الاستثمار فى النفايات الحصان الرابح نحو طاقة مستدامة

احتفالا بيوم الأرض العالمى "العالم اليوم" تنشر توصيات الخبراء ..

في يوم 7 مايو، 2025 | بتوقيت 9:25 ص

كتبت: شيرين سامى

دعوة إلى أصحاب القرار لمضاعفة الجهود والاستثمارات في مصادر الطاقة النظيفة..

حاتم الرومى :
تشريع قانون يلزم المستثمرين في الثروة الحيوانية بتدتشين وحدة بايو جاز لانتاج الطاقة و السماح بربطها بالشبكة القومية للكهرباء

️عبد المسيح سمعان:
تدوير طن واحد من الورق يوفر ٦٠١ كيلو وات /ساعة من الكهرباء و ٧٠ جالون من البترول

️• أحمد العوضى:
توجه عالمى نحو إعاده تدوير المخلفات النووية المستخدمة لانتاج الكهرباء

صلاح عرفه:
” الوعى و المعلم و الإعلام” مثلث التناغم الذهبي لمعالجة المخلفات و انتاج الطاقة المتجددة

هدرجة ثاني اكسيد الكربون الناتج عن الصناعات المختلفة أحد الحلول..

• مساعدة الباحثين المصريين فى تطبيق أبحاثهم العلمية محليا طبقا لطبيعة التكنولوجيا بالبيئة المصرية و توفير العملة الصعبة..

=======

يحتفل العالم بيوم الأرض العالمى فى ٢٢ أبريل من كل عام ، وهو يوم مخصص لرفع الوعي بأهمية حماية البيئة والحفاظ على موارد كوكبنا.
وهذا العام يتم الاحتفاء باليوم تحت شعار “قوتنا كوكبنا.. طاقة كوكبنا بأيدينا” ليذكّر العالم بأهمية التحرك الجماعي نحو مستقبل أكثر استدامة.
ويأتي هذا الشعار ليؤكد على أهمية الطاقة المتجددة كركيزة أساسية في حماية البيئة ومواجهة التغير المناخي.
وتدعو المبادرة جميع الأفراد والحكومات والمؤسسات إلى مضاعفة الجهود والاستثمارات في مصادر الطاقة النظيفة، بهدف مضاعفة إنتاجها بحلول عام 2030، بما يسهم في بناء كوكب أكثر أمناً وصحة للأجيال القادمة.
و يسلط يوم الأرض 2025 الضوء على التحول العاجل نحو الطاقة المتجددة كأولوية بيئية عالمية ، مع تصاعد حدة التغيرات المناخية وتفاقم آثار الاحتباس الحراري بشكل ملحوظ.
ويأتي ذلك تماشياً مع التوصيات والمخرجات التي صدرت عن مؤتمرات المناخ السابقة، فى مصر و الإمارات ، حيث تم التوافق على «معاهدة مضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030».
هذا بالإضافة إلى إلقاء الضوء على محطات تحويل المخلفات إلي طاقة.
و فى هذا الصدد ناقشت ” العالم اليوم” الخبراء المختصين لرصد توصياتهم فى يوم الأرض نحو طاقة مستدامة .

