د. عماد محمد مجاهد : ولعلكم تشكرون
في يوم 28 مارس، 2025 | بتوقيت 3:27 م

كتبت: شيرين محمد
قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة من الآية:185]، لمَّا ذكر اللهُ تعالى أحكامَ الصيام وفِقْهَه، وعَزائِمَه ورُخَصَه، أمر عبادَه إذا أكملوا عِدَّةَ الشَّهرِ وأتمَّوا صيامَه أن يكبِّروه شُكراً على ما هداهم إليه من الصيام وغيره من الطاعات، وهكذا أمر اللهُ تعالى مَنْ هَدى مِنْ عِباده أن يشكروه على ما هداهم؛ لأَنَّه أعطاهم ما لم يُعْطِ غيرَهم، وفَضَّلهم واختصهم .
ويسن التكبير في ليلتي العيد: عيد الفطر وعيد الأضحى، وصيغته: الله أكبر الله أكبر، وهذا التكبير غير مقيد بالصلوات بل هو مستحب في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، ويبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد، وينتهي بخروج الإمام إلى مصلى العيد للصلاة .
والمراد بهذه الهداية التي أمر اللهُ المهتدين بشكرها هدايةُ التَّوفيق التي معناها خَلْقُ قُدْرةِ الطاعة، لأَنَّ الهداية أنواع: هدايةٌ عامة: وهي هدايةُ المخلوقات كُلِّها لما هي ميسَّرةٌ له كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:3]، وهدايةُ البيان والدلالة والإرشاد، والمراد بها دلالةُ الإنسان على طريق الخير والشر، وتعريفُه الحقَّ والباطل، والهُدى والضَّلال، والغيَّ والرَّشاد، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10] .
أما الشكر: وقد اختلفت عباراتُ العلماء في معنى الشُّكر، فالشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، فأمَّا الشُّكرُ بالقلب فهو الاعتقادُ والاعتراف، والمحبَّة والانقياد والخضوع، بمعنى أن يكون القلبُ معتقداً ومعترفاً بأنَّ ما بالعبد من نعمة فمن الله وحده لا شريك له، لذلك يُحبُّ المُنْعِمَ مَحَّبةً تستلزم الخضوعَ والانقيادَ والتسليمَ لأمره، وأمَّا شكر اللسان فيكون بالاعتراف بالنعم والتَّحدُّثِ بها والثناءِ على الله من أجلها، كما قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]، وأن يكثر العبد من قول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف من الآية:43]، وأَمَّا الشكر بالجوارح فهو: أن يُسَخِّرَها في طاعة الله وينهاها عن معصيته فيكون نظرُه في آيات الله المنظورة والمقروءة، وسَمْعُهُ لآيات الله المسطورة والمكتوبة، ويدُه في الخير ممدودةٌ وعن الشَّرِّ مقصورة، ورِجْلُه إلى الخير تسعى وهكذا، وعلى العبد أن يستعين بالله على شكره، وقد جرتْ سُنَّةُ اللهِ تعالى بجعل قَبُوِل هدايةِ الأنبياء سبباً لهداية التوفيق فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس:9]. فلمَّا سمعوا دعوةَ الرسول إلى الإيمان فآمنوا هداهم اللهُ ووفَّقهم وشرح صدورَهم للإسلام وحبَّب إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم وكرَّه إليهم الكُفْرَ والفُسوقَ والعِصيان وجعلهم من الراشدين، ولذلك قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17]، وقال تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم من الآية:76].
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.
د/ عماد محمد مجاهد
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف