اقتصاديون ورجال اعمال: فرصة ذهبية أمام مصر لجذب استثمارات وتوطين الصناعة ..رهن بتحرك حكومي عاجل لحسم تحديات الاستثمار

هاني توفيق : يجب تسهيل إجراءات الاستثمار ومجابهة البيروقراطية ومنح الأرض والوقود مجانا... عبلة عبد اللطيف : التحدي الأكبر هو التنافسية وليس التعريفات الخارجية..وعلينا تنفيذ إصلاح مؤسسى عميق وسريع

طارق توفيق ،:مصر بحاجة إلى تبني استراتيجية صناعية طويلة الأمد تشمل تطوير المناطق الصناعية وتحفيز الاستثمار في الصناعات المتقدمة

في يوم 15 أبريل، 2025 | بتوقيت 7:41 ص

كتب: مني البديوي

 

” استغلال الفرصة ..والتحرك العاجل بالخطوات الداعمة لجذب الاستثمارات الاجنبية وتوطين الصناعة بمجابهة التحديات المتواجدة ..” …تلك كانت هي أبرز توصيات كبار الخبراء للحكومة المصرية بعد التعريفة الأمريكية الجديدة التي تم اتخاذها وما عقبها من تعريفات اخري وتصريحات هنا وهناك من الدول المختلفة شرقا وغربا ، ليتفق الجميع علي تواجد فرصة كبري لمصر يمكن استغلالها لجذب استثمارات اجنبية وتوطين صناعات مهمة بغرض التصدير شرط التحرك السريع وتحسين مناخ الاستثمار ومجابهة أية معوقات متواجدة.

حيث ، اكد الخبير الاقتصادي البارز هاني توفيق انه سواء هناك تعريفات جمركية سيتم تطبيقها من الولايات المتحدة الأمريكية ام لا فان مصر عليها ضرورة العمل علي توطين الصناعة وتحفيز الاستثمار للنهوض بالوضع الاقتصادي للبلاد.

وقال في تصريحات ل ” العالم اليوم” ان التعريفة الأمريكية والتي تم تأجيل تطبيقها لمدة 90 يوم خلقت فرصة ذهبية لمصر لاجتذاب استثمارات الدول التي فرض عليها تعريفات كبيرة وفي مقدمتها الصين لضخ استثمارات تصنيعية والعمل في مصر .

وشدد علي اهمية التحرك العاجل واتخاذ الخطوات اللازمة التي من شأنها ان تسهم في جذب استثمارات اجنبية خاصة بالمناطق الحرة للتصدير الي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

وأكد أن جذب الاستثمارات وتوطين الصناعة يتطلب ضرورة إزالة البيروقراطية المتواجدة وتعدد جهات الولاية ، وتسهيل إجراءات الاستثمار، ومنح الأرض والكهرباء والوقود “مجانا “للمستثمرين كي يتم الإنتاج والتصدير كما فعلت دول مثل المغرب لجذب وانعاش حركة الاستثمارات لديها .

واستطرد : ان انعاش وجذب الاستثمارات يتطلب ايضا ضرورة الاهتمام بالتعليم الفني حتي يتم إيجاد كوادر فنية مؤهلة للعمل والاهتمام بالنظام القضائي .

وفي ذات السياق وخلال ندوة موسعة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية تحت عنوان “ما التأثير المتوقع على مصر للجمارك الجديدة التي فرضها ترامب؟”، أكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن مصر لاعب صغير جدًا في التجارة العالمية حيث ان حصتها لا تتخطى 0.26%، كما أنها تمتلك إمكانات تصديرية – غير مستغلة – ضخمة للولايات المتحدة في قطاعات كثيرة مثل (الأسمدة، الآلات، الفواكه، البلاستيك، إلخ)، مشيرة الي ان الصادرات الفعلية لاتزال ضئيلة مقارنة بالإمكانات حيث تصل الفرص التصديرية غير المستغلة فى قطاع الأسمدة على سبيل المثال 81%، وقطاع الآلات نحو 98%، باستثناء قطاع الملابس الجاهزة الوحيد الذى يستغل الإمكانات التصديرية للولايات المتحدة بشكل كبير (99% محقق)، لكن حصة مصر في سوق الملابس الأمريكي ظلت صغيرة جدًا حتى عندما كانت التعريفات شبه صفرية، مما يشير إلى مشكلات تتعلق بالتنافسية تتجاوز مسألة التعريفات.

وشددت عبد اللطيف على أن حصة مصر الضئيلة في السوق الأمريكي حتى مع التعريفات الصفرية السابقة تؤكد أن التحدي الأكبر هو التنافسية الداخلية وليس فقط التعريفات الخارجية، وقد تخلق التعريفات فرصًا لمصر إذا تضررت دول أخرى أكثر، لكن اغتنام هذه الفرص يتطلب استعدادًا داخليًا لتحسين شروط الاستثمار واللوجستيات للاستفادة من رغبة الدول المتضررة لنقل استثماراتها فى مصر والتصدير إلى الولايات المتحدة، وهناك حاجة ملحة للتحرك بسرعة فائقة لتنفيذ إصلاحات داخلية عميقة وشاملة لتعزيز الصادرات وبناء المرونة لمواجهة التحديات الخارجية.