التوازن البيئى

فى البداية ، تحدث -المهندس حاتم الرومي رئيس مجلس اداره شركة تربل ام للطاقة، وصاحب التجربة الرائده لمزرعة ريف البحثية -عضو مجلس إدارة مركز بحوث الطاقة الجديدة و المتجددة بجامعة المنوفية، – عن اهمية الحفاظ على طاقه الكوكب من خلال الاهتمام بمنظومة تدوير المخلفات ، مشيرا إلى أن اسخراج الطاقه من المخلفات يحقق فكرة التوازن البيئي.
وحول أهم المشروعات التي تم تنفيذها بالفعل في مصر في هذا الصدد ، اوضح ان هناك مشروعات مشتهر و هى قائمه على تدوير المخلفات واستخراج الطاقه من خلال وحدة بايو جاز تقوم بتوليد 2 ميجا من الكهرباء و هو مشروع قائم على تدوير المخلفات الآدمية ، هذا بالاضافه الى مشروع محطة الجبل الاصفر والتي بها ايضا وحدة بايوجاز تنتج 20% من استهلاك المحطة للكهرباء .
وحول أهم التحديات التي تواجه منظومة المخلفات أكد انها تتمثل في ان جميع خطوط تدوير القمامه والمخلفات تقوم على الاستيراد، و بالتالى نعاني من مشكلتين رئيسيتين: اولها ان الاستيراد يحتاج لتوفير العمله الصعبه ،والمشكلة الثانيه هي ان المستثمر الأجنبى له بيئه مختلفه تماما عن البيئه المحليه وبالتالي فان اختلاف المناخ المحلي عن العالمي لا يؤتى بثماره في مثل هذه المشروعات، لذا يجب التوجه نحو تطبيق الأبحاث العلمية للعلماء المصريين داخل البيئة المحلية لأنهم اكثر الناس درايه بالبيئة المصرية وبالتالي هم قادرون على وضع تكنولوجيا مناسبة للبيئة المصرية. هذا بالاضافه الى ضرورة التوجه نحو تعميق الصناعة المحلية وتشجيعها لتفادي تكلفة النقل الكبيرة للمواد المستورده.
و طالب الرومي بوجود تشريع قانوني ملزم للمستثمرين في الثروة الحيوانية و مخلفاتها بتدتشين وحدة بايو جاز للمساهمه في ضخ الغاز الطبيعي بالشبكة ، بالإضافة الى وجود تشريع يسمح بربط هذه الطاقة المنتجة من وحدة البايو جاز بالشبكة القومية للكهرباء ،وبالتالي اطالب وزارة البيئة بوضع حوافز تشجيعية فى هذا الصدد .
وتطرق الرومي لنقطة اخرى ألا وهي اهتمام المراكز البحثية بالاتجاه لعمل دراسات جدوى لهذه النوعيه من المشروعات ،حتى وان كانت مجانيه لفتره من الزمن، وذلك لإعطاء المستثمرين الثقة فى امكانية تدشين وحدات بايو جاز ، وهذا يتطلب تشجيع الجامعات وتبني تطوير هذه المشروعات .
وفى ختام كلمته ، شدد الرومي على ضرورة وجود تكامل بين المراكز البحثيه والجامعات والجهات الصناعية لإحداث نقلة في منظومة تدوير المخلفات قائلا :”نحن لدينا قلاع صناعيه في مصر ومنها الهيئة العربيه للتصنيع والانتاج الحربي، ومن الممكن ان تقوم بعمل منظومة علمية تتبناها بالمشاركة مع المحليات ووزارة البيئة لنشر الوعي البيئي”. مشيرا إلى دور مزرعة ربف التابعه لشركه تربل ام للطاقة والتي تقوم بتسهيل البحث العلمي للباحثين ومساعدة الباحث بتوفير بعض المستلزمات لاتمام بحثه العلمى . حيث يجري الآن بالمزرعة بحث علمي يعمل على استغلال المخلفات الحيوانية وتحويلها لسماد عضوي موجه مزود بالنيتروجين والفوسفات، بالاضافة إلى مشروع بحثي اخر يعمل على توليد الطاقة من المخلفات الزراعية ؛ و ايضا مشروع” البايو ديزل ” و زراعة الزيوت التي تستخدم كوقود و زيوت للطائرات.

مثلث “الاقتصاد و السياسة و البيئة”

بدوره ، أوضح الدكتور عبدالمسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية جامعة عين شمس ،عميد معهد الإدارة ،أن موضوعات حماية الأرض و ترشيد استهلاك الطاقة و ازمة التغيرات المناخية قبل عشرين عامًا كانت بسيطة، ولم يكن لدى الناس الوعي الكافي تجاهها، مشيرًا إلى أنه في الوقت الحالي أصبح الوعي متزايدًا، لكن ما ينقص هو تحويل هذا الوعي إلى سلوك عملي.
و أضاف ، أن القضية الأساسية الآن ليست فقط في المعرفة، بل في القدرة على ترجمة هذا الوعي إلى تصرفات يومية تساهم في الحد من تأثير التغيرات المناخية، وتحقيق تغيير حقيقي يخدم البشرية.مشيدا بتقدم مصر في مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2025 حيث حققت المركز رقم 20 من بين 67 دولة تضمنهم المؤشر، مقابل المركز رقم 22 في العام السابق 2024.

