها حيويةً. بتعدادسكاني يتجاوز 100 مليون نسمة، يشهد السوق انتشاراً واسعاً للهواتف المحمولة وتغطية شبكية واسعة النطاق. ومع ذلك، يواجهالعديد من التحديات التي تُهدّد استدامة نموه في ظل تباطؤالإيرادات واستقرار عدد المشتركين. ويشكّل الإطلاق المرتقبلخدمات الجيل الخامس فرصة بارزة لإنعاش السوق وتحقيقمكاسب اقتصادية كبيرة.
ويُعتبر سوق الهواتف المحمولة في مصر الأكبر في شمال أفريقيا، حيث بلغ عدد المشتركين في خدمات الهاتف المحمول 116 مليونمستخدم في بداية العام 2025، أي ما يعادل نسبة انتشار تبلغ99% حيث يحمل العديد من المستخدمين أكثر من شريحة اتصالواحدة. وساهمت الاستثمارات الضخمة من جانب أبرز مزوّديخدمات الهاتف المحمول في ضمان وصولٍ شبه شامل إلى خدماتالاتصالات المتنقلة. كما أولت الحكومة اهتماماً كبيراً بالبنية التحتيةالرقمية لسد الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية من خلالمبادرات مثل مشروع “حياة كريمة” وغيره.
ورغم هذه المعطيات، لا تزال هناك العديد من الإمكانيات لتحسينأداء شبكات الهاتف المحمول في مصر؛ فوفقاً لمؤشر أوكلاالعالمي لسرعة الإنترنت، احتلت مصر المرتبة 85 عالمياً في مارس2025، بمتوسط سرعة تنزيل للهواتف المحمولة بلغ 28.96 ميجابتفي الثانية في الربع الأول من العام 2025. ويضع هذا الترتيبمصر خلف بعض دول شمال أفريقيا المجاورة مثل المغرب الذياحتل المركز 61 بسرعة 47.65 ميجابت في الثانية، وتونس التياحتلت المركز 44 بسرعة 52.31 ميجابت في الثانية. وتمكنت تونسأيضاً من التقدم 39 مركزاً في التصنيف العالمي بين يناير ومارس2025 منذ إطلاق خدمات الجيل الخامس، لتتصدر بذلك دول شمالإفريقيا في هذا المجال.
متوسط سرعة التنزيل عبر الهاتف المحمول في مصروالمغرب وتونس
المصدر: Speedtest Intelligence® | الربع الأول من العام2024 – الربع الأول من العام 2025
ومع وصول السوق إلى مستويات التشبُّع، استقر نمو المشتركينوتباطأت وتيرة زيادة الإيرادات. وحتى مع استمرار ارتفاع الطلبعلى خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول، فإن تحقيق مستوياتربحية عالية من باقات البيانات لا يرقى إلى مستوى التوقعات نتيجةلعدم قدرة الشبكات الحالية على دعم الخدمات المتقدمة التي تتطلبسرعات أعلى وزمن استجابة أقل.
ويعمل مشغلو الاتصالات أيضاً في مناخٍ اقتصادي يتسمبالتحديات التي تشمل ارتفاع أسعار الفائدة وتفاقم معدلاتالتضخم، بما يؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية وتآكل هوامشالربح. وفي مواجهة هذه التحديات، بدأ المشغلين بتعديل أسعارخدماتهم للمرة الأولى منذ العام 2017. ومن شأن ارتفاع تكاليفباقات الإنترنت وخدمات الهاتف المحمول أن يؤدي إلى تغيّر فيسلوك المستهلكين وانخفاض الإنفاق على خدمات الاتصالات، مماقد يحدّ من الطلب على هذه الخدمات، ويؤثر على نمو الإيرادات.
وفي ظل هذه التحديات، يمثّل إطلاق خدمات الجيل الخامس فرصةً كبيرة لتحقيق العديد من الفوائد، وأبرزها:
وفي العام 2024، حصل مشغلو الهواتف المتحركة في مصر علىتراخيص تشغيل شبكات الجيل الخامس، وبدأت التجارب التقنيةمنذ ذلك الحين، مع خطط لإطلاقها تجارياً على مستوى الدولة خلالعام 2025. وتشير الجاهزية التشغيلية للمشغلين إلى إمكانية تنفيذالانتقال نحو الجيل الخامس بسلاسة نسبية. وسيُسهم دمجخدمات الجيل الخامس في استعادة ثقة العملاء وزيادة زخمالسوق، خاصة مع استمرار شركات الاتصالات في تحديث البنيةالتحتية لشبكتها.
وإلى جانب تحسين جودة الخدمة وتوسيع التغطية، يمكن لتقنيةالجيل الخامس أن ترفع من ترتيب مصر في مؤشرات “النطاقالعريض المتنقّل” عالمياً. ومن خلال تقليص الفجوة مع دول الجوارمثل المغرب وتونس، ستتمكن مصر من تعزيز موقعها التنافسي فيالاقتصاد الرقمي العالمي. ويُعدّ هذا التقدم ركيزة أساسية ليسفقط لتطوير قطاع الاتصالات، بل أيضاً لترسيخ مكانة البلاد كمركزإقليمي للابتكار والتقدم التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسطوشمال أفريقيا.