وأشارت إلى نتائج دراسة أجراها المركز باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي إلى إمكانية زيادة نسب الصادرات بشكل كبير فى قطاع الملابس الجاهزة وهو ما يمكن تطبيقه على كافة القطاعات، إذا تم إجراء بعض الإصلاحات، حيث أظهرت أن رفع كفاءة الموانئ لتصل إلى كفاءة ميناء القاهرة الجوي لتقليل وقت الإفراج عن الواردات يؤدى إلى زيادة صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 25.9%، كما أن تبسيط الإجراءات إلى مستوى “ورق الكرتون” – الذى يحظى بأبسط إجراءات ولا يتطلب جهات رقابية – يقلل وقت الإفراج الإجمالي بنسبة 62.8% ويعزز الصادرات بنسبة 21%.

وشددت على ضرورة إصلاح منظومة دعم الصادرات حيث أن تقليل تأخير الصرف من 14.7 شهرًا (المتوسط حاليا) إلى 15 يومًا يرفع الصادرات بنسبة 3-6%.، وهو ما يتطلب ميكنة عمليات الصرف لتتم خلال 15 يوما والقضاء على تأخير صرف المستحقات، كما دعت الدراسة لخفض تكاليف التخليص الجمركي وزيادة الشفافية، وتفعيل الدفع الإلكتروني، ومعالجة الرسوم غير الرسمية، وتوحيد التقييم الجمركي، وتحسين مناخ الاستثمار بشكل عام.

واكدت أنه أيا كان السيناريو المتوقع حدوثه خلال الفترة المقبلة ، فإن تنفيذ إصلاح مؤسسى عميق وشامل وسريع هو السبيل الوحيد لمصر لتعزيز قدرتها التنافسية ومواجهة “تسونامي ترامب” المحتمل وأي تحديات تجارية مستقبلية بفعالية، مختتمة قولها بأنه: “لا يوجد وقت لنضيعه”.

وقال المهندس طارق توفيق نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية ورئيس غرفة التجارة الأمريكية أنه على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مجالات مثل البنية التحتية والطاقة في مصر إلا أن الاقتصاد المصري لا يزال يعتمد بشكل كبير على الأنشطة الريعية مثل بيع الأراضي والموارد الطبيعية.

وأكد أن مصر بحاجة إلى تغيير طريقة التفكير من التركيز على صفقات سريعة إلى تبني استراتيجية صناعية طويلة الأمد، تشمل تطوير المناطق الصناعية وتحفيز الاستثمار في الصناعات المتقدمة.

وأشار توفيق إلى أهمية تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، موضحًا أن القطاع الخاص يجب أن يتحمل جزءًا أكبر من عبء الدين الخارجي، بدلاً من أن يكون العبء كاملاً على الدولة.

وأكد أن مصر بحاجة إلى أن تكون أكثر مرونة في تخصيص الأراضي وتحفيز الاستثمارات الصناعية لتسريع النمو الاقتصادي.

واكد عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن الأزمات العالمية رغم تحدياتها يمكن أن تخلق فرصًا جديدة للاقتصاد المصري إذا تم التعامل معها بحكمة وسرعة.

وقال مهنا: “أحيانًا الأزمات تخلق فرصًا جديدة، وهذا ما نراه اليوم. الأزمة الحالية قد تكون فرصة لمصر إذا استطعنا أن نكون سريعين في التحرك ونحسن مناخ الاستثمار.”

وأوضح أن خروج الأموال الساخنة من مصر قد يكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد، حيث يعطي البلاد الفرصة لإعادة التفكير في استراتيجياتها المالية.

وأضاف: “قد نرى في خروج الأموال الساخنة فرصة لتغيير توجهاتنا، خاصة فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة، بحيث نتمكن من دعم القطاع الخاص بشكل أكثر إيجابية وزيادة الإنتاج والاستثمار.”

وأشار مهنا إلى أن القطاع الخاص يعاني حاليًا من صعوبة الوصول إلى الائتمان، وهو ما قد يمثل فرصة لتحسين السياسات البنكية وتشجيع القطاع الخاص على النمو. وقال: “البنوك تعتمد بشكل كبير على أذون الخزانة، وهذا يجعلها أكثر تأثراً في ظل الظروف الحالية. لكننا إذا قمنا بتخفيض أسعار الفائدة يمكننا خلق بيئة أكثر دعمًا للقطاع الخاص.”

وفيما يتعلق بالاستثمارات في قطاع اللوجستيات، أكد مهنا أن مصر قد استثمرت بشكل كبير في هذا القطاع، وهو ما قد يعزز من قدرتها على الاستفادة من التغيرات في مسارات التجارة العالمية.

وأضاف: “لقد استثمرنا في الموانئ بشكل كبير، وهذه الاستثمارات كان متوقعا أن تحقق عوائد إيجابية، لكن إذا حدث ركود عالمي، قد يكون لذلك تأثير سلبي. ومع ذلك، فإن التغييرات في مسارات التجارة العالمية قد تمثل فرصة جديدة لمصر.”