وأشار د.عبد المسيح ، إلى أن شعار “يوم الأرض” هذا العام هو: “طاقة كوكبنا بأيدينا”، مؤكدًا أن الطاقة تمثل محورًا رئيسيًا في مواجهة التغيرات المناخية، من خلال محورين :
اولها ترشيد استهلاك الطاقة، و ثانى محور هو الانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وذكر الدكتور سمعان نبذة تاريخية عن “يوم الأرض”، موضحًا أنه يتم الاحتفال به في 22 أبريل من كل عام، وقد بدأ هذا التقليد عام 1970، بعد حادثة تسرب نفطي وقعت عام 1969 قبالة سواحل كاليفورنيا، أثارت القلق البيئي في الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن السيناتور الأمريكي “غايلورد نيلسون” قاد حينها حملة لحشد الدعم الشعبي لحماية البيئة، ونجح في جمع أكثر من 20 مليون أمريكي للخروج في مظاهرات سلمية، حيث شكل انطلاقة الاحتفال السنوي بـ”يوم الأرض” عالميًا.

و حول أهمية شعار هذا العام ليوم الأرض ، و الذى يستهدف الطاقة المتجددة، أكد ان الحفاظ على البيئة يتم من خلال مثلث ” الاقتصاد و السياسة و البيئة”،مشيرا الى ان استخدام الطاقة المتجددة يقلل من استخدام الوقود الاحفورى و من هنا لازلنا نتحدث عن اقتصاديات البيئة خاصة مع ارتفاع تكلفة الطاقة الجديدة و المتجددة، مشيرا الى ان التقنيات الحديثة حاليا فى مجال الطاقة المتجددة تخفض من تكلفتها .
و انتقل د.عبد المسيح بالحديث إلى اهمية القرارات الناتجة عن مؤتمرات المناخ لا سيما Cop27 المنعقد فى مصر مشيرا الى ان أهم مخرجات المؤتمر كان تدشين ” صندوق الأضرار و الخسائر” ، مشيدا بالمبادرات التى تم طرحها مثل ” التنمية النظيفة- المياه- برنامج نوفى +” .
كما تحدث عن اهمية النقل المستدام و اشاد بتوجهات الدولة و الفيادة السياسية نحو ترشيد استهلاك الطاقة من خلال التحول الى استخدام الغاز الطبيعى فى المركبات و توجه السوق المصرى لانتاج سيارات كهربائية محليا مما يساهم فى حماية البيئة و ترشيد استهلاك الطاقة.
و انتقل د.عبد المسيح إلى الحديث عن ملف المخلفات و دوره فى دعم الطاقة النظيفة و ترشيد الاستهلاك ،
مشيدا بقانون ٢٠٢ لعام ٢٠٢٠ الذى اصدرة الرئيس السيسيى ، و هو قانون يحدد عمل منظومة متكاملة من المخلفات و الذى انعكس بدوره على جودة إدارة منظومة المخلفات فى مصر.
و حول اهمية تدوير المخلفات اعطى د.عبد المسيح مثالا، حيث اشار الى ان تدوير طن واحد من الورق يوفر ٦٠١ كيلو وات /ساعة من الكهرباء ، و ٧٠ جالون من البترول ، و ١٠٠٠ جالون من المياه، و ٦٠ رطل من مخلفات تلوث الهواء ،كما يوفر قطع ١٧ شجرة لانتاج طن ورق .

الاقتصاد الدائرى

قال د.احمد العوضى استاذ مساعد بالعلوم الهندسية البيئية
كلية الدراسات العليا و البحوث البيئية ، مدير مركز التميز للاستدامة بجامعة عين شمس، ان حماية الأرض و الحفاظ على البيئة من خلال استخدامات الطاقة النظيفة يتم من خلال عدة محاور ، فعلى سبيل المثال، ان انتاج طاقة كهرباء من الطاقه النوويه يتم من خلال المواد المشعه للاستفاده من الحراره التى تولدها هذه المواد ، وبعد فترة من استخدام هذه المواد المشعه تفقد هذه الماده جزء كبير من الطاقه الحراريه بداخلها التي كانت تساعد على انتاج الكهرباء وبالتالي تصبح المواد المشعه مخلف نووي وهو مايسمى “الوقود النووي المستخدم”. و فى هذه الفتره تقوم الدول بتخزين الماده المشعه بشكل جاف و مبلل لمدة 40 عام ، و هناك دول تلجا لتقنيات مختلفة لدفن المخلفات النوويه مثل” فنلندا والسويد وكندا” .
و اضاف انه حسب ابحاث و تطبيقات قامت بها بعض الدول و من اهمها فرنسا والهند اكدت انه يمكن اعاده تدوير المخلفات النووية المستخدمة و امكان استخدامها مره اخرى سواء في نفس محطات انتاج الكهرباء او محطات اخرى وذلك طبقا للتركيز الاشعاعي داخل المواد المشعه، كما ان هناك بعض المواد المشعة من الوقود المستخدم التى لها استخدامات فى المستلزمات الطبيه، و ذلك من شانه تقليل جميع التاثيرات السلبيه على البيئه، و تعد هذه اهم اغراض الاستخدامات السلمية للطاقة و تعد من أهم مميزات الاقتصاد الدائري .

على جانب اخر ، اشار د. العوضى، الى انه يمكن استخراج الهيدروجين الاخضر (الهيدروجين الذى يتم استخراجه بالاعتماد على طرق تحافظ على البيئة)، باتباع الاقتصاد الدائري بدلا من الاعتماد على استخدام المياه، من خلال هدرجة ثاني اكسيد الكربون عند التقاط الكربون الناتج من الصناعات المختلفه مثل مصافي النفط ، التى تشكل احد اكبر مصادر انبعاثات ثانى اكسيد الكربون والتي يخرج عنها ايضا كميه كبيرة من الهيدروجين بجانب ثاني اكسيد الكربون ومن ثم فإن هدرجة ثاني اكسيد الكربون تساهم في انتاج منتجات جديده من الوقود المخلق الذي يمكن المصانع كثيفة استهلاك الطاقه من استخدام وقود مخلق بديل دون الحاجه الى مصادر تقليدية وهو ما يقلل التأثير على البيئه من خلال التقاط ثاني اكسيد الكربون والاستفاده من الهيدروجين الناتج عن الصناعات كثيفة استهلاك الطاقه و يؤدى الى تقليل تكلفة استخدام مصادر الوقود التقليديه وهو ما يؤثر بشكل ايجابي على البيئه ويخفض من التاثيرات السلبيه.

الرؤية و التحديات

الدكتور صلاح عرفة أستاذ العلوم بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وعضو مجتمع مدني مصر و المستشار العلمى لمحافظ الشرقية ، و صاحب اشهر مشروعات التنمية المستدامة و الطاقة الشمسية بقرية البسايسة .- اكد أن اهم التحديات التى تواجه مشروعات تدوير المخلفات وانتاج الطاقه المتجددة هى عدم نقل المعرفه لمن يحتاجها في قضية البيئة والتنمية المستدامة؛ مشيرا الى ان ما ينقصنا هو التوعية البيئية وتوفير التسهيلات اللازمة لاقامة مشروعات صغيرة صديقة للبيئة. واضاف: من هنا يجب علينا تدريب الشباب على مشروعات تدوير المخلفات لانتاج الطاقه النظيفة بالاضافه الى الوعي بطريقه الاستخدام وانتاج الطاقه المتجددة. و تحدث د.عرفه حول ما اطلق عليه ” مثلث التناغم الذهبي” لمعالجة المخلفات و انتاج الطاقه المتجددة ألا وهو مثلث” الوعي، المعلم ،الاعلام” ، موضحا انه بدون التوعية البيئية و دور المعلم فى نقلها للتلاميذ و من ثم دور الإعلام فى نقلها للرأى العام ، لن نستطيع الوصول لمشروعات صديقة للبيئة و لا نستطيع التعريف بالمخاطر التى تواجه البيئة و مدى أهمية الحفاظ على البيئة كحق للأجيال القادمة.
و اشار د.عرفه الى اهميه الحوار المجتمعي والذي تم تطبيقه بقرية البسايسه بالنزول الى الاهالي بالمنازل وتوصيل الافكار الصديقة للبيئه لهم .حيث شدد على اهميه مشاركة الطفل والمرأة ، لأن المرأى هي اساس الوعي بالمنزل وحجر الاساس.
وحول فكرة مشروع البسايسة الذى يعد أحد أشهر المشروعات التي تبناها د.عرفة. – تعود نقطة انطلاق المشروع إلى السبعينات، وقد حاز المشروع شهرة كبيرة على مستوى العالم وذلك لكونه نموذج لأحد أنجح مشروعات التنمية المستدامة في مصر.
و بدأ مشروعه منذ خمسون عام، حيث تضمن برنامجه عقد دورات تدريبية في الزراعة، وفي كيفية الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الخاصة بالقرية، وقدم تقنيات جديدة أخرى مثل إعادة تدوير المخلفات الزراعية لإنتاج الغاز والطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء والحرارة، ليرسى قواعد جديدة لإنشاء مجتمع جديد ايكولوجى- صحراوى وصديقاً للبيئة.